زراعة العراق تواجه ’شبح الإندثار’.. مزارعون لـ(بغداد اليوم): الجمعيات الفلاحية تسلطت علينا وضيعت حقوقنا
محليات | 25-07-2022, 13:46 |

بغداد اليوم - بغداد
بين فتح الاستيراد وقائمة الممنوعات من الاستيراد الخارجي، لا يزال النقص يضرب اطناب الزراعة والانتاج الزراعي للفلاحين على الرغم من الحاجة الملحة لها اضافة الى امكانية انتاج انواع مختلفة من المحاصيل والخضار التي يمكن ان تغني العراق عن استيرادها وتوفر وفرة مالية ناهيك عن فرص العمل للفلاحين.
ويشكو مزارعون من عدم توفر الدعم الحكومي لهم خاصة في ظل وجود ما تسمى بـ "الجمعيات الفلاحية" والتي من المفترض تحملها مسؤولية دعم المزارعين من اجل رفع الطاقة الانتاجية، لكنها لم تقدم شيئا لهم.
ويحذر مراقبون من أن تكون الجمعيات الفلاحية جزءً من الصراع السياسي بسبب تحول بعضها الى "اوكار فساد" حيث دخلت ضمن التقاسم في المناصب.
رفع الدعم وقلة التخصيصات المائية
تعزو وزارة الزراعة النقص الحاصل في الانتاج الزراعي الى رفع الدعم عن الفلاح العراقي وقلة التخصيصات المائية للأراضي الزراعية، فيما اكدت دعم المزارعين ضمن قانون الدعم الطارئ للامن الغذائي.
وقال المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف في حديث لـ (بغداد اليوم): أنه "نظرا للظروف التي يمر بها العراق من قلة الايرادات المائية وبالتالي اثر سلبا على كميات المحاصيل المنتجة"، موضحاً أنه "محليا لدينا كثير من المحاصيل اليوم يتم استيرادها نتيجة قلة انتاجها وخاصة الفواكه باعتبار قلة الايرادات المائية اثرت على البساتين بالإضافة الى تقليص الخطة الزراعية".
واضاف النايف أن "وزارة الزراعة تقدم الخدمات للفلاحين والمزارعين سواء كانت البحثية او الخدمية وتقدم لهم الاسمدة والمبيدات وكذلك المستلزمات الزراعية كالأسمدة بأنواعها والبذور وبأسعار مدعومة".
وتابع أنه "منذ سنوات طويلة تقدم للفلاحين الدعم ولكن تم رفع الدعم بعد رفع الورقة البيضاء باعتبار ان العراق بدستوره الان هو دولة رأسمالية".
واكمل أن "الفلاحين ما زالوا يحتاجون الدولة وبالتالي اليوم قدمت وزارة الزراعة رؤية في البرنامج الاخير وهو قرار الدعم الطارئ بدعم الفلاحين و المزارعين والحصول على مبالغ مالية رغم انها متواضعة وقليلة الا انه من خلالها تمكنت وزارة الزراعة دعم الفلاحين بالأسمدة والمبيدات والمرشات وغيرها من الامور التي يحتاجها الفلاح".
الجفاف.. مشكلة مستمرة
وفي السياق، لفت النايف الى أن "وزارة الموارد المائية هي الجهة المعينة بتوفير وادارة المياه وهي التي تقاسم المياه على مفاصل الدولة المختلفة ولكن قلة الامطار وانحباس الحرارة وقلة الايرادات من دول الجوار ادت الى تقليص الخطط الزراعية واثرت على الفلاحين والمزارعين وحرمتهم من زراعة الكثير من المحاصيل منها الرز الذي تم تقلصه الى عشرة الاف دونم بعد ان كان يزرع 400 الف دونم وكذلك الذرة الصفراء تم تقليصها".
وبين ان "العراق اليوم امام مشكلة كبيرة وهي مشكلة الجفاف والوزارة اتخذت اجراءات هامة جدا بينها استخدام التقنيات الحديثة للري كالري بالرش والتنقيط والمرشات المحورية والثابتة من اجل تقليل استخدام المياه ومواجهة ازمة الجفاف بالإضافة الى الاعتماد على المياه الجوفية من خلال منظومات الري التي من خلالها لدينا برنامج لزراعة مليون دونم من الحنطة للموسم القادم لتأمين محصول الحنطة العراقيين".
أوكار للفساد وادوار شكلية
بالمقابل، يرى خبراء اقتصاديون أن "الجمعيات الفلاحية بدأت تأخذ ادوار شكلية في معالجة الاحتياجات الزراعية كما انها تحولت الى "اوكار للفساد" بسبب التخصيصات المالية لها".
ويقول الخبير الاقتصادي عدي الكعبي، لـ (بغداد اليوم)، أن "من اهم مهام الجمعيات الفلاحية هي التنسيق مع وزارة الزراعة بما يخص الية عمل الوزارة ومشاريعها الانية والمستقبلية وتأهيل الفلاحين والتنسيق في شراء او استئجار المكائن والمعدات او مكافحة الآفات الزراعية او معالجة شح المياه".
وتابع أن "تلك الجمعيات تأخذ على عاتقها التنسيق مع اعلى الجهات بالدولة بشأن الفلاحين وكذلك توفير القروض الميسرة وعقد الاجتماعات الدورية التي تستهدف معرفة اهم اشكالات الريف ويكون لهم تنسيق عالي مع الوزارات ذات الشان بتطوير قطاع الزراعة"، مبينا ان "الجمعيات الفلاحية الحالية لا تقوم بهذا الدور لكونها صارت تأخذ ادوار شكلية اضافة الى انها باتت اوكار للفساد بسبب التخصيصات المالية التي تخصص لها".
الجمعيات الفلاحية تدافع عن عملها
وعلى الرغم من الانتقادات الموجهة لها، تؤكد الجمعيات الفلاحية أنها "تلعب دورا مهما في مساندة الفلاحين كما انها "المدافع الاول" عن الفلاح العراقي، فيما حددت اسباب تراجع الزراعة".
وقال رئيس الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية حسن التميمي لـ (بغداد اليوم)، إن "الجمعيات الفلاحية اسهمت برفع تقليص كمية الحنطة المزروعة وايضا شكلت لجان لتعويض الفلاحين المزارعين لمحصولي الحنطة والشلب نتيجة لخفض الخطة الزراعية وقلة المياه إضافة الى المساهمة بتشريع بعض القوانين التي تخص الفلاحين نتيجة الضغط الذي شكل من قبل الاتحاد العام لجمعيات الفلاحية وفروعه في المحافظات على الوزارات ذات الصلة وايضا على البرلمان العراقي".
واضاف التميمي أن "الجمعيات الفلاحية اليوم هي نشطة و تقوم بدورها بشكل صحيح ولا تقبل المساومة على حقوق الفلاحين من اي جهة كانت سواء وزارة او اي جهة اخرى مهما كانت صفتها وخاصة ان الفلاح اليوم هو من يصنع رغيف الخبز".
عدم استغلال القطاع الزراعي
وعلى صعيد متصل، شددت لجنة الزراعة والمياه والاهوار النيابية على ضرورة وضع الخطط الصحيحة للزراعة من قبل الجمعيات الفلاحية وان لا تكون ممن يستغلوا دعم القطاع الزراعي.
وقال عضو اللجنة النائب رفيق الصالحي، لـ (بغداد اليوم): إنه "بالنسبة للجمعيات الفلاحية لو وضعت الخطط الزراعية من قبل مختصين ستكون جميع هذه المسميات ساندة لتسهيل الثروة الزراعية وقطع الطريق عن اي استغلال لدعم القطاع الزراعي".
وكان مستشار لجنة الزراعة في البرلمان، عادل المختار، قد انتقد الدور التي تقوم به الجمعيات الفلاحية في العراق في الوقت الحالي وابتعادها عن مهامها الاساسية واصبحت تؤيد مجمل القرارات الحكومية.
ويأتي ذلك بينما يشكو مزارعون من غياب واضح لدور الجمعيات الفلاحية بالتزامن مع ارتفاع اسعار السماد والبذور.