آخر الأخبار
منخفض ممطر يطرق الأبواب.. والبرد القارس يعود للعراق ليلة رأس السنة البنتاغون يعترف رسمياً بوجود قوات أمريكية "غير معلن عنها" في العراق مدير البطاقة الوطنية: الموحدة تصدر مباشرة للطفل عند ولادته المغرب.. وزير العدل يكشف عن أبرز مقترحات تعديل مدونة الأسرة اتحاد الكرة يرد على اساءة أحد مقدمي البرامج الرياضية ليونس محمود

رغم تردي الوضع الاقتصادي.. إقبال واسع على مراكز التجميل ودراسة تكشف الإحصائية

منوعات | 14-02-2023, 21:34 |

+A -A

بغداد اليوم - متابعة

على رغم أن الأمر يبدو وكأنه رفاهية، بخاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتأزم بالنسبة إلى كثير من الطبقات الاجتماعية في العالم، لكن يبقى السعي نحو الجمال والرضا عن المظهر هدفاً أساسياً لدى غالبية من البشر، وكل منهم لديه سقف لما يمكن أن يفعله من أجل بلوغ هذه الغاية، فبالنسبة إلى بعضهم فإن خيار عمليات التجميل الجراحية أمر مستحيل، ولكن على نطاق آخر تتسع شعبية تلك العمليات بشدة بحيث لم تعد مستهجنة مثلما كان في الماضي، ولكن هل ما زالت حكراً على فئة معينة مثل مشاهير الفن والمجتمع ورواد الأعمال من الطبقة المخملية، أم هل أنها مصدر للخجل؟

تلك الصورة النمطية بحسب شهادات الأطباء باتت بعيدة من الواقع الحالي، فجراحات التجميل حتى غير الضرورية التي يمكن العيش من دونها ولا تؤثر بشكل عميق في الشكل، أصبحت حلاً أولياً بالنسبة إلى كثيرين وكثيرات، ولم تعد سراً يجتهد أصحابه لإخفائه خوفاً من الانتقاد وهرباً من نظرات اللوم والاتهام بأن جمالهم ووسامتهم أمر مصطنع، بل على العكس يعمد هؤلاء إلى مشاركة خبراتهم في ما يتعلق بأفضل الأطباء والمراكز الصحية ومسميات الإجراءات التجميلية، وأصبح ذلك أمراً معتاداً عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي جلسات السمر والسهر. وبدلاً من الثناء على اختيارات الملابس أو طريقة تنسيق مساحيق التجميل، يذهب المديح للطبيب للجراح المتمكن، سواء إذا قام بإجراء جذري أو قدم "روتوشاً" تحسينية.

زيادة عالمية

بحسب الإحصاءات العالمية فإن جراحات التجميل ارتفعت العام الماضي بنسبة تزيد على 19 في المئة مقارنة بعام 2021، وذلك وفق الدراسة التي نشرت نتائجها "الجمعية الدولية لجراحة التجميل"، حيث تتصدر القائمة دولاً مثل الولايات المتحدة والبرازيل والمكسيك وتركيا واليابان وتايلاند في ما يتعلق بعدد الأطباء وأيضاً كوجهات أساسية للراغبين في تغير مظهرهم جراحياً.

وإن كان هذا المجال حتى الآن يفتقد في مصر إلى أرقام دقيقة، ولكن شهادات الأطباء المتعاملين يومياً مع طالبي الجراحات التجميلية سواء في المستشفيات الحكومية المجانية أو شبه المجانية، أو الخاصة التي تتطلب تكاليف باهظة، يشيرون إلى أن هناك زيادة حقيقية في الطلب على عمليات التجميل مقارنة بأعوام مضت. ويقول الطبيب إبراهيم كامل أستاذ جراحات التجميل والحروق والوجه والفكين بجامعة عين شمس المصرية، إن "هناك إقبالاً ملموساً على جراحات التجميل، بعضه يعود إلى التطور الكبير الذي حدث في هذا المجال، مما شجع الناس على الإقدام عليها بخاصة وأن هناك بعض الإجراءات التي لا تتطلب تدخلاً جراحياً بالمعنى التقليدي"، لافتاً إلى أن "التجميل بات فرعاً مهماً جداً في المجال الطبي الذي يشمل بخلاف تجميل الثدي والقوام والأنف وغيره، علاج التشوهات الناتجة من أسباب مختلفة سواء بسبب الحروق أو الشفة الأرنبية أو جراحات ترميم ما بعد الحوادث، وجراحات الأطراف". ويشير أستاذ جراحات التجميل إلى أن "الإقبال يشمل أعماراً مختلفة وتحديداً سن المراهقة، حيث تختلف الجراحات وفقاً للعمر"، لافتاً إلى أن "الأهالي أيضاً يأتون بأطفالهم الصغار من أجل عملية جراحية بسيطة أصبحت شائعة جداً في الوقت الحالي وهي بروز الأذن، حيث تجرى بالتخدير الموضعي وتجنب الطفل التعرض للتنمر والسخرية".

من أجل التشبه بـ"الفلاتر"

كذلك يؤكد ياسر حلمي أستاذ جراحات التجميل بجامعة الأزهر أن "المراهقات هم الأكثر هوساً بعمليات التجميل لأن عقليتهن مختلفة تماماً عن الجيل السابق الذي ربما كان لديه خجل أو كسوف من الإقدام على مثل تلك الأمور"، مشيراً إلى أن بعضهن يأتي إليه لطلب حقن البوتكس في الوجه من أجل مقاومة التجاعيد التي لم تظهر بعد وذلك خوفاً من مواجهتها في المستقبل القريب، إذ ينصحهن دوماً بتأجيل تلك الخطوة. هذا التصرف يشير إلى أن معايير الجمال النمطية التي تروج لها مواقع التواصل الاجتماعي ولاسيما "إنستغرام" و"تيك توك" باعتبارها سهلة المنال، تؤثر مباشرة في رواد تلك الوسائط إذ يرغب من هم تحت سن الـ20 من الجنسين في الظهور بشكل مثالي بسبب عدم ثقتهم في شكلهم، وعدم رضاهم عنه، على رغم أنهم في سن النضارة، ولكن ما يحركهم هو معيار الجمال الذي يسوقه المؤثر الذي يحدثهم، سواء كان هذا المؤثر يتمتع بملامح حقيقية أو يستخدم "فلتر" يخفي العيوب، كما أن الترويج لفكرة مأمونية ويسر تلك الجراحات جعلهم لا يخشون التجريب أبداً.

الاقتراض من أجل التجميل

لكن النقطة الأكثر لفتاً للنظر هي شيوع هذه الثقافة بين فئات ليس لديها موارد دخل كافية لسد حاجاتها الأساسية ولكنهم مع ذلك يحاولون تدبير أمورهم للحاق بركب التجميل، والمفارقة أن الحديث هنا لا يكون عن إجراءات مضطرين إليها، مثل إصلاح عيوب الأسنان التي تعيق الحياة الطبيعية أو ترميم آثار ما بعد الكسور أو غيره، بل يبحثون عن طرق لتوفير المال من أجل إجراءات تجميلية قد لا تكون ضرورية بالمرة مثل "ابتسامة هوليوود" أو نفخ الشفاه والخدود وتحديد الفك، ونحت الجسم، وهو ما فعلته "م ـ ح" التي قالت إنها جعلت والدتها تحصل على قرض من أجل أن تكمل نفقات جراحة نحت الجسم التي قامت بها، على رغم أنها لم تكن بدينة بالمعنى المتعارف عليه، لكنها كانت ترغب في أن تحصل على قوام مثالي بأبعاد تشبه نجمات الفن، وعلى رغم أن كثيرين حذروها من هذه الجراحة غير الضرورية التي قد تخلف مضاعفات غير مريحة، ولكنها وصلت إلى "مرحلة من الاكتئاب"، بحسب وصفها، وعدم الرضا عن النفس جعلها تقنع والدتها بهذا التصرف، بخاصة وأن الفتاة العشرينية تعمل في محل ملابس وتتقاضى راتباً زهيداً للغاية مقارنة بكلفة الإجراء الجراحي الذي أقدمت عليه.

طبقات جديد تنضم إلى الهوس

الفكرة ذاتها يؤكد عليها طبيب مختص في جراحات الفم والأسنان، مشيراً إلى أن "هناك سيدات يعشن في مناطق شعبية ويعملن في مهن بسيطة للغاية يشتركن في جمعيات، أي مجموعة من الأشخاص يدفع كل منهن شهرياً مبلغاً محدداً ويتناوبن على تقاضيه مجتمعاً وذلك لفترة محددة من الزمن سواء ستة أشهر أو عام أو أكثر، وذلك من أجل الحصول على مبلغ مالي يمكنهن من الخضوع لعمليات تجميل ليست أساسية أو لا يكن مجبرات عليها أبداً، من بينها إجراء تعديلات على شكل الابتسامة للتشبه بالمشاهير، فالأمر هنا غير متعلق بتصليح مشكلات في اللثة أو تقويم الأسنان أو تصحيح الفجوات، ولكنها عمليات تدخل تحت بند الرفاهية، مثل التبييض المبالغ فيه ووضع العدسات اللاصقة لتبدو الأسنان براقة ولامعة".

ولدى الطبيب المتحدث بعض العيوب البسيطة في ترتيب أسنانه، لكنه لا يرغب في تصليحها، مؤكداً أنه "طالما أن هذا الأمر لا يؤثر في وظائف الأسنان الأساسية فهو ليس بحاجة لأن يخضع للتخدير ولتجربة الجراحة"، لافتاً إلى أنه يحاول أن يكون أميناً مع مرضاه ويوجه إليهم النصائح ولكن كثيرين منهم يتجاهلون رأيه، لافتاً إلى أنه لاحظ في بعض الأوساط "انتشار ثقافة أن المظهر هو أساس الوجاهة الاجتماعية، وهو وسيلة الحصول على زيجة جيدة ووظيفة مرموقة، وبالتالي فبعضهم يحاول أن يرفع حظوظه في تلك الجوانب حتى لو أدى الأمر إلى الاستدانة".

المراهقون يقودون التيار

بجولة بسيطة على بعض المجموعات التي يشترك فيها المراهقون والمراهقات عبر السوشيال ميديا سنجد أحاديث دائمة حول أفضل الأطباء الذين يقومون بعمليات ملء الشفاه لتبدو أكبر حجماً، وتصغير الأنف، وكذلك توريد الوجه ليبدو وكأن عليه مساحيق بشكل دائم، فيما الذكور يرغبون دوماً في شعر ذقن كثيف وأيضاً في فك عريض يتم تحديده، وكل منهم يحاول أيضاً البحث عن الكلفة الأقل لتلك الإجراءات نظراً إلى أن أغلبهم في بداية حياتهم المهنية. ويشير الطبيب إبراهيم كامل أستاذ جراحة التجميل والحروق والوجه والكفين إلى أن "الرغبة في تحسين المظهر باللجوء إلى حلول جراحية لم يعد مخيفاً أو محرجاً بل أصبح رائجاً بين الجنسين أخيراً، بخاصة بالنسبة إلى من يعملون في مهن المظهر فيها أساسي، مثل مجال الطيران أو السياحة، حيث يكون الإقبال على العمليات التي تساعد في إنقاص الوزن، لمحاولة إرضاء الطموح بالحلول الجراحية باعتبارها أسرع من أية أنظمة أخرى، ويشترك هنا المشاهير بالطبع، الذين يسعون دوماً إلى وجه وجسد متناسقين ومظهر مثالي".

لكن أستاذ جراحات التجميل الطبيب ياسر حلمي يشير إلى أن "تلك الطفرة والنمو في هذا المجال، قد يكون مهدداً في الوقت الحالي بسبب الارتفاع الكبير في أسعار مواد التجميل مما يترتب عليها ارتفاع في كلفة العملية برمتها، بسبب الوضع الاقتصادي العالمي".