دجلة يحتضر.. تقرير فرنسي يتحدث عن نضوب نهر العراق العظيم
تقارير مترجمة | 21-10-2022, 15:43 |
بغداد اليوم - ترجمة ياسمين الشافي
نهر دجلة العظيم، الذي يقال إنه سقى جنة عدن التوراتية وساعد في ولادة الحضارة نفسها، يحتضر اليوم.
وقال تقرير لوكالة فرانس برس الفرنسية الذي ترجمته (بغداد اليوم)، إن "النشاط البشري والتغير المناخي أدى إلى اختناق تدفقه القوي عبر العراق، حيث جعل من بلاد ما بين النهرين مهد الحضارة منذ آلاف السنين - مع نهر الفرات التوأم"، مضيفاً: "قد يكون العراق غنيًا بالنفط، لكن البلد يعاني من الفقر بعد عقود من الحرب والجفاف والتصحر".
وأوضح أنه "وفقًا للأمم المتحدة، فأن العراق، البلاد التي تعرضت لكارثة طبيعية تلو الأخرى، تعد واحدة من الدول الخمس الأكثر تعرضًا لتغير المناخ. واعتبارًا من نيسان، تجاوزت درجات الحرارة 35 درجة مئوية، وفي الصيف تتجاوز الـ50، وغالبًا ما تحول العواصف الرملية الشديدة السماء إلى اللون البرتقالي، لتغطي البلاد في غطاء من الغبار".
وأشار: "لقد اختنق نهر دجلة، شريان الحياة الذي يربط بين مدن الموصل وبغداد والبصرة، بسبب السدود، ومعظمها في المنبع في تركيا، وتساقط الأمطار".
تبدأ رحلة دجلة عبر العراق في جبال كردستان المتمتعة بالحكم الذاتي، بالقرب من حدود تركيا وسوريا، حيث يربي السكان المحليون الأغنام ويزرعون البطاطس.
قال المزارع بيبو حسن دولماسة، 41 عاما، في بلدة فيش خابور: "في السابق، كانت المياه تتدفق في السيول، ولكن على مدار العامين أو الثلاثة أعوام الماضية، كان هناك القليل من المياه كل يوم".
ولفت التقرير، الى أن "الحكومة العراقية والمزارعون الأكراد، يتهمون تركيا، حيث ينبع نهر دجلة، بحجب المياه عن سدودها، مما يقلل بشكل كبير من تدفق المياه إلى العراق. وبحسب إحصائيات رسمية عراقية، فإن مستوى دخول نهر دجلة إلى العراق قد انخفض إلى 35٪ فقط من متوسطه خلال القرن الماضي".
وتابع أن "بغداد تطلب بانتظام من أنقرة الإفراج عن المزيد من المياه. لكن سفير تركيا في العراق، علي رضا غوني، حث العراق على "استخدام المياه المتاحة بكفاءة أكبر"، مغردًا في تموز أن المياه تُهدر إلى حد كبير في العراق".
وقال الخبراء، أن "السفير قد يكون على حق، يميل المزارعون العراقيون إلى إغراق حقولهم، كما فعلوا منذ العصور السومرية القديمة، بدلاً من ريها، مما يؤدي إلى خسائر فادحة في المياه".
وأوضح التقرير الفرنسي، أن "كل ما تبقى من نهر ديالى، وهو رافد يلتقي بنهر دجلة بالقرب من العاصمة بغداد في السهول الوسطى، هو برك من المياه الراكدة التي تتناثر على قاعها الجاف".
وأشار الى أن "الجفاف أدى إلى جفاف المجرى المائي الضروري للزراعة في المنطقة. واضطرت السلطات هذا العام إلى تقليص المساحات المزروعة في العراق بمقدار النصف، مما يعني أنه لن يتم زراعة أي محاصيل في محافظة ديالى التي تضررت بشدة. كما حذر البنك الدولي العام الماضي من أن معظم أنحاء العراق من المرجح أن يواجه مصيرا مماثلا".
وقال: "بحلول عام 2050، ستؤدي زيادة درجة الحرارة بمقدار 1 درجة مئوية وانخفاض هطول الأمطار بنسبة 10٪ إلى انخفاض بنسبة 20٪ في المياه العذبة المتاحة"، مضيفاً أنه "في ظل هذه الظروف، ما يقرب من ثلث الأراضي المروية في العراق لن يكون بها ماء".
بهذا الصدد، قالت الأمم المتحدة والعديد من المنظمات غير الحكومية إن "ندرة المياه التي تضر بالزراعة والأمن الغذائي هي بالفعل من بين الدوافع الرئيسية للهجرة من الريف إلى المدن في العراق".
وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن "العوامل المناخية تسببت في نزوح أكثر من 3300 أسرة في مناطق وسط وجنوب العراق في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري".
ذكر التقرير، أن "سنوات الحرب دمرت الكثير من البنية التحتية للمياه في العراق، مع ترك العديد من المدن والمصانع والمزارع وحتى المستشفيات لإلقاء نفاياتها في النهر مباشرة، مع تدفق مياه الصرف الصحي والنفايات من بغداد الكبرى إلى نهر دجلة المتقلص، يخلق التلوث حساءًا سامًا مركّزًا يهدد الحياة البحرية وصحة الإنسان، كما لم تكن السياسات البيئية أولوية قصوى للحكومات العراقية التي تعاني من أزمات سياسية وأمنية واقتصادية".
وأوضح أنه "في البصرة - التي كانت تسمى في السابق فينيسيا الشرق الأوسط - يختنق العديد من الممرات المائية المستنفدة بالقمامة، كما أن هناك تهديد آخر يؤثر على شط العرب المياه المالحة من الخليج تندفع أكثر فأكثر نحو المنبع مع انخفاض تدفق النهر".
وقالت الأمم المتحدة والمزارعون المحليون إن "زيادة الملوحة تضرب بالفعل محاصيل المزارع، في اتجاه من المتوقع أن يتفاقم مع ارتفاع درجة حرارة الأرض ارتفاع مستويات سطح البحر".
أفادت السلطات المحلية أن "مستويات الملح في النهر شمال البصرة وصلت إلى 6800 جزء في المليون - أي ما يقرب من سبعة أضعاف المياه العذبة".