آخر الأخبار
باستثناء بعض الحالات.. مصدر: معبر القائم مازال مغلقًا وسط انتشار أمني كبير - عاجل رونالدو يحسم مهنته بعد الاعتزال ويحدد مرشحه لدوري الأبطال السوداني والمشهداني يناقشان تطورات الأوضاع الإقليمية قصف أمريكي بريطاني جديد يستهدف صنعاء خبير يؤشر مكامن الضعف في ملف الطاقة: نصف انتاج الكهرباء معرض للفقدان

ثلاثة عوارض لسرطان القولون لا تتجاهلها مهما كان عمرك

منوعات | 24-08-2022, 16:22 |

+A -A

بغداد اليوم - متابعة
نسقت مساعدة المدرس البالغة 24 سنة من العمر زيها لمهرجان الصيف بكل فخر وارتدت لباس سباحة أزرق اللون ومعطفاً مكسواً بالفراء وحملت عصا للمشي مزينة بأضواء متلألئة وكيسين فغرة القولون احتفالاً بشفائها من سرطان القولون الذي كان بلغ المرحلة الثالثة.

شخصت صوفي أندرسون عندما كانت في الـ22 من العمر وهي اليوم في مرحلة التعافي، إذ استوحت من الناشطة في حملات سرطان القولون الدام ديبورا جيمس وصممت على نشر التوعية حول هذا المرض، خصوصاً في أوساط الشباب.

وأدت خسارتها المفاجئة للوزن ونزول الدم في البول وسلس البول إلى التشخيص الأولي وبداية علاجها بعيد عيد ميلادها الـ22 ليعود بعدها المرض للانتقام منها في أكتوبر (تشرين الأول) 2020 عندما وجد ورم "بحجم كرة قدم" في أمعائها وأعقبت ذلك عملية جراحية مرعبة لإنقاذ حياتها.

رفضت صوفي من هانتيغتون في كامبريدجشاير أن تهزم وحازت على دعم رائع من حبيبها رجل الشرطة أليكس، 24 سنة، وهي اليوم تستمتع بحياتها بشكل كامل وتقول: "حصلت أمور كثيرة لي، ما كنت لأكون هنا اليوم ولكنني ما زلت على قيد الحياة". وتابعت: "ذهبت إلى مهرجان ’سيكريت غاردن فيستيفال‘ في هانتيغدون في يوليو (تموز) مع أصدقائي وتأنقنا جميعاً. زاد وزني وشعرت بثقة أكبر بنفسي، ارتديت لباس سباحة أزرق ومعطفاً من الفرو وزينت عصا المشي الخاص بي بأضواء مشعة ساحرة. شعرت أنني بحال جيدة وحظيت بوقت رائع وضحكت كما لم يسبق لي أن ضحكت منذ أعوام".

اختبرت صوفي أولى مشكلاتها الصحية عام 2016 عندما كانت تبلغ 18 سنة بعد أن استهلت تخصصها الجامعي في مجال تشغيل قسم العمليات. وقالت: "ذهبت إلى المرحاض في أحد الايام وإذا بي أنزف كثيراً. كان الأمر غريباً ولكن لم يحصل مجدداً لفترة، فقلت في نفسي إنها ربما كانت حادثة عرضية. ثم بدأت أشعر بأنني أفقد الوزن وبأن جسمي منتفخ ومتعب بشكل دائم". ألقت اللوم لشعورها بالتعب على التوتر وسرعان ما تراجع مزاجها. وتابعت: "كنت مكتئبة للغاية لأن جسدي كان شديد الضعف ولم أستطع تحديد السبب".

خرجت من الجامعة في عيد الفصح عام 2017، إذ أصبحت صحتها النفسية والعقلية رديئة بشكل متزايد وعادت إلى المنزل حيث تعيش حالياً مع والدتها إليزابيث أندرسون، 53 سنة، وشقيقها آش أندرسون، 22 سنة، ويعمل الاثنان كمساعدي مدرس. قصدت طبيبها الذي شخص حالتها بالاكتئاب والإحباط.

في يوليو 2017، كانت تعمل كمقدمة رعاية، وكانت تعاني من نزيف بشكل منتظم وقالت: "أحياناً، يمر أسبوع من دون أي نزف ومن ثم أنزف بشدة وأصاب بالإمساك".

وبعدما استشارت عدداً من الأطباء خلال الأشهر التالية، شخصت إصابتها بالاضطرابات الهضمية بما، في ذلك متلازمة القولون المتهيج (IBS) وداء كرون والتهاب القولون التقرحي وتشنجات القولون والإمساك، ولكن لم يشتبه أحد من الأطباء في إصابتها بالسرطان. وتابعت: "أذكر أنني قلت لطبيبي إن لدى عائلتي من جهة والدتي تاريخاً من الإصابة بسرطان القولون. أعتقد أنه بسبب صغر سني استنتجوا أنه لا يمكن أن أصاب بالسرطان".

شعرت صوفي بالقلق من أن تكون وظيفتها سبب الضغط والإجهاد وأن تؤثر في صحتها، فتحولت في ديسمبر (كانون الأول) 2018 إلى العمل كمساعدة مدرس في المدرسة المحلية التي تعنى بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. بيد أن عوارضها تفاقمت واشتدت حدة وسوءاً. وفي صيف عام 2019، وضعها الأطباء تحت نظام صحي صارم لرؤية إن كانت تعاني من داء كرون.

وبحلول شهر سبتمبر (أيلول) من ذلك العام، كانت فقدت 28 باونداً من وزنها وتم إخضاعها لفحص القولون بالمنظار لرؤية داخل أمعائها. وأظهرت نتيجة خزعة بعد مرور شهر أنها تعاني من سرطان القولون.

"أذكر أنني شعرت بالارتياح في البداية، لأن ذلك يعني أن هناك خطباً ما في جسمي، لكنني أعتقد أنني شعرت بأنني مخدرة، لا أعتقد أنني سمعت أي شيء آخر بعدما قالوا لي تلك الكلمات."

خضعت صوفي لجراحة فغر القولون، وهي عملية جراحية تشمل توصيل طرف من القولون عبر فتحة في جدار البطن الأمامي. ومن ثم خضعت لثلاث مراحل من جلسات العلاج الكيماوي على مدى ستة أسابيع. وبعد ذلك، خضعت لعملية جراحية في مستشفى أدينبروكس في كامبريدج في مارس (آذار) 2020 لإزالة ورم بحجم ليمونة في القولون، فضلاً عن عملية استئصال الرحم بالكامل.

أزيل جزء من القولون ومبيضها الأيسر حيث كان الورم كبيراً، كما تمت بنجاح عملية عكس كيس فغرها الموقت لجمع فضلات الجسم.

لحسن الحظ، ألغيت الجلسات الكيماوية الإضافية وتم تأكيد دخولها في مرحلة التعافي في يوليو.

وفي هذا السياق، صرحت صوفي: "لم يسبق لي أن بكيت من الفرح من قبل، ولكنني بكيت هذه المرة لأنني شعرت بغاية الحماسة والارتياح لأنني سأعود إلى مواصلة عملي والمضي قدماً في حياتي".

وفي غضون ذلك، فيما عرفت صوفي أن جدتها هازيل كوكريل توفيت جراء إصابتها بسرطان القولون عام 1998، لم تعلم أن جدها جون كوكريل عانى من المرض ذاته عندما كان في سنها وتوفي عام 2011.

وأظهرت التحقيقات في حالتها بأنها تعاني من متلازمة لينش، وهي حالة وراثية تزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون بسبب تاريخ عائلي من الإصابة به، كما كشفت وجود هذه المتلازمة في الحمض النووي لجدها بعد وفاته ولدى والدتها أيضاً. وقالت صوفي: "لم أفكر مطلقاً أنني قد أصاب بالمرض ذاته".

وبشكل مدمر، في أكتوبر 2020، شعرت مجدداً بأنها ليست على ما يرام لتكتشف أن السرطان عاد مجدداً إلى جسمها وانتشر في غددها اللمفاوية وبلغ المرحلة الثالثة. قيل لها هذه المرة إن الورم في القولون كان كبيراً جداً. "بدأت أفكر أن بوسع ذلك أن يؤدي إلى وفاتي". أضافت صوفي، "بدأت أشعر بأن الخطر محدق حقاً وأخذت أفكر كثيراً. شعرت بالخوف الشديد من فكرة أن أموت أثناء نومي".

وفي محاولة للحد من حجم الورم وتقليله قبل الجراحة، أدخلت صوفي إلى المستشفى لثلاثة أشهر وخضعت للعلاج المناعي وهو عبارة عن علاج متخصص للسرطان.

تمكنت من تخطي العلاج على الرغم من تعرضها لتلف كبير في الكبد والاشتباه في تعفن الدم - وهو رد فعل تجاه العدوى يهدد الحياة.

بحلول يونيو (حزيران) 2021، كانت صوفي مستعدة للخضوع لعملية جراحية مدتها 14 ساعة لاستئصال الورم، وكذلك جزء من المهبل والمستقيم والأمعاء والمثانة وعظم الذنب حيث انتشر الورم.

وخضعت صوفي أيضاً لعملية ترميم الحوض، وتم قطع بعض الأعصاب الموجودة أسفل ساقها اليسرى بسبب الضرر الناجم عن عظم الذنب، وتم تركيب فغر القولون الدائم وفغر البول.

"شعرت بأنني مخدرة"، قالت صوفي. "وضع الأطباء لائحة بكل الأمور التي علي فقدانها وبدأت أفكر كيف سيؤثر ذلك في حياتي اليومية ولم يكن لدي أدنى فكرة عما سيكون بمقدوري القيام به من الآن فصاعداً. شعرت بالخوف من أن حياتي ستنتهي ومن أن الجراحة قد لا تنجح".

ومن دون أي ضمانات للشفاء، خشيت صوفي من أنها ربما لا تتحمل العلاج. "شعرت بالخوف من أن أصبح عاجزة لأن الأطباء كانوا يخشون إصابتي بتدلي القدم. لحسن الحظ لم يحصل ذلك ولم أحب التفكير في كيف ستكون حياتي مع كيسين لفغرة القولون. كنت أخشى من أنني ربما أخسر كثيراً من جسمي ومن كياني وأن الأمر ربما لا يستحق كل هذا العناء".

في يونيو 2021، عندما وصلت إلى مستشفى سان مارك، الذي يضم وحدة متخصصة لأمراض القولون في لندن، آخر ما تذكره صوفي أنها خدرت. "أذكر أنني كنت أجلس على السرير وقيل لي إنني بحاجة لحقنة مخدر. وفجأة، لم أعد أذكر شيئاً حتى بعد مرور أسبوع". وأضافت: "قيل لي إنني استيقظت بعد الجراحة ولم أتوقف عن الصراخ. وجدوا أنني أعاني من نزيف داخلي، فأدخلت مجدداً إلى العمليات لأربع ساعات أخرى ولم أستيقظ إلا بعد خمسة أيام".

في غضون ذلك، تعرضت لنوبة قلبية مما يعني أنها أصبحت في بعض الأحيان مشوشة. وأفادت: "قال لي الطبيب الجراح إن الورم في القولون الذي يضغط على أعضائي الأخرى كان بحجم كرة قدم".

وعلى الرغم من الطاقة الإيجابية التي تتمتع بها صوفي، إلا أن التعامل مع هذه الجراحة الخطيرة أمراً بغاية الصعوبة. وتابعت: "مع فقدان جزء من مهبلي، شعرت بأنني لم أعد امرأة كاملة. أصبحت بالفعل عقيمة بشكل كامل من دون أي إمكانية لإنجاب أطفال بيولوجيين بسبب الجراحة. ولهذا، كانت إزالة جزء من مهبلي أمراً مدمراً للغاية".

وفيما قد تكون العلاقة الحميمية محتملة في المستقبل، تقول صوفي إن الأمر سيستغرق وقتاً. "أشعر بأنني فقدت كثيراً من أنوثتي وكوني امرأة، خصوصاً أن استئصال الرحم يعني أنني سأدخل سن اليأس مع انقطاع الطمث. ترك ذلك الأمر أثراً كبيراً فيّ. بدأت علاقتي بأليكس منذ ستة أعوام وكان داعماً للغاية لي طيلة محنتي. تحدثنا عن إمكانية تبني الأولاد في المستقبل أو الإنجاب عبر أم بديلة. ولكننا سنرى إلى ماذا ستؤول الأمور".

لمدة شهرين بعد الجراحة، بقيت صوفي في العناية الفائقة إلى حين تعافيها من الجراحة وكان يتم تعليمها ببطء كيفية تولي الأمور في حياتها اليومية. "كنت أعرف ماذا سيحصل لي، ولكنني كنت في حال إنكار". وأضافت: "إن المشي مع كيسين على معدتي وعدم الشعور بساقي اليسرى كانا أمرين بغاية الرعب. شعرت بأنني محطمة. احتجت إلى أربعة أشخاص لمساعدتي في النهوض اليوم الأول. ثم بدأت أتعلم المشي مجدداً بخطوات صغيرة للغاية".

في أغسطس (آب) 2021، كانت صوفي في المنزل وبدأت عاماً من رحلتها العلاجية معتمدة في ذلك على والديها وحبيبها لمساعدتها في استعادة صحتها.

وقالت: "حولت أمي غرفة الطعام إلى غرفتي الخاصة وزينتها بالبطاقات التي تمنت لي الشفاء وبألعاب القطط المحشوة النائمة على السرير. أصبحت قادرة على تولي أمر كيسي الفغرة بمفردي وكذلك ارتداء ملابسي وتناول مسكنات الألم وبدأت أشعر باستقلالية أكبر".

استعادت صوفي تدريجاً معظم قوتها وبحلول بداية الصيف هذا العام، بدأت بوضع الخطط مع أصدقائها، حتى إنها تأمل بالعودة إلى العمل الشهر المقبل. وأخبرتنا: "لم أقد سيارتي لمدة عامين لأنني لم أكن بحال جيدة. ولكن في يوليو، كنت قادرة على قيادتها مجدداً في أنحاء البلدة. شعرت بالتوتر ولكنني كنت سعيدة بأنني حظيت أخيراً ببعض الاستقلالية لزيارة الأصدقاء". وأضافت: "في شهر أكتوبر، ذهبنا أليكس وأنا في موعد عشاء رومانسي إلى مطعم يقدم شرائح اللحمة يبعد 10 دقائق عن مكان سكني. ارتديت فستاناً ووضعت بعض المكياج وسرحت شعري. شعرت بأنني إنسان. تصرف أليكس بغاية الروعة، ذهب برفقتي إلى مواعيد الطبيب وكان يزورني في المستشفى كلما استطاع. لفترة طويلة، كنا في علاقة الشريك المقدم لخدمة الرعاية لشريكته، ونعود الآن إلى علاقة ثنائي طبيعية. كان الأمر بغاية الصعوبة، ولكنني محظوظة للغاية لوجوده إلى جانبي. كان رائعاً على المستويات كافة".

كما شعرت صوفي بفرحة عارمة للانضمام إلى أصدقائها لحضور بعض المهرجانات الموسيقية الصيفية لهذا العام. فبعد مهرجان "سيكريت غاردن"، حضرت مهرجان "ويلدرنس" في أوكسفوردشاير مطلع الشهر الحالي. كما ذهبت في رحلة نظمتها جمعية خيرية إلى بورنماوث في دورسيت في شهر يوليو برفقة شباب آخرين ناجين من السرطان للاستمتاع بالتجديف وصناعة الفخار والاستمتاع على الشاطئ. وقالت: "كانت العودة إلى البحر أمراً رائعاً. شعرت بالخوف بشأن كيسي الفغر ولكن شيئاً لم يحصل وكان الأمر مسلياً للغاية".

إضافة إلى الاستعداد للعودة لمهنتها في المدرسة في سبتمبر، تحرص صوفي على نشر التوعية حول سرطان القولون وتسليط الضوء على تأثيره في الشباب.

توثق صوفي بشجاعة مراحل تقدمها من خلال مقاطع فيديو على هاتفها وقالت: "يبدو أن أحداً لا ينظر إلى احتمال وجود سرطان القولون لدى الأشخاص تحت سن معينة. في حال شك أحد بإصابتي بسرطان القولون مبكراً، لكنت في حال أفضل الآن. من المهم للغاية معرفة العوارض كوجود دم في البول أو التورم أو التعب حتى إن كنتم في سن الشباب، عندما يكون من السهل التغاضي عن بعض الأمور والاعتقاد بأنها ستزول من تلقاء نفسها".

وأردفت صوفي: "عليكم الإصغاء إلى جسمكم والدفع قدماً لإجراء الاختبارات والفحوصات اللازمة لأن بوسع ذلك أن ينقذ حياتكم. إن كنت قادرة من خلال نشر التوعية على دفع شخص واحد إلى القيام بفحص القولون بالمنظار والحصول على تشخيص مبكر، سيستحق الأمر العناء. لا أريد أن يختبر أحد ما عشته".

وقبل العودة إلى العمل، ستذهب صوفي في رحلة إلى بليموث على شاطئ ديفون في نهاية أغسطس، حيث ستزور العائلة والأصدقاء. "أنا سعيدة لوجودي هنا"، قالت صوفي. "قمت بأشياء هذا الصيف لم أعتقد أنني قادرة على القيام بها. رأيت فتيات أخريات بنفس سني يعانين من المرض ذاته ولم يتمكن من الصمود ويصعب التفكير في أنهن لن يكبرن ويحظين بعائلة أو يتمكن من الذهاب إلى البحر كما أفعل أنا مجدداً. أود الاستفادة من كل يوم والاحتفال بما أملك وليس بما فقدته".

وفي سياق متصل، يفتخر أليكس بحبيبته إلى أقصى الحدود. وقال: "ليس بوسعي إضافة أي شيء سوى التعبير عن فخري واعتزازي بصوفي. رؤية كل ما مرت به هو أصعب أمر سأواجهه على الإطلاق. فبعد خضوعها للجراحة العام الماضي وكل ما حصل، وعندما رأيتها تمشي مجدداً للمرة الأولى من دون مساعدة أو عكاز، كنت فخوراً بها للغاية. إن مجرد تخطيها كل ذلك واستعدادها للتحدث عن الأمر ومحاولة مساعدة الآخرين، يجعلني أحبها أكثر وأكثر. كل هذا جعلني أدرك أن أكثر شيء أحببته فيها هو مدى تصميمها. لم أكن أعرف ذلك عندما قابلتها، لكن تصميمها هو الذي جعلني أقع في حبها".