آخر الأخبار
نواب ذي قار ينتقدون استهداف صندوق اعمار المحافظة (فيديو) حزب الله: حققنا النصر حروب وقنابل موقوتة تنتظر ترامب.. هذه أبرزها أجراس العودة تقرع.. اللبنانيون يعودون بالمجان لديارهم وأول محافظة عراقية تتكفل التربية تقسم درجات مادتين بعد إلغاء نظام الكورسات

مصر تواجه "العتمة".. مساع لخفض إنارة الشوارع والميادين

عربي ودولي | 28-08-2022, 18:22 |

+A -A

بغداد اليوم - بغداد 

في مواجهة تراجع احتياطيها من العملات الصعبة، وجدت مصر حلاً يتمثل بخفض إضاءة الساحات العامة في البلاد في إطار إجراءات لترشيد الطاقة محلياً وتصديرها، بينما يصر خبراء اقتصاد على أنه لا مفر من قرض من صندوق النقد الدولي لتجاوز الأزمة.

 

تشهد مصر حالياً مرحلة حرجة في ما يتعلق بالسياسات المالية، إذ إنها تحاول من جهة ضبط ارتفاع الأسعار بعد أن وصل معدل التضخم السنوي إلى نحو 15 بالمائة، وتسعى من جهة أخرى إلى توفير النقد الأجنبي للخروج من نفق تبعات الحرب الروسية الأوكرانية.

في الوقت نفسه، تتفاوض مصر حالياً مع صندوق النقد الدولي من أجل قرض جديد لدعم البلد الذي تصل فيه نسبة الفقر إلى نحو 30 % من مجمل السكان الذي يتجاوز عددهم 103 ملايين نسمة.

 

واتخذت مصر في الواقع إجراءات عدة تتوقع أن يسمح تطبيقها بتوفير القطع، بدءاً بتخفيض قيمة الجنيه في آذار/ مارس الماضي بنحو 17% أمام الورقة الخضراء ليتجاوز سعر بيع العملة الأميركية 18 جنيهاً آنذاك.

 

كما وافقت الحكومة، بحسب بيان رسمي مؤخراً على مشروع قرار لترشيد استهلاك الكهرباء بما في ذلك "تخفيض إنارة الشوارع والميادين العمومية"، من أجل توفير كميات من الغاز الطبيعي "لتصديرها".

 

وقال شاب مصري ثلاثيني لوكالة فرانس برس، طالباً عدم كشف هويته: "أرى أعمدة الإنارة في الشوارع تعمل نهاراً (...) ونحن نعاني ارتفاع أسعار الكهرباء، أولى أن يبحثوا (الحكومة) عمن يسرق الكهرباء ونسدد نحن بدلاً منه".

 

"جرعة سريعة"

ويرى المحاضر في الجامعة الأميركية في القاهرة والاقتصادي المصري هاني جنينة أن الحكومة المصرية تحتاج خلال الشهر المقبل ونصف الشهر إلى القيام بـ"إجراءات إصلاحية قاسية نتجرع منها جرعة سريعة في الأمد القصير حتى نتمكن من توفير الدولار"، على رأسها تحرير سعر الصرف بشكل كامل.

 

وقد أشار إلى أن "المشكلة تكمن في السياسة (النقدية) نفسها"، قال جنينة لفرانس برس إنه "من الأسباب الكلاسيكية لتعرض بعض الدول الناشئة لأزمات اقتصادية تثبيت سعر الصرف بشكل وهمي".

وأوضح أن ذلك "يشجع (المقترض الحكومي) على الاقتراض من الخارج، ما يعرض البلد إلى مأزق حال طلب السداد".

 

وتابع جنينة "منذ الأسبوع الماضي وهناك نقص حاد في توفير الدولار للمستوردين من قبل البنوك في مختلف القطاعات"، معتبراً أن الحل يكمن في "تسريع وتيرة التفاوض مع صندوق النقد".

 

وكانت مصر حصلت سابقاً على قرض قيمته 12 مليار دولار من الصندوق بموجب اتفاق تم توقيعه نهاية 2016، وقرضين آخرين في 2020 بقيمة 5,4 مليارات دولار لتطبيق برنامج اقتصادي، و2,8 مليار دولار لمواجهة وباء كوفيد-19.

 

وكتبت شركة "كابيتال ايكونوميكس" للأبحاث في لندن في تقرير أن "طول أمد المحادثات مع صندوق النقد يدل على أن بعض المسؤولين يترددون في متابعة مطالبه ويفضلون الاعتماد على الدعم المقدم من اقتصادات الخليج الغنية بالنفط".

 

في هذا الإطار، قرر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأسبوع الماضي تعيين المصرفي المعروف حسن عبد الله، والذي كان عضواً بأمانة سياسات الحزب الوطني المنحل في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، قائماً بأعمال محافظ البنك المركزي خلفاً لطارق عامر الذي عين مستشاراً للرئيس.

 

لم تعرف أسباب رحيل عامر رسمياً، لكن بعض وسائل الإعلام المحلية ذكرت أن أحد الأسباب هو "عدم التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي".

 

مطالب الصندوق

ويرى جنينة أن "خلاف وجهات النظر داخل الحكومة مبني على سرعة تنفيذ الإجراءات، ولكن هناك اتفاقاً على المستهدفات"، مشيراً إلى أن صندوق النقد قد يطلب تطبيقاً عاجلاً في بعض الملفات، مثل الدعم وسعر الصرف، بينما تفضل الحكومة القيام بذلك تدريجياً.

 

ويرى الاقتصادي في "كابيتال إيكونوميكس" جيمس سوانستون أن قيمة "العملة المصرية بحاجة إلى أن تخفض مرة أخرى ليبلغ سعر الدولار 25 جنيهاً بنهاية 2024 (...) لتجنب التعرض لاختلالات خارجية"، أي نقص النقد الأجنبي.

 

وأضاف، في حديث لفرانس برس، أن ذلك "يتطلب من صانعي السياسة التمسك بهذا التغيير".

ويتوقع سوانستون أن يمهل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي مصر "فترة راحة من بعض الضغوط الخارجية، وسيسمح خصوصاً بطمأنة المستثمرين، ويفترض أن يساهم في جذب الاستثمار مرة أخرى".

 

وتفيد بيانات المصرف المركزي بأن مصر شهدت خروج 14,6 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، "ما يعكس قلق المستثمرين على أثر اندلاع الصراع الروسي الأوكراني"، كما يقول.

 

مع ذلك، أعلنت وزارة التخطيط المصرية الأسبوع الماضي تحقيق معدل نمو اقتصادي للعام المالي 2021/22 نسبته 6,6 بالمائة "مدفوعاً بطفرة نمو محققة في التسعة أشهر الأولى"، قبل أن يبدأ ظهور انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية. وكان نسبة النمو بلغت في العام المالي الذي سبقه 3,3 بالمائة.

 

تصدير الغاز

وأعلنت مصر أعلنت في 2018 تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، خصوصاً بعد دخول حقل ظهر على خريطة الإنتاج، ليصل معدل الإنتاج إلى قرابة سبعة مليارات قدم مكعب يومياً. لذلك يبدو هذا القطاع واعداً في إطار الجهود لتجاوز الأزمة.

 

وأوضحت الحكومة في بيانها حول ترشيد استهلاك الكهرباء أن الهدف هو "تحقيق فائض إضافي متوسطه نحو 15 بالمائة من حجم الغاز الطبيعي الذي يضخ لمحطات الكهرباء، على مدار العام (...) بغرض تصديره والاستفادة من العملة الصعبة".

 

وشددت على "تخفيض إنارة الشوارع والميادين العمومية"، وعلى رأسها ميدان التحرير، والذي بلغت كلفة إضاءته أثناء تطويره حوالى ستين مليون جنيه (حوالى أربعة ملايين دولار).

وتفيد بيانات البنك المركزي المصري بأن قيمة صادرات مصر من الغاز الطبيعي ارتفعت إلى 5,6 مليارات دولار في الفترة بين أكتوبر/ تشرين الأول 2021 ومارس/ آذار الماضي.

 

ووقعت مصر في يونيو/ حزيران مع إسرائيل والاتحاد الأوروبي مذكرة تفاهم تهدف إلى تصدير الغاز إلى أوروبا، في محاولة لإيجاد بدائل للطاقة الروسية.

 

ومقابل التدابير الحكومية للإصلاح، قد يدفع ضريبة ذلك محدودو الدخل في البلاد.

 

لذلك وجّه السيسي في 26 تموز/ يوليو بتطبيق حزمة إجراءات للدعم الاجتماعي، بينها "مساعدات استثنائية لتسعة ملايين أسرة لمدة ستة شهور قادمة، بتكلفة إجمالية حوالى مليار جنيه شهرياً (نحو 52 مليون دولار)"، كما ورد في بيان للرئاسة المصرية.

 

وفي هذا السياق، تساءل محمود الصعيدي بائع الفاكهة المتجول في شوارع محافظة الجيزة عن كيفية التعايش مع ظروف والغلاء في ظل كسبه البسيط.

 

وقال البائع الأربعيني الأب لأربعة أطفال، لفرانس برس: "أعود إلى قريتي وعائلتي في الصعيد كل أربعين أو خمسين من العمل في الجيزة ومعي فقط حوالى 600 جنيه (31,3 دولاراً) متبقية من الربح (...) ماذا يفعلون؟".