آخر الأخبار
"التعامل بالمثل".. خارطة طريق عراقية لحل ملف الفصائل المسلحة داخليا لعام آخر.. العراق يحتاج الغاز الإيراني ولا بدائل قريبة - عاجل واشنطن لبغداد: لا مزيد من الاعتماد على مصادر الطاقة الايرانية بمشاركة العراق.. انطلاق أعمال اجتماع دول الجوار السوري في عمّان "روناكي" يثير غضب الكرد: أسعار خيالية وضرائب جنونية

استدعاء وزير المالية.. خطوة بطريق الإصلاح ام ضحية للصراعات السياسية

سياسة | 20-02-2022, 12:51 |

+A -A

بغداد اليوم – تقرير : محمود المفرجي الحسيني

على غير مجريات الاحداث، التي تدور في فضاء تشكيل الحكومة والازمة بين التيار الصدري، والاطار التنسيقي، ولجت فجأة على وجه الاحداث، قضية أخرى شكلت ربما ازمة جديدة تضاهي ازمة تشكيل الحكومة، متمثلة بممارسات وزير المالية علي عبد الأمير علاوي، الذي يتعرض حاليا على إرادة قوية من البرلمان بمساءلته عن كثير من سياساته المالية ، ومنها سعر صرف الدولار.

وكان سعر صرف الدولار يعادل 120 دينار عراقي، قبل ان يتم رفعه الى 145 دينار عراقي، الامر الذي أدى الى حدث جدل كبير في حينه، خاصة من قبل الخبراء الاقتصاديين، الذين وصفوا العملية بانها خفض لسعر صرف الدينار العراقي، وليس رفع سعر الدولار.

ودعا النائب الأول لرئيس مجلس النواب، حالكم الزاملي، لإصدار امر منع سفر بحق وزير المالية، علي عبد الأمير علاوي، لحين اكمال متطلبات حضوره إلى مجلس النواب.

 

جاء ذلك في كلمة الزاملي، يوم السبت الماضي، خلال اجتماع رئيس البرلمان حاكم الزاملي بشأن استضافة وزير المالية ومحافظ البنك المركزي.

 

الزاملي دعا لإصدار أمر منع سفر بحق وزير المالية، علي عبد الامير علاوي، محملاً وزارة الداخلية والمخابرات المتواجدين في المطار مسؤولية ذلك، "لحين إكمال متطلبات حضوره إلى مجلس النواب الإجابة عن الاسئلة بعد ذلك من حقه الاستقالة أو البقاء".

 

وأضاف أن "طلب الاستضافة لوزير المالية ومحافظ البنك المركزي جاء بعد تواقيع لأكثر من 50 نائباً"، مؤكداً في الوقت نفسه انه "ليس لدينا أي خلاف مع وزير المالية".

 

الزاملي أشار إلى أن وزير المالية "نقل تجاربه الخاسرة للشركات التي أدارها خارجاً الى العراق، ولم يقدم أي شيء لهذا البلد، وساهم بارتفاع ديون العراق الى 27 تريليون دينار في عام واحد فقط".

 

ونوه إلى أن وزارة المالية "لم ترسل حساباتها المالية لغاية الآن، ولم تتخذ أي اجراءات لاستحصال الديون لدى شركات الاتصال، والأموال المهربة والفضائيين".

 

النائب الأول لرئيس البرلمان أكد أن البنك المركزي هيئة مستقلة تحت إشراف السلطة التشريعية، ونحن مسؤولين عن متابعة السياسة المالية، "وواهم كل من يسعى لتعطيل دور البرلمان التشريعي والرقابي".

 

يأتي هذا الاجتماع بعد مطالبة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، في بيان باستدعاء كل من مدير البنك المركزي ووزير المالية العراقي الى البرلمان "فوراً".

 

وطرح الصدر عدّة مقترحات فيما يتعلّق بسعر صرف الدولار في العراق، وذلك للسيطرة على سعر الصرف والحدّ من الانعكاسات السلبية التي خلفها رفع قيمة العملة الأجنبية مقابل الدولار.

 

 ومن ضمن المقترحات إيقاف تهريب العملة وكذلك الفواتير المزوّرة، "بقوة وحزم".

 

كما دعا الصدر الى النظر في أمر بعض البنوك "مثل بنك الشرق الأوسط القابض والأنصاري العائدة لبعض الأشخاص المتحكمين بالعملة، وبعض المصارف الأهلية الأخرى.

 

زعيم التيار الصدري، اقترح تنظيم سوق العملة العراقية بصورة مركزية بأسلوب صحيح، وبسن بعض القوانين التي تزيد من قيمة سعر صرف الدينار العراقي، الى جانب التعامل "بحزم" مع بعض البنوك العائدة لبعض الأحزاب المتحكمة في البلاد.

 

وكانت الحكومة العراقية قد قررت في كانون الأول 2020 سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، في إطار مساعيها لمعالجة العجز المالي الذي يواجه البلد.

 

وأثر قرار رفع قيمة الدولار أمام الدينار العراقي بشكل كبير على حركة السوق والأسعار، ما انعكس بشكل سلبي على الواقع المعيشي للشعب وخصوصاً شريحة الدخل المحدود.

الى ذلك دخل الحزب الديمقراطي الكردستاني، اليوم الاحد، على خط الازمة وطالب تقديم وزير المالية علي عبدالامير علاوي الى القضاء.

 

وقال القيادي في الحزب النائب محما خليل علي اغا، في بيان تلقته (بغداد اليوم)، إن "على وزير المالية توضيح اسباب تأخير صرف رواتب الموظفين والمتقاعدين، اذ أن هذا التأخير خرق دستوري وقانوني يثير الشكوك والريبة بوجود مصالح خاصة، بجني فوئد مالية جراء هذا التأخير، متسائلا "أين تذهب هذه الفوائد المترتبة على تأخير الرواتب البالغة ترليونات الدنانير العراقية".

 

وعدّ علي اغا، ان "وزير المالية العراقي كبل العراق بالديون، عن طريق الاقتراض من دول العالم وصندوق النقد الدولي والتي القت بظلالها على المواطن، مشيرا الى "الشروط التعجيزية التي كبلت العراق والتي كانت من نتائجها ان ٥٠٪ من مشاريع الموازنة العامة لم تنفذ وهذا خطر ادى الى تحطيم سعر صرف الدينار العراقي، وعكس السياسة المالية للوزارة في طريقة ادارتها للملف المالي، فلا توجد اي دولة في العالم تقوم بتحطيم سعر عملتها الوطنية باستثناء وزارة المالية العراقية بحجج وذرائع غير مقبولة".

 

واعتبر، ان "هذه التصرفات تشكل خطرا كبيرا على البلد والمواطن والممتلكات وترقى الى مستوى الخيانة، مؤكدا، انه "سنقوم بالايام المقبلة بالتحقيق بانخفاض سعر الدينار مقابل الدولار".

 

وافاد، ان "هذه الممارسات المالية أدت الى هشاشة السوق المالية" العراقي رغم رفع العقوبات عن البلاد وقيامه بدفع ديون الكويت وارتفاع أسعار النفط ووصوله الى ٩٠ دولار للبرميل الواحد، فضلا عن استقرار النظام الديمقراطي في العراق والتداول السلمي للسلطة".

 

ورأى انه "كان من المفترض ان يرجع الدينار إلى ما قبل فرض العقوبات الدولية في تسعينيات القرن الماضي، الا ان اجراءات وزارة المالية الخالية من وجود رؤية اقتصادية واضحة، وبإجراءات فاشلة من قبل الوزير أدت إلى  تدمير العملة الوطنية وتأخير رواتب الموظفين والمتقاعدين ".

 

وطالب "بتقديم وزير المالية الى القضاء، مؤكدا مساندته " لموقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لوقوفه الى جانب مصلحة البلد، اذ انه اثبت حرصه على كل العراقيين وخاصة الفقراء".

 

واضاف، ان "موقف السيد الصدر أثبت أنه زعيم سياسي اضافة الى زعامته الشعبية فموقفه مقدمة جديرة لمعالجة وحل مشاكل البلاد الاقتصادية وإخراجها من سطوة الشخصيات المتسلطة على الملف الاقتصادي العراقي والتي أدت الى هذه النتائج الكارثية لبلد مثل العراق هو الاغنى بالمنطقة وشعبه من أفقر الشعوب".

 

وتابع "سنعمل مع الكتلة الصدرية وبقية النواب بتفعيل الدور الرقابي في البرلمان وسندعم موقف النائب الأول حاكم الزاملي بمطالبته لوزير المالية بالحضور الى مجلس النواب، وعدم السماح له بالتلاعب بقوت المواطن".

 

وعبر عن قناعته بان "أصحاب هذه المبادرات ستعزز دور البرلمان الرقابي بالمصادقة على الموازنة".

 

من جانبه اكد الخبير القانوني المستشار سالم حواس الساعدي، اليوم الأحد، ان مجلس النواب لا يملك الحق في منع سفر وزير المالية او غيره من المواطنين الا بناءً على قرار صادر من القضاء.

 

وقال الساعدي في بيان تلقته (بغداد اليوم)، ان " كتاب النائب الاول لرئيس مجلس النواب المؤرخ في 2022/2/19 الموجه للادعاء العام بمنع سفر وزير المالية هو مخالف للقانون واصول المحاكمات الجزائية والمرافعات المدنية وقانون الكمارك والقوانين المختصة".

 

وأضاف، ان "مجلس القضاء الاعلى هو الجهة الوحيدة التي تملك الحق في منع سفر وزير المالية او غيره، مبيناً، ان "الاختصاص القانوني بكل اشكاله قد حدد ذلك على وفق قوانين المرافعات المدنية وقانون الجوازات وقانون الكمارك".

 

وأشار الى "امر الدفاع عن السلامة الوطنية لسنة 2004 يبيح لرئيس مجلس الوزراء منع السفر بشرط حالات الطوارئ وايضاً بشرط عرض الامر على القضاء بكل الأحوال".

 

وأوضح، ان "مبررات منع السفر هي لضمان عدم هروب المتهم خارج البلاد كاجراء وقائي صادر عن السلطة القضائية المختصة وضمن اجراءات القضاء المستعجل، مبينا، ان ذلك يستلزم شرط وجود  دعوى جزائية او مدنية وقرار بمنع السفر حسب قناعة السلطة القضائية".

 

وعلى السياق ذاته علق الخبير القانوني علي التميمي، اليوم السبت، على إمكانية مجلس النواب العراقي في منع سفر المسؤولين التنفيذين.

 

وقال التميمي، لـ(بغداد اليوم) ان "مجلس النواب العراقي، لا يملك أي صلاحية لمنع سفر المسؤولين التنفيذين، وهذا الأمر من صلاحية القضاء حصراً، وممكن لرئاسة البرلمان تقديم طلب بذلك، للقضاء وهو من يقرر المنع او غير ذلك".

 

وبين ان "تقديم البرلمان العراقي طلب للقضاء بمنع سفر أي مسؤول يكون من خلال تقديم ادلة تثبت تورط هذا المسؤول بقضايا فساد وتحقيق، ولهذا يمنع سفره لحين انتهاء التحقيق، وعكس ذلك لم يصدر أي منع أي قرار بمنع أي مسؤول او حتى مواطن وفق طلب برلماني فقط دون أي ادلة ووثائق".

 

سياسيا ... كشف ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، اليوم السبت، عن ما وصفها "طريقة وحيدة" يمكن من خلالها تخفيض سعر صرف الدولار امام الدينار العراقي.

 

وقال النائب عن الائتلاف عارف الحمامي، إن "مجلس النواب العراقي لا يمتلك أي صلاحية ليقرر خفض سعر صرف الدولار امام الدينار العراقي"، معتبراً أن "عملية استضافة وزير المالية علي علاوي محاولة لتحميل الوزير هذه المسؤولية، رغم ان القرار كان مدعوماً من قبل البرلمان السابق والقوى السياسية المتنفذة فيه".

 

وبين الحمامي أن "تخفيض سعر صرف الدولار امام الدينار العراقي من صلاحية مجلس الوزراء حصراً، وعملية التخفيض يجب ان تكون ضمن مسودة مشروع قانون الموازنة، وبخلاف ذلك لا يمكن اجراء أي تغيير في سعر الصرف"، لافتاً إلى أن "كل حديث عن ذلك هو بعيد عن الحقيقة الواقع، ومحاولة لايهام الشارع العراقي فقط".

 

وفي وقت سابق، استبعد مصدر مسؤول في وزارة المالية العراقية "بشدة" عبر حديثه الى وكالة شفق نيوز، إمكانية تغيير سعر الصرف وخفض قيمة الدولار مقابل الدينار لما له من انعكاس سلبي على اقتصاد البلاد.

 

والسؤال الذي يطرح نفسه، هل ان هذه الازمة، هي منطلقا لإجراء الإصلاح السياسي والاقتصادي في البلد، ام ان وزير المالية سيكون ضحية صراعات سياسية مقبلة.