رئيس عربي متهم .. (بغداد اليوم) تكشف تفاصيل الانقلاب ضد عبدالسلام عارف
سياسة | 25-06-2021, 10:57 |

بغداد اليوم – تقرير محمود المفرجي الحسيني
منذ عام 1958، والى الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003، عاش العراق فترة مخاض سياسي عسير، واضطرابات وانقلابات عسكرية على الحكم ، وحروبا خارجية، في فترات متباينة من تاريخه الحديث المعاصر، فلم يعرف الاستقرار طيلة هذه الفترة الطويلة، الا بسنوات قليلة وبفترة نسبية.
وقام الضباط الاحرار، بقيادة الزعيم عبدالكريم قاسم، ورفيق دربه العقيد عبدالسلام عارف، بانقلاب ضد الملكية في العراق، عام 1958، وتم قتل العائلة الحاكمة حينذاك، قبل ان يقوم عبد السلام عارف بالتحالف مع حزب البعث، والانقلاب على رفيقه عبد الكريم قاسم، وقتله في مبنى الاذاعة والتلفزيون عام 1963، ليتسنم عبدالسلام الحكم ليكون رئيسا للجمهورية ، قبل ان تسقط به الطائرة في البصرة ويلقى حتفه بعد اربع سنوات من حكمه.
خلال هذه الاربع سنوات، شهدت البلاد اضطرابات عديدة، منها عملية الانقلاب الفاشلة عام 1965، التي قام بها رئيس الوزراء وزير الدفاع قائد القوة الجوية عارف عبدالرزاق.
يقول عارق عبدالرزاق، في شهادته على هذه الحادثة، انه تسنم منصبه كرئيس للوزراء في 5 ايلول عام 1965، وسافر عبد السلام لحضور قمة المغرب في 12 ايلول (اي بعد ايام) ، وشرع بانقلاب ضده في بوم 15 من نفس الشهر.
الا انه يبدو ان عبد الرزاق كان توجهه ناصريا وحدويا، وكان ولاؤه الى عبدالناصر ، الذي يرى بان عبدالسلام عارف خرج من خطه الوحدوي العربي.
واضاف ، ان "بيان الانقلاب كتبه عبد الهادي خماس وصبحي عبدالحميد، وتم وضع الخطة الانقلابية، حيث اتفقت معهما ان تتحرك القطعات العسكرية في الساعة الـ 11 مساء، الا ان الخطأ الذي وقعوا فيه هو تحريكها في الساعة العاشرة". مبينا، انه "في هذا الوقت انا كنت في دائرة الامن، ثم منها الى قيادة القوة الجوية، ثم الى الحرس الجمهوري، حيث رأيت وجود حركة غير طبيعية، واكتشفت حينها ان احد الضباط افشى بالخطة واسماء الضباط الى سعيد صليبي (الذي كان ولاؤ لعبد السلام عارف) ".
وتابع "حين وصولي الى مبنى رئاسة الوزراء كان لي 10 ضباط ركن في مقر الرئاسة ، واخبروني، ان سعيد صليبي وحميد قادر اصدرا امر انذار لكل القطعات العسكرية في بغداد وكذلك للشرطة وقاعدة بغداد، فقمت بالاتصال بسعيد مع وجود عدد من الضباط، وكانت نيتي حبسه، لكن شعرت ان الخطة اصبحت مكشوفة تماما، فحاولت الانتحار بمسدسي الا ان الموجودين جردوني من سلاحي، وعرضوا علي ان أأخذ طائرة بمعية ضباط الانقلاب الذين كان عددهم 17 ضابطا واتوجه الى مصر ".
واوضح، انه "حال وصولي الى مصر استقبلني المشير عبد الحكيم عامر، الذي لم اراه فيما بعد الا مرة واحد، حيث اعطتنا مصر رواتب لاجئين، وكان راتبي الاعلى بـ 200 جنيه مصري، والاخرين 100 جنيها و80 جنيه، وتم منعنا من الخروج من القاهرة ".
في هذه الاثناء كان الرئيس عبد السلام عارف في المغرب على رأس وفد رسمي عراقي كبير لحضور اعمال القمة العربية في المغرب، وكان من ضمن الوفد الصحفي الرائد المعروف شيخ الصحفيين محسن حسين، احد مؤسسي وكالة الانباء العراقية (واع) في عام 1959.
التقت (بغداد اليوم)، بمحسن حسين الذي يبلغ من العمر حاليا (88 عاما)، وسرد هذه الحادثة بالتفصيل، وقال ، انه "اثناء وجودنا في المغرب ، اخبرنا المصريون بان مجموعة من الضباط وعلى رأسهم رئيس الوزراء عارف عبد الرزاق، قاموا بانقلاب عسكري فاشل، وان الامور حاليا هادئة لا تدعو للقلق، الا ان عبد السلام عارف كان منزعجا جدا".
واضاف، ان "الاجواء داخل الوفد العراقي كانت متوترة جدا ، وكانت هناك هواجس بان الانقلاب ضد عبد السلام الذي جرى قبل يوم واحد من انتهاء القمة، تم بمساعدة مصرية، مشيرا الى ان الرئيس المصري الاسبق جمال عبد الناصر هو من اتصل بعبدالسلام عارف واخبره بالانقلاب".
وتابع حسين، انه "في اليوم التالي وصل من بغداد وزير الصحة العراقي وطمأن عبد السلام بان حركة الانقلاب فشلت، مشيرا الى ، ان "من الغرابة ان تفشل محاولة انقلاب يقوم بها رئيس وزراء ووزير دفاع وقائد للقوة الجوية في آن واحد، فضلا عن كونه ينوب عن الرئيس في فترة غيابه".
واوضح حسين، ان "المصريين حاولوا ان يكونوا بعيدين عن التهمة، من خلال اتصال عبد الناصر، مبينا ان "الرئيس عبد السلام عارف قطع اعمال القمة وتوجه بنا بطائرة خاصة الى القاهرة، حيث كان باستقبال الوفد العراقي المشير عبدالحكيم عامر وقام بطمأنة عبد السلام عارف ، بان كل شيء على ما يرام".
واشار محسن حسين الى "مشادة كلامية حدثت في الطائرة بين عبد السلام عارف وبين وزير الخارجية عبد الرحمن البزاز، بسبب مرور الطائرة بليبيا التي لم يتم فيها استقبال عبد السلام رسميا لا من قبل الملك او ولي العهد، حيث انزعج عبد السلام وطلب من البزاز النزول الا ان البزاز رفض".
وقال محسن حسين "عند وصولنا الى القاهرى، ارسل في طلبي الرئيس عبد السلام عارف، وامرني ان ارسل خبر الى وكالة الانباء العراقية (واع)، بان الوفد العراقي سيبقى الليلة في القاهرة، مشيرا الى انه بعد انتهاء مراسيم الاستقبال لعبد السلام عارف، اتت مجموعة من السيارات واخذت افراد الوفد الى قصر القبة، ووزعت علينا الغرف، لكن لاحظنا ان عبدالسلام عارف والمشير عبد الحكيم عامر، ذهبا لجهة غير معلومة، وحينها انتشرت شائعات، واعتقدنا ان الرئيس المصري جمال عبد الناصر اعتقلنا جميعا دعما للانقلاب العسكري الفاشل".
واسترسل حسين في حديثه، وقال "الا انه بعد نصف ساعة، طلب منا النزول من غرفنا الى الطابق الارضي لتناول طعام الغداء مع الرئيس عبد السلام عارف والمشير عامر، لكن فوجئنا باخذنا الى سيارات، خرجت من القاهرة الى الصحراء، مما زادت الهواجس والمخاوف في داخلنا".
واضاف "وصلنا الى منطقة عسكرية فيها مطار صغير، وتم توجيهنا بالصعود الى طائرة مدنية تابعة لشركة الخطوط العربية المصرية، وجلسنا بدون وجود عبدالسلام، حيث بقينا جالسين لمدة ثلث ساعة، وحينها جاء عبد السلام عارف والمشير عامر".
ولفت حسين الى حادثة حدثت في الطائرة في هذه الاثناء، وقال "عندما جلس الرئيس عارف كان وجهه مكفهرا منزعجا جدا، لدرجة ان احد الصحفيين ساله عن الموضوع، فقام عبد السلام بنهره بشدة ".
وتابع "بعد لحظات جاء قائد الطائرة وقام باداء التحية العسكرية لعبد السلام عارف، وذكر اسمه ، وعرفنا من خلال اسمه انه شقيق الرئيس جمال عبد الناصر.
وولد عارف عبد الرزاق في قرية (كبيسة) إحدى قرى لواء الرمادي في الناحية الغربية بين سوريا والعراق عام 1921م. فقد أباه وعمره 10 سنوات، إلا أنه أكمل دراسته، حيث التحق في دار العلوم ببغداد وأنهى دراسته المتوسطة عام 1939م.
التحق في عام 1939 بالثانوية العسكرية وتخرج فيها برتبة ملازم عام 1943م والتحق بعد ذلك بالقوات الجوية، وأوفد في شهر تشرين الأول عام 1943 لدراسة الطيران في بريطانيا، وتخرج طياراً متقدماً في شهر آذار عام 1945م.
عاد في نيسان من نفس العام إلى بغداد، وأصبح ضابطاً طياراً في القوات الجوية العراقية.، شارك للمرة الأولى كطيار قاصف في إخماد ضد الأكراد بقيادة المُلاّ مصطفى البارزاني عامي 1945 و1947، وشارك في حرب فلسطين عام 1948 م كطيار مقاتل ضمن الجيوش العربية ضد إسرائيل.
في عام 1949 شغل منصب الطيار الخاص للعائلة المالكة في العراق وحتى عام 1951 ثم عاد مرة أخرى في شهر أيلول عام 1953 كمرافق وطيار للملك فيصل الثاني وولي عهده الأمير عبد الإله، مما مكنه من الاقتراب من العائلة المالكة التي حكمت العراق بين عامي 1921م وحتى عام 1958م.
شارك في ثورة الشواف عام 1959 واعتقل على اثرها ثم اعفي عنه، وأشرف على تنفيذ مهمة قصف وزارة الدفاع في حركة 8 شباط 1963.
انتمى عبد الرزاق عام 1956، الى القوميين وشارك في الثورة التي أنهت النظام الملكي في العراق، وإعلان الجمهورية العراقية في الرابع عشر من تموز عام 1958.