آخر الأخبار
مجلس النواب يقرر إستئناف جلساته الأسبوع المقبل ستعمم في بقية المدن.. ديالى تعلن تشكيل تنسيقية خيرية لدعم العوائل اللبنانية لاريجاني يسلم نبيه بري رسالة من خامنئي الكروي: السوداني تعهد بأن تكون ديالى جزءا من "الخارطة الدوائية" في العراق بسواعد عراقية.. الإطاحة بـ 3 من أهم الشبكات الدولية بترويج المخدرات في الشرق الأوسط

تضخم عملة العراق يفرض واقعا جديدا بتشريعات قديمة

اقتصاد | 16-09-2022, 23:13 |

+A -A

بغداد اليوم - بغداد 

شهد العراق بعد 2003 تغييرات على المستويات كافة، الأمر الذي اقتضى ثورة تشريعية ليلتمس المواطن أثر التغيير، لكن ما حدث هو أن الواقع تغير بينما ظلت التشريعات ثابتة في كثير من الجوانب، ومن أبرزها الغرامات، فقيمتها لم تتغير على رغم التضخم الهائل الذي أصاب العملة المحلية، ومن ثم بات كثير من العقوبات لا يتناسب مع طبيعة الجرم، ما يهدد بانتشار الجرائم وزعزعة السلم المجتمعي.

الغرامة في القوانين الجزائية

يصف المتخصص في الشأن القانوني صادق عبدالحسن اللامي الغرامة في القوانين العقابية قائلاً "هي عقوبة تفرض على المدان بحكم قضائي وقد ذكرت في المادة 85 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل ضمن العقوبات الأصلية وهي الإعدام والسجن المؤبد والسجن الموقت والحبس المشدد والغرامة والحجز في مدرسة الفتيان الجانحين والحجز في مدرسة إصلاحية".

وتابع "لو تناولنا موضوع فرض عقوبة الغرامة في قانون العقوبات العراقي المذكور آنفاً لوجدنا أنها تفرض على المتهمين الذين يرتكبون جرائم المخالفات والجنح، ونادراً ما تفرض على مرتكبي الجنايات".

ويشير اللامي إلى أنه قبل إجراء التعديلات كانت مبالغ الغرامة زهيدة، ففي قانون العقوبات رقم 111 عام 1969 المعدل كان مبلغ الغرامة يتراوح بحسب طبيعة الجريمة من10 دنانير إلى 300 دينار، أي ما يعادل من (0.00675 سنت إلى 0.20 سنت) من قيمة الدولار.

 التعديل الأول

بعد تضخم العملة وجد المشرع عدم قيمة الغرامات السابقة فلجأ إلى تعديلها بموجب القانون المرقم 206 لسنة 1994 فأصبحت غرامة المخالفات من 50 إلى 200 دينار عراقي (ما يعادل أقل من قيمة الدولار الواحد) وغرامة الجنحة من 201 إلى 1000 دينار عراقي (أقل من دولار) وغرامة الجنايات من 1001 إلى 10 آلاف دينار عراقي (أقصى عقوبة تصل إلى ستة دولارات تقريباً).

التعديل الثاني

بعد ازدياد التضخم لجأ المشرع إلى تعديل الغرامات مرة أخرى بموجب قانون رقم ستة لسنة 2008، إذ أصبحت غرامة المخالفات من 50 ألفاً إلى 200 ألف دينار عراقي (أي بما يعادل 34 إلى 168 دولاراً) وغرامة الجنح من 200 ألف إلى مليون دينار عراقي (أي ما يعادل 168 إلى 675 دولاراً) وغرامة الجنايات من مليون وواحد إلى 10 ملايين دينار عراقي (675 إلى 6 آلاف و750 دولاراً).

العقوبات السالبة للحرية

وعن مراعاة السلطة التشريعية لمرحلة التغيير وإمكانية تعديل الغرامات بما يتناسب مع قيمة العملة، قال القاضي هادي عزيز إن المحكمة إذا وجدت أن الغرامة ضئيلة ولا تحقق هدف المشرع القانوني، فعليه أن ينعطف نحو العقوبات السالبة للحرية وينصرف عن فرضها.

وأضاف "العقوبة تفرض من قبل سلطة مخولة باسم الشعب باعتبارها رد فعل اجتماعياً لحماية أمن المجتمع وضمان استقراره، وليس مجرد ردع بشقيه الخاص والعام على فعل أتى به فاعل أو مجموعة، مخالفاً النظام العام والآداب. وعلى أن تأخذ العقوبة بمبدأ التناسب، أي أن تكون العقوبة متناسبة مع الفعل المنسوب والثابت على الفاعل، لذا فإن العقوبات وفي كل التشريعات العقابية لها حد أدنى كالغرامة، وحد أعلى كالسجن المؤبد أو الإعدام".

وتابع عزيز "إذا كانت العقوبة المفروضة على الفاعل خفيفة بحيث لا تتناسب والفعل المقترف، الأمر الذي يقود إلى انتهاك أمن المجتمع ولا يضمن استقراره، ففي هذه الحال تفقد العقوبة الوظيفة التي أرادها المشرع كما سيفضي هذا التراخي إلى عدم انضباط وفوضى تدفع المتضرر إلى الاحتماء بجهات لا صلة لها بمؤسسات الدولة لطلب الحماية، كالعشيرة أو المؤسسة الدينية".

واختتم "يدخل ضمن هذا الوضع المعيب الغرامات التي نصت عليها القوانين العقابية وكانت في أزمنة اختلف فيها سعر صرف العملة، مما جعل الفاعل يستسهل فرضها ولا يمكن أن تتحقق معها الأهداف التي قصدها المشرع لحماية المجتمع وأمنه، مما يهدد بانتشار الجريمة".

حجم الضرر

يقول أستاذ القانون المدني المساعد بجامعة ميسان ماجد مجباس إنه "لا بد من الإشارة إلى أن الغرامات المقررة في قانون العقوبات العراقي النافذ وبعض القوانين الخاصة هي عقوبات مقررة عن ارتكاب جرائم معينة قد لا تصل جسامتها إلى حد معين، لذلك تكون عقوبتها إما الغرامة بشكل كامل أو مجتمعة مع الحبس أو تخييرية، وعليه فالغرامة لا علاقة لها بحجم الضرر المتأتي عن الجريمة، إذ قد تقرر لمجرد ارتكاب الفعل الجرمي من دون وجود ضرر أصلاً يقع على المجنى عليه أو الحق العام، وقد تكون متصاحبة مع وجود ضرر إلا أنها لا تتناسب معه من حيث المقدار صعوداً أو نزولاً، وهذا بحد ذاته لا يمثل نقصاً تشريعياً".

ويضيف "الضرر يجبر عن طريق الحق بإقامة الدعوى المدنية المصاحبة للدعوى الجزائية والأخيرة تدور وجوداً وعدماً، وقوة وضعفاً مع الضرر، ومن خلال ذلك يتم التعويض العادل بوجود الغرامة أو عدمها، ومع قوة الغرامة أو ضعفها".

ويفصل قائلاً إن "ما يشكل نقصاً تشريعياً من الواجب معالجته ألا تكون الغرامات بمستوى تغير الأوضاع المالية للبلد والقيمة النقدية للدينار العراقي"، مشيراً إلى أن المشرع عمد إلى تغيير بعض الغرامات إلا أن هذا التغيير لا يزال دون مستوى حجم التغير الذي طرأ على الوضع المالي والنقدي العراقي.