تقرير يكشف عن اهم المعوقات التي تحول دون حدوث إصلاحات اقتصادية بالعراق
اقتصاد | 16-02-2022, 15:14 |
بغداد اليوم - متابعة
أشار الخبير الاقتصادي العراقي، احمد الطبقجلي، في تقرير جديد له الى ان النمو الاقتصادي العالمي سيستمر بالتصاعد حاليا وسيسير بمنحى اكثر اعتدالا للمرحلة القادمة 2022- 2023 وذللك بعد ادراك العالم كيفية التعامل مع المتحور الجديد، فايروس أوميكرون، وسيكون لهذا النمو الاقتصادي العالمي اثره الواضح على الانتعاش الاقتصادي للعراق للمرحلة القادمة اخذين بنظر الاعتبار الطلب المتزايد على النفط الخام في السوق العالمية.
ويذكر الطبقجلي بان عوائد مبيعات النفط في العراق انخفضت خلال العام 2020 بسبب قيود إجراءات الحد من انتشار فايروس كورونا من 6.1 مليار دولار في شهر كانون الثاني الى 1.5 مليار دولار فقط بحلول شهر نيسان من ذلك العام قبل ان ترجع لتتعافى بشكل تدريجي لتصل الى 4.1 مليار دولار في شهر كانون الأول نهاية عام عام 2020. وكانت استحقاقات رواتب الموظفين ورواتب المتقاعدين في ذلك الوقت تشكل نسبة 95% من نسبة عوائد النفط في حين تم تخصيص 18% فقط من الميزانية للإنفاق على البضائع والخدمات الأخرى.
وبحسب تقرير تابعته (بغداد اليوم)، بدأت الحكومة اعتبارا من منتصف عام 2020 مرورا بعام 2021 بإدخال خطة انتعاش اقتصادي من خلال ضخ سيولة نقدية عبر الاقتراض الداخلي الذي ازداد بنسبة 22% بحلول نهاية عام 2020 وانخفض تدريجيا الى 9% بحلول تشرين الأول عام 2021 . وفي هذا العام أيضا ازدادت مبيعات النفط من 4.8 مليار دولار في كانون الثاني 2021 الى ما يقارب من 7.3 مليار دولار في شهر كانون الأول نهاية العام. وتمكنت الحكومة العراقية في حينها من تغطية جميع نفقاتها المهمة عقب تمرير ميزانية 2021 في منتصف شهر نيسان.
وبخصوص التطورات الحاصلة في القطاع الاقتصادي غير النفطي فان المعلومات المتوفرة تشير الى زيادة نسبة الانتعاش في هذا القطاع بمقدار 21% خلال النصف الأول من عام 2021 مقارنة بالمرحلة نفسها من العام 2020، في وقت تخمن المؤشرات الحالية استمرار هذا الانتعاش ولكن بمعدلات اقل.
توقعات النمو الاقتصادي للعراق على المدى القصير تشير الى ان السيولة المالية المتحققة في الاقتصاد العراقي على مدى السنتين الماضيتين ستزداد اكثر خلال عام 2022- 2023 بسبب الطلب المتزايد على النفط جراء الانتعاش الاقتصادي العالمي وتعافي أسعار سوق النفط العالمية. عقود البيع الآجلة تشير الى ان سقف سعر برميل النفط سيستمر بتخطي حاجز الـ 70 دولارا لحين عام 2024 ثم يتراجع تدريجيا ليصل الى 65 دولارا للبرميل في مستهل عام 2029.
مثل هكذا أسعار مرتفعة للنفط فإنها ستوفر للحكومة القادمة السبل للاستمرار بالسياسة الاقتصادية التوسعية الحالية عبر العام 2023 القادم في الوقت الذي سيسمح لها أيضا بزيادة رصيد الميزانية من الفائض المالي. هذه المنشطات الاقتصادية ستحسن بالنتيجة الميزانية العراقية في تسديد النفقات على نحو جيد لعدة سنوات قادمة والذي يكون مردوده بزيادة الفائض من احتياطيات العملة الصعبة، وسيعزز ذلك منحى نمو اقتصادي مستمر للبلد طالما تبقى أسعار النفط مرتفعة.
عوائق سياسية
على الرغم من كل ذلك، فان هكذا توجه نحو ميزانيات سنوية سيزيد من عمق اختلال الموازنات الهيكلية للبلد ويجعلها أكثر عرضة لصدمات اقتصادية مستقبلية. الازمة الاقتصادية التي عاشها العراق عام 2020 لم تكشف فقط هشاشة الاقتصاد العراقي بل كشفت أيضا عن المراحل المتقدمة لاختلال الهيكلية الاقتصادية للبلد. كان من الضروري اتخاذ إجراءات جذرية لتلافي حالة الانهيار. انها الورقة البيضاء للإصلاح الاقتصادي التي يجب على كل حكومة تطبيقها للكشف عن مسببات اختلال البنية الاقتصادية التي يعانيها البلد بسبب المنظومة السياسية التي اعتمدها البلد بعد العام 2003. وهنا يكمن الضعف في تطبيق بنود الورقة البيضاء الإصلاحية او أي جهد اخر لتطبيق سياسة إصلاح اقتصادي.
نفوذ مجاميع النخب السياسية في البلد على البرلمان والوزارات الحكومية هو اكثر من نفوذ السلطة الحكومية عليها، وهذه النخب رفضت بشدة واعاقت تنفيذ إصلاحات الورقة البيضاء خلال العام 2021.
انتعاش أسعار النفط
يشير الخبير الاقتصادي، الطبقجلي، الى ان تعافي أسعار النفط سيعمل على تثبيط همم الشروع باتخاذ خطوات ضرورية للإصلاح الاقتصادي. منوها الى ان الحكومة القادمة ستركن الى نفس الحلول الوسطية التي اعتمدتها الحكومات السابقة من عام 2018 الى 2021 والتي توضح فشل تطبيق الإصلاحات التي نادى بها صندوق النقد الدولي في حينها وتعرض البلد لصدمة 2020 الاقتصادية.
الأشهر التي ستعقب تشكيل الحكومة القادمة ستكون بمثابة اختبار لها فيما اذا تتمكن من تطبيق الإصلاحات المدرجة في الورقة البيضاء او انها ستكون بمثابة ورقة اصلاح يتم نسيانها حال تخطي الازمة الاقتصادية. المشكلة في العراق هي ان الاهتمام بالإصلاح الاقتصادي يكتسب زخما حال حصول هبوط بأسعار النفط وحصول ازمة اقتصادية، في حين ان تنفيذ إصلاحات مستدامة وذات معنى في مثل هكذا ظروف تكون صعبة لان الحكومة ستضطر لانفاق كل مواردها لتلافي حصول انهيار مالي قصير المدى. الاندفاع نحو اصلاح اقتصادي سيتلاشى مباشرة حال تعافي أسعار النفط، ولكن يتوجب على الحكومة في مثل هذا الوقت بالتحديد ان ترفع من معدل استقرار ومرونة الميزانية تجاه تمرير إصلاحات تمكن البلد من الصمود في أوقات الازمة والصمود امام التوقعات الحتمية لتقلبات أسعار النفط وهبوطها على المدى المنظور.