تقرير أمريكي يكشف اسباب اختيار تركيا بدلاً من فرنسا في إعادة إعمار مطار الموصل
تقارير مترجمة | 21-08-2022, 22:49 |
بغداد اليوم- ترجمة
في أعقاب عمليات الهدم والدمار الذي خلّفه داعش، حاولت تركيا جاهدة المشاركة في إعادة إعمار العراق. وعلى الرغم من المنافسة الفرنسية التي واجهتها تركيا مؤخرًا في مناقصة إدارة مشروع إعادة إعمار "مطار الموصل الدولي"، التي تدمر منذ خمس سنوات في المعركة التي طردت التنظيم من المدينة، فازت تركيا بشكل غير متوقع بعقد مشروع المطار.
وقال تقرير لموقع "واشنطن انستيتيوت" الامريكي الذي ترجمته (بغداد اليوم)، انه"قد تسبب مشاركة تركيا في إعادة إعمار مطار الموصل مشاكل وسط التوترات الإقليمية مع فرنسا وإيران ، لكنها أيضًا رمز للعلاقات الاقتصادية المتنامية بين تركيا والعراق".
واستذكر التقرير قائلاً ، ان"رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ، اطلق في 10 آب إعادة إعمار "مطار الموصل الدولي" بعد اعلن محافظ نينوى، نجم الجبوري، أن أعمال التصليح ستُمنَح لـ"الشراكة ذات الخبرة الدولية" التي تجمع شركتين تركيتين هما "تي أي في للإعمار" و"77 للإعمار". وبالنظر إلى الأهمية السياسية والجيوسياسية التي أولتها تركيا للموصل، فضلًا عن نظرة العراقيين السلبية إزاء اهتمام تركيا بالمدينة، يتمتع المشروع بقيمة رمزية تتجاوز كونه مشروعًا لإعادة الإعمار في حقبة ما بعد التنظيم".
وتابع "لم تكن فترة إعادة الإعمار للمطار تسير بسلاسة، إذ تنافست عدة دول على عقود الإعمار المربحة.على سبيل المثال، أصرّت تركيا بشدة على إصلاح مطار الموصل منذ طرد التنظيم ، ويُعزى السبب بدرجة كبيرة إلى القرب الجغرافي للموصل من المناطق الداخلية السياسية والاقتصادية في تركيا. وفي المراحل الأولى، كانت الشركتان التركيتان "كورك للإنشاءات" ، التي تتولى عادةً مشاريع الإعمار في إقليم كردستان العراق، و"كاليون القابضة" التي تشارك في بناء "مطار إسطنبول" ومشاريع المترو مرشحتين لمشروع إعادة إعمار مطار الموصل.
إلا أن الشركتين واجهتا مقاومةً منذ البداية، لا سيما في ما يتعلق باقتراحهما لنموذج البناء والتشغيل والنقل - وهو نموذج يخوّل الشركتان بناء المطار أولًا ثم إدارته بعد ذلك قبل تسليمه إلى الحكومة العراقية. وفي إطار هذا النموذج، كانت الشركتان تتوقعان أمرين هما: أن توفر القوات العراقية أمن المطار، وأن يضمن الجانب العراقي خمسين ألف مسافر شهريًا لمدة عشرين عامًا. وعلى الرغم من شيوع اقتراح البناء والتشغيل والنقل هذا في تركيا، لم ترحب به الحكومة العراقية، التي كان سيُطلب منها دفع ما يقرب من 25 دولارًا لكل راكب إذا تعذّر الوصول إلى الهدف".
وخلافًا للاقتراح التركي، عرضت الشركة الفرنسية "آ دي بي للهندسة" تنفيذ المشروع كجهة مقاوِلة فحسب، بدلًا من تشغيل المطار بعد ذلك. وهذه الشركة معروفة وتُشارك بالفعل في تطوير بغداد والبصرة وبناء مطار دهوك. وفيما توقعت تركيا أن تستلم شركتاها المشروع، خاب أملها عندما سمحت الحكومة العراقية لـ"سلطة الطيران المدني العراقي" بالتفاوض وتوقيع عقد مع شركة "آ دي بي للهندسة" في كانون الثاني/يناير 2021.
جاء اتفاق العراق مع شركة "آ دي بي للهندسة" على حساب شركتَي "كورك للإنشاءات" و"كاليون القابضة" بمثابة صدمة، لا سيما مع زيارة رئيس الوزراء الكاظمي إلى أنقرة في كانون الأول2020، والمواجهة المتوترة بالفعل التي تحصل بين فرنسا وتركيا في الشرق الأوسط".
مع ذلك، سرعان ما عاد العقد إلى تركيا في الأشهر اللاحقة. وأفاد مصدر موثوق طلب عدم الكشف عن هويته أن "التحول من الشركة الفرنسية إلى شركتين تركيتين في اللحظة الأخيرة كان سببه إصرار بعض الجهات الفاعلة المحلية في الموصل ورئيس الوزراء الكاظمي".
ووضح انه"يبدو أن هذه الجهات الفاعلة السياسية العراقية أخذت زمام المبادرة لتسليم المشروع إلى هيئات تركية في اللحظة الأخيرة سعيًا إلى تعزيز العلاقة العراقية التركية".
وبين التقرير ، انه"بالإضافة إلى التبعات الإقليمية الأكبر للعقد التركي، يُعتقَد أن نموذج القرض الفرنسي اعتُبر في النهاية غير مناسب. وعرضت أيضًا الشركتان التركيتان إمكانية بناء المطار بتكلفة أقل، ما جعل الجانب التركي خيارًا أكثر جاذبية بالنسبة إلى العراق".
وقال المسؤول لقمان الرشيدي: "منعنا المشروع من الذهاب إلى الفرنسيين لأنهم أرادوا تنفيذه مقابل قرض. وفي اجتماعنا مع رئيس الوزراء، ذكرنا أن الموصل لها ميزانيتها الخاصة، وأنه لا داعي لتنفيذ المشروع بالائتمان".
وأُشير أيضًا في العراق إلى "أن الولايات المتحدة لم تكن مرتاحة لتدخل فرنسا في الموصل، ومن هنا جاء القرار النهائي بالتوقيع مع شركتَي "تي أي في للإعمار" و"77 للإعمار". فبعد انسحاب القوات الأمريكية من المنطقة، يرى بعض المراقبين العراقيين أن تصرفات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تشير إلى وجود مصلحة في تحويل الفراغ الذي قد ينشأ في السلطة إلى فرصة لتعزيز النفوذ الفرنسي في العراق والشرق الأوسط".
وذكر انه"مع تصاعُد التوترات في ظل التنافس المرير بين تركيا وإيران، أصبحت الموصل موقعًا مهمًا جدًا يأمل البلدان ممارسة نفوذهما ،تأمل تركيا في زيادة نفوذها باستخدام روابطها التاريخية بالموصل وعلاقتها مع المجتمع السني".
وقال انه"تجدر أيضًا الإشارة إلى نجاح تركيا في الحصول على مشروع المطار، لأنه يأتي في وقتٍ بلغت فيه المشاعر المعادية لتركيا ذروتها في العراق، خاصةً بعد هجوم تموز الذي أودى بحياة تسعة من السياح في زاخو. ويلوم العراقيون تركيا إلى حد كبير على الهجوم، مع أن أنقرة نفت مرارًا وتكرارًا مسؤولية قواتها.مع ذلك، لم تطغَ في النهاية هذه العقبة السياسية والعقبات المتعددة الأخرى التي سبقتها على حسنات العقد التركي في الجدال الدائر حول المطار. وملك تركيا بالفعل مصلحة اقتصادية قوية في العراق، إذ يتجاوز حجم التجارة بين العراق وتركيا 20 مليار دولار، وتعمل في البلاد مئات الشركات التركية بما ذلك شركات المقاولات".
وختم انه"تُظهِر حقيقة فوز تركيا في نهاية المطاف بمناقصة المطار أن إمكانات أنقرة السياسية والاقتصادية ما زال لها وزن في أذهان المسؤولين العراقيين. وإلى جانب الوجود المادي لتركيا في البلاد، تبقى قوتها الناعمة عاملًا مهمًا في ديناميكيات العراق. كما أن قدرة أنقرة على تأمين مشروع المطار تمنحها الأمل في العلاقات المستقبلية والمشاريع الجديدة في البلاد".