“تسبّبت في سقوط ملك فرنسا”!.. ما حقيقة اللعنة التي تطارد حاملي “الجوهرة الزرقاء”؟
منوعات | 23-09-2022, 18:23 |
بغداد اليوم-متابعة
ماسة يخشى الجميع الاقتراب منها بسبب ماضيها المرعب، وذلك لتسببها في تدمير حياة ملوك وشخصيات اعتبروها أهم مقتنياتهم مثل الملك الفرنسي "لويس السادس عشر" الذي قامت عليه الثورة الفرنسية وانتهت بمقتله، ومثل الصائغ "ويلهين فالز" والتي كانت سبب إفلاسه.
تعدُّ الجوهرة الزرقاء التي تسمّى ماسة الأمل أو"Hope Diamond" واحدةً من أكثر الجواهر شهرةً في العالم، يرجع تاريخ ملكيتها إلى أربعة قرون، كما تتميز بلونها الأزرق الذي لقبت به على مر العصور، يبلغ وزنها الحالي قرابة 46 قيراطاً.
لم تشتهر هذه الجوهرة بجمالها بقدر ما اشتهرت بقصص لعنتها والمصائب التي حلت على مالكيها.
ماسة الأمل.. رحلة "الجوهرة الزرقاء" وقصص لعناتها
عرفت الماسة الزرقاء بتاريخها الدموي والمأساوي، حيث ذكر أنها سرقت من قبل تاجر مجوهرات لم يذكر اسمه، لكنّ الغريب في قصة سرقتها أنها لم تُؤخذ من متحف أو من أحد القصور بل من داخل معبد هندوسي.
حسب الروايات فقد كانت هذه الماسة عيناً لإحدى الآلهة تسمّى "سيتا" وهي من أشهر الآلهة الهندوسية، كما أن السرقة حدثت بين عامي 1666 و1668 لتحلَّ اللعنة على الجوهرة وعلى كل من يقتنيها إلى يومنا الحالي، حسب الأسطورة.
ظلت الجوهرة مختفيةً إلى حين بيعها للملك الفرنسي "لويس الرابع عشر" خلال سنة 1713 من قبل تاجر مجوهرات يدعى" جان تافورنيو" الذي لم يسلم هو الآخر من لعنة الماسة؛ حيث لقي حتفه على يد كلاب ضالة وهو في طريق عودته إلى روسيا.
أما بالنسبة للملك الفرنسي "لويس الرابع عشر" فقد توفي بعدها بسنتين بسبب مرض "الغرغرينا" الذي انتشر في جسمه، ليرثها عنه ابنه لويس الخامس عشر الذي أعطاها بدوره إلى شقيقه لويس السادس عشر سنة 1774.
كان لويس السادس عشر وزوجته "ماري أنطوانيت" يتباهيان بالمجوهرات الثمينة كدليل على النبل والثراء حتى إعدامهما بقطع رأسيهما في المقصلة خلال الثورة الفرنسية. كما يحكى أن هناك خادمة لماري أنطوانيت تدعى "ماري لويس" قامت بارتداء العقد الذي يحمل الماسة الزرقاء فحل بها ما حل بملكتها؛ حيث قطع رأسها من قبل الثوار ووضع أمام باب سجن أنطوانيت قبل إعدامها.
لم تتوقف الأسطورة هنا، فبعد الثورة الفرنسية اختفت الجوهرة مرةً أخرى، لتظهر بعد سنواتٍ مصقولة بشكل جديد على يد الصائغ "ويلهين فالز"، لكنّ هذا الصائغ لم يمت بطريقةٍ غريبةٍ مثل الملّاك السابقين للجوهرة، إذ كانت الجوهرة سبباً في دمار عائلته، بعدما أقدم أحد أبنائه على سرقتها مكبداً إياه خسائر فادحة، لم يتوقف الأمر هنا بل أقدم ابنه على الانتحار بعد إصابته بمرض نفسي غامض.
وفق الأسطورة، فقد اشترى الجوهرة تاجر يوناني يدعى "سايمون"، والذي باعها إلى السلطان العثماني "عبد الحميد الثاني"، لكنّ هذا التاجر لم يسلم من لعنة الماسة حسب المؤرخين حيث تعرض لحادث سير أودى بحياته.
أما بخصوص السلطان العثماني فقد شهدت فترة حكمه تمرّدات وحروباً خاسرة، لتنتقل الجوهرة بعدها من يد إلى يد؛ إلى أن وصلت إلى تاجر ألماس شهير يدعى "هنري هوب" ومنها اكتسبت الماسة اسمها الشهير "The Hope Diamond".
هنري هذا أهدى الجوهرة إلى حفيده "فرانسيس هوب" الذي كان مدمناً على القمار ليقدم على بيعها إلى تاجر المجوهرات الأمريكي "جوزيف فرانكل" والذي أفلس بعدها؛ ليضطر هو الآخر إلى بيع الجوهرة الثمينة للحصول على السيولة اللازمة.
"الأخوان كارتييه" حينها صارا المالكين الجديدين للجوهرة، وهما المالكان لشركة المجوهرات الشهيرة "كارتييه". قام "بيير كارتييه" ببيع الجوهرة إلى "إيفالين ماكلين" وزوجها وريث العائلة "بيزوس" التي تمتلك جريدة "The Washington post" وشركاتٍ أخرى.
بعد مكوث الجوهرة لفترة عند هذه العائلة ثم بيعها بعد وفاة مالكتها إلى رجل الأعمال "هاري وينستون" ليقوم سنة 1985 بالتبرع بها إلى متحف التاريخ الطبيعي بالولايات المتحدة الأمريكية والتي ظلت تقبع هناك إلى يومنا هذا.
الحقيقة حول "الجوهرة الزرقاء": لا وجود للعنات!
حسب تقرير نشرته صحيفة "The Washington post" سنة 1997، وتقريرٍ آخر نشرته صحيفة "The new york times" سنة 2020، فقد قام أحد المعاهد في الولايات المتحدة بإجراء عدّة دراسات على "الماسة الزرقاء"، تناولت التفاصيل الكاملة حول تاريخ هذه القلادة.
وفقاً للدراسات فقد كانت الماسة الزرقاء في الأصل حجراً يبلغ تقريباً حوالي 114 قيراطاً، وقد باعها "جان تافورنيو" صائغ المجوهرات للملك الفرنسي لويس الرابع عشر الذي قام بشراء هذه الماسة من منجم كولور بالهند.
التاريخ يؤكد حقاً أن تافورنيو هذا سافر إلى روسيا، لكن الحقيقة أنه توفي بشكل طبيعي، فالرجل كان يبلغ من العمر 84 عاماً على عكس ما روج أنه مات بسبب كلابٍ ضالة.
وفي عام 1791 وأثناء محاولة الملك لويس السادس عشر الفرار مع زوجته وبحوزتهم المجوهرات الملكية بعد اندلاع الثورة الفرنسية ثم القبض عليهما واستعادة المجوهرات ووضعها في عهدة الحكومة.
تعرض المستودع الملكي الفرنسي بعدها لعدة سرقات على مدى أسبوع؛ ما تسبب في اختفاء العقد الحامل للماسة الزرقاء، ليظهر بعد 20 عاماً بحوزة تاجر الماس من لندن يدعى "دانيال الياسون".
وهنا بدأ الجدل فيما إذا كانت هي نفسها الجوهرة الزرقاء المفقودة من المستودع الملكي الفرنسي، هذا الجدل حُسم سنة 2003، فبحسب تقرير ناشيونال جيوغرافيك استطاع العلماء وضع مجسم باستخدام تقنيات متطورة واستناداً لما يتداول حول الجوهرة الزرقاء، فهي نفسها ماسة الأمل المفقودة من فرنسا.
تشير الدراسات إلى أن التاجر البريطاني قام ببيع الجوهرة إلى الملك البريطاني جورج الرابع، وبعد وفاته سنة 1830 كانت الديون المتراكمة عليه مصدر قلق للعائلة الملكية، فما كان عليهم سوى بيعها
لـ"هنري هوب" سنة 1839 الذي منحها اسمه ومنها إلى وريثه الذي أكد التقرير بيعه للجوهرة بغية سداد ديون القمار.
من أين أتت فكرة اللعنة إذاً؟
حسب نفس الدراسات سابقة الذكر، فقد كان الصائغ الشهير "بيير كارتييه" مولعاً بالرواية الإنجليزية الشهيرة "The Moonstone" التي تحكي قصّة جوهرة ثمينة يحرسها ثلاثة حرّاس من قبل أحد الآلهة الهنديّة. ولأنّه مولع بهذه الرواية فقد صاغ أسطورة اللعنة كما استعان ببعض الأحداث المأساوية التي وقعت لصاحبي القلادة عبر العصور.
السبب في اختراعه لهذه الأسطورة هو محاولة إقناعه "إيفلين ماكلين" بشرائها، التي أكدت في مذكراتها أنها التقت كارتييه في وقت سابق في أحد المعارض بفرنسا، وجاء في سياق حديثها أنها تحب شراء القطع التي تتبعها لعنة أو قصة حيث تعتبرها مصدر حظ لها.
هذا ما دفع بيير إلى سرد هذه القصة كأسلوب ترويجي لبيع قلادته الثمينة. وحسب الدراسات سابقة الذكر فقد كانت القصة كلها أسطورة وليس هناك لعنة مرتبطة بهذه الجوهرة. أما الأحداث التي ذكرت فبعضها قد حدث فعلاً، والبعض الآخر كان من خيال بيير كارتييه فقط، ليقنع إيفلين ماكلين بشراء الجوهرة الزرقاء.