بغداد اليوم _ البصرة
تشهد البصرة منذ أسابيع، حملة كبيرة لرفع التجاوزات من الأسواق والمناطق السكنية بمختلف أرجاء المحافظة، بطلها ليس الجهة الحكومية، بل جرافة صفراء، المعروفة محلياً باسم "الشفل"، حتى تحول أيقونة لتطبيق القانون ورفع التجاوزات عن شوارع المحافظة الأغنى في البلاد، البصرة.
ملك الساحة
محفوفا بالأهازيج والاغنيات واشعار الدارمي، يجوب "الشفل" أسواق البصرة وشوارعها، ضمن حملة رفع التجاوزات التي أطلقتها الحكومة المحلية مؤخراً، يرفع البسطات المتجاوزة على الشوارع العامة، ويحيل المحلات المشيدة دون موافقات إلى ركام، ليخرج من مهمته مخلفاً أكواماً من "السكراب"، فأطلق عليه البصريون المؤيدون لتلك الحملات بـ"ملك الساحة"، ليتحول إلى الآلة الرئيسية برفع التجاوزات، بعد نيلها مقبولية واسعة ممزوجة بالفكاهة.
حساب رسمي ونتائج للحملات اليومية
على منصة فيسبوك، الأشهر اقبالا للعراقيين، تبرز صفحة الكترونية باسم "ملك الساحة"، بمتابعين تجاوزا العشرة آلاف من محبي الأصفر، متفوقة بذلك على صفحات فنانين وشخصيات عامة.
تنشط الصفحة بشكل يومي، وتنشر أغلب تحركات "الملك" ونتائج الحملات بطريقة ساخرة تتضمن الوعيد للمتجاوزين وتطبيق القانون الذي ينتظرهم قريباً.
"سوبر هيرو" وشيخ المهاويل يطلق بحقه اهزوجة
رباب موحان إحدى المعجبات بالأصفر ومن المتابعين له، تؤكد لـ(بغداد اليوم) أن "أطفالها تأثروا كثيرا بمشاهد البلدوزر الأصفر، حتى طلب منها ابنها ان تشتري له شفلا صغيراً"، مشيرة إلى أن "الشفل خطف الأجواء وطبق القانون بطريقة كوميدية مقبولة".
وترافق جولات "الشفل الأصفر" الأهزوجة العشائرية في كل خطوة، فيما يرى متابعون أنها تشجيع لاسترجاع هيبة الدولة، بعد استهتار المافيات على القانون لسنوات.
يتحدث شيخ المهاويل في البصرة، نصير السليطي، في حديث لـ(بغداد اليوم) عن بعض الأهازيج التي أطلقت بحق "الشفل الأصفر"، مشيرا إلى أنه "ليس آلة عمل فقط، وانما رمز لتطبيق القانون وفرض هيبة الدولة في البصرة".
وأنشد فيه يقول: "المحوسم خل يتكتر.. هذا الأصفر طباها"، وأيضاً: "يا بعد ايدي حطلهم حد، من الكيلة مهيوب الحر، من طباها خلاها تون".
ويوضح السليطي، أن "تلك الأهازيج ليس الغاية منها ان تطلق على شيء من الجماد، وانما لبث الحماس في نفوس القائمين على عملية استرجاع هيبة الدولة بعد استهتار لمافيات متمردة على القانون لسنوات".
يقول الصحفي، كاظم الحاوي، في حديث لـ(بغداد اليوم) إن "الشفل الأصفر ظاهرة تطبيق القانون الذي يحبه البصريون ويحبون الالتزام به، بدل الفوضى التي صارت أكبر من القانون بسبب عوامل سياسية".
واعتبر الحاوي "الشفل" الأصفر، "رديف لمفردة (قانون) التي افتدقها اهالي البصرة منذ سنوات"، مبيناً أن "اعجابهم بالشفل الأصفر هو اعجاب وحب للقانون".
وذكر الحاوي بيوتاً من شعر من الدارمي قيلت بحق "الشفل" الأصفر حين اكتسح شارع كازينو لبنان، وحول التجاوزات التجارية فيه إلى ركام:
"فلش يبعد الروح خليني فرحان
سويها كلش كاع كازينو لبنان
البصرة هذا اليوم فرحانه كلش
الاصفر شكد مهيوب وهو يفلش"
مخاوف من ملاحقة العشائر
رغم قوة "الشفل" الأصفر التي استمدها من البصريين أنفسهم، ودوريات الشرطة التي ترافق حملات إزالة التجاوزات، يخشى سائقو "الشفلات" من التعرض لـ"كوامة" عشائرية، من الذين ترفع تجاوزاتهم، ويفضلون ارتداء اللثام إذا كانوا من سكنة البصرة، وسط خوف شديد يرافق الحملة.
يقول أحد سائقي "الشفلات" الصفراء، في حديث لـ(بغداد اليوم)، إن "قيادة الشفل الأصفر في تلك الظروف، اشبه بركوب اسد، فالراكب على ظهر الأسد يهابه الناس، لكن الأخير قد يلهم راكبه على حين غرة".
وأضاف، أنه "بمجرد كشف هويته واسمه أو إظهار ملامحه، قد يتعرض لوابل من الكوامات العشائرية والفصول بمئات الملايين"، مبيناً أن "القوات الأمنية قد لا تتمكن من حمايتي في الأيام المقبلة، وأواجه عشائر المتضررين من رفع التجاوزات بمفردي، لذا استمر بالعمل متنكراً".