آخر الأخبار
القبض على متهم قتل شقيقه في بغداد امريكا "منزعجة" من مقابر غزة الجماعية ومستوطنات الضفة محافظ وعضو مجلس في وقت واحد.. الطعن بعودة التميمي محافظًا لديالى لتصريف الاعمال تشافي يعدل عن قرار الرحيل ويقرر البقاء مع برشلونة البرلمان يستجيب لدعوة الصدر بتشريع قانون "عطلة عيد الغدير"

صور

قصة راقصي هيب هوب عراقيين وجدوا ظالتهم في المعهد الثقافي الفرنسي

محليات | 17-03-2023, 21:13 |

+A -A

بغداد اليوم-متابعة

أقام المعهد الثقافي الفرنسي في العراق عرضا لفرقة الـ (بي بويز) التي تضمُ مجموعةً من راقصي الهيب هوب من الشبابِ العراقيين على مدى يوميين متتاليين، حيث تولى تدريبَ أعضاءِ الفرقةِ وتصميمِ الرقصات، مصمما الرقص الفرنسيانِ مراد مرزوقي وكولين صبري، في الوقت الذي وصف اعضاء الفرقة مبادرة المعهد بـ"المقدسة" بسبب معاناتهم بعدم الاعتناء بهذه الرياضة وتوفير اماكن لها في العراق.

وكالة مونتكارلو الدولية نقلت قصة فرقة راقصي الهيب هوب من الشباب، مقتبسة من احاديثهم: "أتمنى أن ازيل فكرة عدم وجود رياضة البيبونك في بغداد، لأن الرياضة الوحيدة المشهورة في العراق هي كرة القدم، أتمنى أن تُفتتح في بغداد مدرسة خاصة بتعليم فن الهيب هوب والبيبونك، حتى يستطيع الكثير من الراقصين أن يقدّموا عروضاً جميلة." 

كانت هذه عبارات قالها راقصو الهيب هوب وهم يعبرون عن طموحِهِم ورغبتِهم بالاستمرار ِفي احترافِ رقصِ الهيب هوب. أسسوا فرقتَهم الخاصةَ وأطلقوا عليها اسمَ ( بي بويز). وهكذا جزءٌ من حلمِهم بدأ يتحققُ عندما قامَ المعهدِ الثقافي الفرنسي بإحضارِ مدربين متخصصين لإعطائِهم دروسا في فنِ رقصِ الهيب هوب، ليقدموا في النهايةِ عرضا أبهر الحضور. أحدُ اعضاءِ الفرقةِ زياد طارق تحدث لنا عن الصعوباتِ التي تعرضوا لها وصولا الى تقديمِ عرضِهم.

"تعلمنا في الشارع. لم يكن لدينا مكان للتدرّب فيه، ما قدّمه المعهد الفرنسي لنا شيء مقدس لأنهم وفّروا لنا مكاناً للتدرب واحترموا رياضة الـ(بي بوي) و(البريك دانس). صدقا كانت معجزة أن نتمكن من خلال التدريب لمدة ثلاثة أيام فقط أن نقدّم هذه اللوحة من الرقصات."

 


تقول مونتكارلو إن "هؤلاء الشباب ومن خلال الحديث مع عدد منهم تبيّن لنا بأن جميعهم يدرسون ويعملون للإنفاق على أنفسهم. إضافة الى عدم إهمالهم لتدريباتهم على فن الهيب هوب كي يصبحوا  يوما ما محترفين يؤدون العروض على مسارح عالمية."

كانتِ الرقصاتُ التي أدّاها أعضاء فرقةِ بي بويز مع أحدِ مدربيهم وهو كولين صبري، تضمُ حركاتٍ تجعلك وأنت تنظرُ اليهم كأن اجسادَهَم خاليةً من العظامِ. فهم يتحرّكون بطريقةٍ تدعو للدهشةِ. بعضُ الراقصين جعلَ من جسدِه كتلةً واحدةً معلقةً في الهواءِ تستندُ على خمسةِ أصابع فقط وراح يقفز.


غابَ عن الفريقِ عضوٌ نسائي، فجميعُ أعضاءِ الفرقةِ من الذكورِ. عن ذلك يحدثنا مدربُ الفريقِ مراد مرزوقي وهو مصممُ رقصاتٍ فرنسي من أصولٍ جزائرية.

 

" كنت أتمنى أن يكون العنصر النسائي موجوداً من أجل  التنسيق بين الجنسين. ولكن مع الأسف لست أنا من يقوم باختيار الشخصيات، وربما - وهذا شخصي من عندي - هناك صعوبة في الاستحصال على العنصر النسوي في مثل رقصات كهذه في بغداد. "    

 

وأوضح مرزوقي قائلاً " الرقصات التي رأيتموها اليوم  لم أركز من خلالها على إعطاء رسائل بقدر ما ركزت أن تكون هذه الرقصات تشير إلى لغة الجسد العالمية التي تعبر الحواجز والحدود واللغات من أجل أن تكون لغة عالمية مفهومة من قبل جميع البلدان في جميع أقطاب العالم". 

 

مرزوقي أدخله والده في سن مبكرة الى مدرسة متخصصة تعلّم فيها رقص الهيب هوب، ومنذ ثلاثين عاما وهو يرقص ويدرّب على الرقص ويصمّم الرقصات وأخبرنا بأنه مستمر وسيستمر في ذلك.

 

وفي ما يتعلق بمسيرته في التدريب مع أعضاء فرقة ( بي بويز ) وما يتوقعه لهم قال مرزوقي " حقيقة ما أثر بي وأهم شيء عندي هو التزامهم وحماسهم في الاستمرار من أجل التواصل ونقل كفاءتهم الى الجمهور. هؤلاء الشباب يقومون بعمل رائع ومميز وأنا أتمنى أن يستمروا بهذا الإبداع بحيث يستطيعون بعد ذلك نقل رسائل خاصة الى المجتمع وتكون لغة حوار تقربهم من المجتمع". 

 

المديرة المخولة في المعهد الفرنسي في العراق والملحق الثقافي للسفارة الفرنسية لورانس لوفاسيغ قالت لمونت كارلو "أهم شيء بالنسبة لنا أننا نركز على الشباب العراقيين من أجل مد جسور لهم بحيث يستطيعون أن يصلوا الى آفاق تبرز إمكانياتهم وإبداعاتهم، ونحن نسعى الى دعم هؤلاء الشباب ولكن ليس على حساب الناحية الاجتماعية، لأننا نحترم الأعراف والقيم المجتمعية ونحاول أن نوازن بين طموحات هؤلاء الشباب وبين القيم الاجتماعية السائدة في هذا البلد، فهذا أمر أساسي بالنسبة لنا".

 

وأضافت لوفاسيغ "نحن نحاول خلق حوار بين المكونات المجتمعية وبين الفئات العمرية المختلفة بحيث نصل الى مجتمع متجانس سواء بالأفكار أو القيم  أو النواحي الأخرى". 

وأضافت في نهاية حديثها "نحن لاننوي أبدا التخلي عن هؤلاء الشباب، بل سنستمر بدعمهم من ناحية التواصل معهم ومنحهم التدريب الحر في المكان في أي وقت يرغبون، وكذلك من خلال استقدام المدربين الفرنسيين، ومصممي الرقصات سواء كانوا هم ذاتهم الذين حضروا ودربوهم أو آخرين. وكذلك بالنسبة لمن لديهم الرغبة في التواصل والاستمرار أن يكونوا جزءا من مؤسسات وشركات متخصصة بحيث يصبحون محترفين في هذا المجال مستقبلا". 

هل سمعتَ يوما عن عرضِ هيب هوب برفقةِ  العود، هذا ماحدث بالفعلِ ضمن عرضِ فرقةِ بي بويز اذ رافق احدى الرقصاتِ عازفُ العودِ جمال ناصر الذي راحت ضرباتُ يدِهِ على أوتارِ عودِه تسابقُ حركاتِ الراقصين في لوحةٍ قلَّ نظيرُها عن ذلك يحدثُنا ناصر.

" إن هذا النوع من العروض الفنية غير مألوف في العراق وهو يعتمد بالكامل على حركة الجسد وهي خاضعة لايقاع معين، لذلك بدأت بالبحث عن مقطوعات قديمة وأخرى جديدة، والمقطوعة التي عزفتها هي ( أم سعد ) وهي من الباند الغربي ومن ايقاع الجيرك وهي اصلا تستخدم في الرقصات والدبكات. وهي من تأليف عميد الموسيقى العربية منير بشير ومهداة منه الى زوجته لذلك اسم المقطوعة (أم سعد)."

 بالاضافة الى كون ناصر عازف عود هو مدرب أيضا " في المقطع الثاني تمكنت من توظيف بعض ثيمات الأغاني الموسيقى العراقية التراثية في داخل اللوحات الراقصة ضمن العرض كي اعيد للاذهان العراقية الغناء التراثي. وهذا الفن المعاصر ممكن ان يكون موجوداً في العراق ويحاكي الفن العراقي التراثي والحديث ايضا".

الجمهورُ الحاضرُ كان متفاعلا مع العرضِ وراحَ يصفقُ ويصرخُ عندما وجدَ الراقصين يقفزون باتجاهِهِم ويؤدون بعض حركاتهم بينهم. البعض تحدث لنا عن العرض. 

أحد الحضور قال وهو متفاجئ  بأن ما رآه رائع " لقد قدم الشباب العراقي عرضا رائعا ولو قدم لهم الدعم اللازم سيقدمون المزيد". 

فيما قالت إحدى الحاضرات ضمن الجمهور " كانت هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها عرضا كهذا. كان جميلاً جدا. لم أكن أتوقع بأن يكون لدينا هكذا مواهب". 

 

ويستمرُ دعمُ المعهدِ الثقافي الفرنسي لاعضاءِ فرقةِ بي بويز وغيرِهم من الشبابِ الذي يحلمُ  بتحقيقِ طموحهِ في عالمِ الفنِ والثقافة.