آخر الأخبار
سياسي عراقي يكشف أسباب الزيارات المكوكية التي تشهدها العاصمة بغداد لونا الشبل.. سقوط الأسد يكشف خفايا مصرعها رعب وغضب... سماء نيوجيرسي تحت سيطرة "مخلوقات فضائية" او "سفينة ام إيرانية" الرصد الزلزالي يوضح بشأن ما يحدث في الشرقاط مصدر بالخارجية الإيرانية لـ"بغداد اليوم": سفارتنا في سوريا ستبدأ نشاطها قريباً

"فضيحة" لكبرى وسائل الاعلام الاميركية

تحقيق: الجلبي "غذى الاعلام الأمريكي بالاكاذيب" لتحقيق غزو العراق لمصالح "شخصية"

+A -A

بغداد اليوم -  ترجمة

كشفت صحيفة الفورين افايرز الامريكية عن معلومات جديدة تتعلق بالحرب على العراق والدور الذي لعبه الاعلام في التمهيد لغزو البلاد عام 2003، مبينة ان معظم المعلومات التي اعتمدت عليها وسائل الاعلام الامريكية والإدارة في واشنطن لتبرير الحرب كانت "مزيفة" واتت من مصدر واحد فقط. 

وبين تحقيق الصحيفة الذي ترجمته (بغداد اليوم)، ان فريق شركة نايت رايدير للاعلام، احد اكبر المجموعات الإعلامية السابقة في الولايات المتحدة والتي كانت تنشر 32 صحيفة قبل شرائها عام 2006، اتخذت موقفا "متشككا" من المعلومات التي كانت تستخدمها الإدارة الامريكية لربط العراق بتنظيم القاعدة الإرهابي، والادعاءات التي اطلقتها بامتلاك النظام السابق أسلحة دمار شامل. 

ذلك الموقف دفع بالفريق الى "مواجهة مباشرة" مع وزير الدفاع الأمريكي حينها دونالد رامسفيلد، والذي هدد احد مدراء الصحيفة واشهر المراسلين عن حرب فيتنام السابقة في الولايات المتحدة جو غالواي، باتخاذ اجراء قانوني ضده وضد الفريق الإعلامي في حال استمر بموقفه "المعادي" للخطاب الرسمي الأمريكي، الامر الذي رفضه غالواي ومجموعة صحف نايت رايدر. 

شكوك الشبكة الامريكية حينها، قادت الى رفع السرية عن مجموعة من العوامل التي أدت الى غزو العراق بشكل غير قانوني، حيث كشف تحقيق الفورين افايرز عن تلك الحقبة وعمل الشبكة، الى تسمية "احمد الجلبي" وفريقه فيما يعرف باسم "المؤتمر الوطني العراقي" كالمصدر الأساس لكافة المعلومات "المزيفة" التي استخدمتها الإدارة الامريكية لتبرير الحرب. 

وفي اطار سرد التفاصيل، بين التحقيق، ان الإدارة الامريكية وفي الثاني والعشرين من سبتمبر، بعد احد عشر يوما فقط من الهجوم على برجي التجارة العالميين، بدات تفكر جديا في "احتلال العراق"، واحتاجت لذلك كافة الدعم الإعلامي الذي يمكن ان تحصل عليه لتبرير ذلك الاحتلال، كون العراق ونظامه السابق، لم يكن مرتبطا باي شكل من الاشكال بتنظيم القاعدة، او الهجمات التي وقعت على الولايات المتحدة الامريكية، بحسب التحقيق. 

الإدارة الامريكية، وفي اطار تحقيق ذلك، أرسلت مدير السي أي ايه السابق جايمس وولسي الى وايلز في بريطانيا، حيث اقام فريق عمل يهدف الى "إيجاد ادلة تربط الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين بتنظيم القاعدة الإرهابي والهجوم الذي وقع على الولايات المتحدة الامريكية"، تلك المساعي فشلت بحسب الصحيفة. 

امال "تبرير غزو العراق" تجددت بعد أيام فقط، حيث ظهر الى الصورة السياسي المعارض احمد الجلبي وفريقه المعروف باسم المؤتمر الوطني، والذين عرفهم التحقيق على انهم "معارضة سياسية خارج العراق لنظام صدام"، مؤكدة بحسب كاتب التحقيق ومدير مكتب رايدر نايت في واشنطن السابق جون والكوت، ان مقابلته مع الجلبي وفي وقت سابق عبر صديق، اثبتت له ان هذا الشخص ليس جديرا بالثقة، موضحا "قلت لصديقي الوسيط حينها،  اني سأعد بقايا الفكة ان قام هذا الشخص باعطائي إياها"، في إشارة الى عدم ثقته بالجلبي. 

ما تبع ذلك بحسب تحقيق والكوت، ان الجلبي والمؤتمر الوطني العراقي، بدأوا بــ "تغذية الاعلام والحكومة الامريكية بالاكاذيب حول تورط حكومة صدام حسين بدعم تنظيم القاعدة الإرهابي، وامتلاكها أسلحة دمار شامل"، مشددا "الجلبي ومجموعته كانوا متحمسين لفكرة السيطرة على العراق وموارده النفطية الهائلة بوضوح". 

تلك المعلومات "الكاذبة"، تضمنت اخبار وسائل الاعلام والاستخبارات الامريكية، بان صدام حسين تواصل مع زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي أسامة بن لادن عبر سفير العراق في تركيا حينها، فاروق حجازي، والذي ارتحل الى أفغانستان لمقابلته، مؤكدا "على الرغم من ان تلك المعلومات دقيقة، الى ان حجازي حمل عرضا لبن لادن باللجوء الى العراق، الامر الذي رفضه الأخير لعدم ثقته بصدام"، قبل ان يوضح ان الخلافات بين صدام "الدكتاتور العلماني وأولاده مدمني الخمر ومطاردي النساء، لا يتوافق فكريا مع الفكر الجهادي السلفي الذي يحمله بن لادن وتنظيمه"، بحسب وصفه. 

وعلى الرغم من ان المعلومات كانت "كاذبة" بحسب التاكيدات التي حصلت عليها نايت رايدر، وادت الى رفضها نشرها، الا ان وسائل الاعلام الامريكية كانت "متحمسة جدا لنشر أي أكاذيب تحصل عليها بهدف الدفع نحو الحرب ضد العراق، مشدودة بالكراهية والرغبة بالانتقام عن الاحداث التي وقعت داخل الولايات المتحدة في سبتمبر عام 2001"، بحسب وصفها. 

تلك المحاولات لم تتوقف عند المعلومات الكاذبة الأولى التي نفيت من قبل ضباط الاستخبارات الأمريكيين الذين اكدوا لشبكة نايت رايدر حينها، ان استخبارات احد الدول العربية كانت تملك عملاء داخل مخيم بن لادن، اكدوا لها رفض الأخير اللجوء الى صدام حسين بعد احداث سبتمبر، لكنها تعدتها أيضا الى محاولة أخرى حاول الجلبي والمؤتمر الوطني من خلالها دفع الراي العام الأمريكي لتاييد مساعي واشنطن لغزو العراق، تمحورت حول ابلاغ وسائل الاعلام الامريكية بوجود "معسكر لتدريب الإرهابيين من قبل نظام صدام يعمل في منطقة سلمان باك، ويدربهم على اختطاف الطائرات". 

التحقيق اكد "بعد التواصل مع ضباط السي أي ايه الامريكية، اكدوا لشبكة نايت رايدر حينها انهم كانوا يراقبون ذلك المعسكر، ولم يكن يدرب إرهابيين على اختطاف الطائرات، بل قوات امنية رسمية على مكافحة اختطاف الطائرات، وعند سؤالهم عن السبب الذي يدفع صدام لتدريب قواته على مكافحة اختطاف الطائرات، اكدوا للشبكة حينها، ان نظام صدام كان قلقا من ان يستهدف بن لادن العراق بذات الطريقة التي استهدف بها برجي التجارة العالميين". 

ومع فشل محاولتي الجلبي والمؤتمر الوطني السابقتين لتمرير القصص بشكل واسع، الا ان الاعلام الأمريكي وبحسب تحقيق الفورين افايرز "ابتلع تلك المعلومات الكاذبة، ونشرها بشغف"، مؤكدا "الجلبي وفريقه اثبتوا نجاحا منقطع النظير في التاثير على الاعلام الأمريكي وقيادة الراي العام نحو مصالحهم بغزو العراق والتي توافقت حينها مع رغبات العديد من المسؤولين داخل إدارة بوش"، بحسب وصفه.

نشر وسائل الاعلام الامريكية وتكرير الساسة الأمريكيين للاكاذيب التي اطلقها الجلبي وفريقه، على الرغم من "النفي المستمر من المختصين الاستخباراتيين والوكالات الاستخباراتية الأمنية الرسمية لتلك الأكاذيب"، قاد في النهاية الى تحول الجلبي ومن معه من محاولة ربط صدام حسين ونظامه باسامة بن لادن وتنظيمه، الى ادعاء امتلاكه لأسلحة دمار شامل. 

صحف مثل النيويورك تايمز والواشنطن بوست وشبكات مثل السي ان ان وفوكس وغيرها، حرصت على تكرار المعلومات الكاذبة التي كان مصدرها الجلبي "رغم معرفة الكثير منهم انها مزيفة"، بحسب وصف والكوت الذي قدم شهادته الكاملة عبر التحقيق، لتتناول لاحقا المعلومات الكاذبة الأخرى، والتي كانت أهمها ادعاء شراء نظام صدام لــ "انابيب المونيوم" تستخدم في تخصيب اليورانيوم، والتي بنت على أساسها الإدارة الامريكية ادعاءاتها بامتلاك العراق أسلحة دمار شامل، في ذات الوقت الذي كانت فيه المؤسسات العلمية المختصة مثل شركة الطاقة في اوك ريدج ووكالة الاستخبارات الامريكية "تنفي بشكل قاطع إمكانية ان تستخدم تلك الانابيب لأغراض تطوير اليورانيوم او تخصيبه". 

بكل حال، الإدارة الامريكية "تلقفت أكاذيب الجلبي فيما ابتلع الاعلام الأمريكي بشكل عام كل ما قدمه الجلبي وعرضته على الراي العام الأمريكي كحقائق، قادت في النهاية الى صراع داخل الحكومة الامريكية بين من يؤيد اسقاط نظام صدام واحتلال العراق باستخدام المعلومات المزيفة، وبين من عارضها، انتهى بها المطاف بإبلاغ رسمي من مكتب الرئيس الأمريكي عام 2002، انه قرر غزو العراق، وان على جميع مؤسسات الدولة الامريكية العمل على بيع الحرب للشعب الأمريكي وبكل الطرق". 

وسائل الاعلام الامريكية التي ما تزال حينها "تنشر الوقائع والحقيقة بعيدا عن طبول الحرب التي كانت تقرعها الإدارة الامريكية وتسخر لها أكاذيب الجلبي والاعلام الأمريكي"، تعرضت الى حملة معارضة وصلت الى سحب الإعلانات منها، بهدف اجبارها على الاغلاق، الامر الذي تحقق عام 2006 بعد ان فقدت مجموعة نايت رايدر استقلالها، عقب شرائها من شبكة إعلامية اكبر. 

تلك الأكاذيب،  ما تزال تاثيراتها شاخصة اليوم على الاعلام والسياسة الامريكية، التي فقدت بشكل كامل ثقة العامة بها، وتحولت الى منصة للسلطات الامريكية تمرر من خلالها اجندتها وتوظفها لتحقيق غاياتها ونشر خطاباتها دون تحدي او مراجعة، حتى اليوم "لم تتعلم وسائل الاعلام الامريكية من سيناريو العراق، وبعد عشرين عاما على الغزو والدمار، تستمر في نهجها بتدمير الذات"، مشددة في ختام التحقيق "شبكة نايت رايدر أعلنت افلاسها عام 2020، وترك الاعلام الأمريكي الكاذب، مستمرا بالعمل، لتترك رسالة أخيرة الى العالم، ان اردت معرفة ما يجري في الشارع، اسال رجل الشرطة على ناصية الشارع، وليس المحافظ، او قائد الشرطة"، بحسب وصفها.