بغداد اليوم- متابعة
خلص مقال، نشرته صحيفة "الرأي" الكويتية، اليوم الأحد، إلى أن القصف الذي قالت إنه "إسرائيلي" واستهدف مخازن أسلحة الحشد الشعبي داخل الأراضي العراقية، في الشهر الماضي، أدى إلى تأجيل إعادة فتح معبر البوكمال بين العراق وسوريا، الأمر الذي "حال دون تحقيق فوائد كبيرة لمحور المقاومة"، وهو ما تسعى إليه تل أبيب.
ويقول ايليا ج. مغناير كاتب المقال: "قرّر كلٌّ من العراق وسورية إعادة فتح المعبر الحدودي بين البلدين في البوكمال، وهي خطوة حيوية للمصالح الاقتصادية للدولتين مع فوائد كبيرة أخرى لـمحور المقاومة (إيران، العراق، سورية، فلسطين، اليمن وحزب الله في لبنان)"، مستدركا: "قبل 24 ساعة من موعد الافتتاح، وَقَعَ هجومٌ مسلّح على قوات عراقية متمرْكزة على الجانب السوري الحدودي ما تَسبّب بوقوع إصابات بشرية ومادية".
وأضاف، ان "قوات الحشد الشعبي اتهمت إسرائيل بالهجوم من خلال إرسال عدّة طائرات من دون طيّار من منشآتٍ عسكرية أميركية متمركزة في الشمال – الشرقي السوري حيث تحتفظ أميركا بقوات على بُعد قليل من معبر القائم"، لافتا إلى أن "الدبلوماسيين الأميركيين يحاولون الضغطَ على العراق لمنْع فتْح المعابر الحدودية مع سورية، في محاولةٍ لإجبار الرئيس السوري بشار الأسد على التنحي أو إعطاء صلاحياته للحكومة المقبلة المؤلّفة من المعارضة أيضاً".
وبعد الهجوم، يكمل مغناير: "قال العراق إن افتتاح معبر البوكمال قد جُمِّد"، عادا أن "رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي لا يتمتّع بالدعم السياسي الكافي لاتخاذ قراراته وفق ما يشاء، وهو لا يستطيع حماية قوات الأمن العراقية من هذه الهجمات المتكرّرة".
ويرى أن عبد المهدي "لا يجد نفسه في موضع تحذير القوات الأميركية من التمادي بالسماح لإسرائيل بضرْب القوات العراقية"، لافتا إلى أن "كل هذا متعلّق بنقطة واحدة مهمة جداً، ألا وهي الانقسام السياسي الداخلي الحاد بين السياسيين العراقيين والقيادة السياسية والدينية في البلاد. وهذا ما يسمح لعرْبدة إسرائيل في سماء العراق".
وتابع الكاتب: "الشهر الماضي، انتهكت إسرائيل المجالَ الجوي العراقي وضرَبتْ عرض الحائط بسيادة العراق مستهدفةً قوات الأمن ومستودعاتها وحتى قائداً من القيادة العسكرية"، مبينا أن "السبب الرئيسي الذي يسمح لإسرائيل بالقيام بهذه الأعمال العسكرية العدائية والتي تستطيع من خلالها الشعور بحرية التحرك هو وجود العديد من (الأصدقاء)، و(أعداء مشتركين)، ومعارضين سياسيين مشترَكين في العالم العربي ضدّ (الحشد الشعبي)، الذي يُعتبر العدو المشترك للكثيرين. وقد أكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الهجوم على العراق".
وأشار إلى "إعلان وزير خارجية إسرائيل يسرائيل كاتس أن (إسرائيل هي الوحيدة التي تعمل ضد إيران في العراق)"، لافتا إلى أن "عبد المهدي لا يحظى بدعم سياسي كافٍ ويَعتبره البعض تحت (سيطرة الحشد).
و"على الرغم من أن مرجعية النجف الأشرف تقف ضد إسرائيل وكذلك هو حال العديد من القوى السياسية وبالأخص الأحزاب الشيعية"، يبيّن الكاتب، "إلا أن العديد منهم ومعهم الكثير من السنّة والأكراد يرغبون في رؤية نفوذ إيران في تقلُّص ومشاهدة الحشد الشعبي خارج سلطة إيران".
وبشير إلى، أن " التعاون الكردي – الإسرائيلي ليس بجديد. وبالتالي تستطيع إسرائيل اللعب على هذا التناقض والاعتماد على الدعم التي تقدّمه أميركا في سورية والعراق لضرْب حلفاء إيران"، معرجا على "أمر عبد المهدي بتكليف ثلاث لجان أمنية للتحقيق في الهجمات الإسرائيلية على مستودعات الحشد الشعبي".
وينقل عن "أعضاء" في هذه اللجان، دون أن يكشف هوياتهم، "تأكيدهم" وجود "أدلة قوية تؤدي إلى تورّط إسرائيل، وأن هذه النتائج وُضعت في يد رئيس الوزراء ليقرر إعلانها حين يشاء".
ولفت، إلى أن "الحشد الشعبي قرر إنشاء وحدة سلاح الجو الخاصة به ليُسْقِط الطائرات المسيَّرة – إسرائيلية أو أميركية – لمجابهة إسرائيل وأميركا عندما تتوافر الفرصة لذلك"، مؤكدا: "لا يوجد أي شكّ لدى كل القادة العراقيين في أن إسرائيل لا بد من أن تبلغ أميركا بتحرّكاتها في العراق ومجاله الجوي".
ويستطرد قائلا: "إلا أنه، من ناحية أخرى، هناك القليل الذي تستطيع الحكومة العراقية أن تفعله لحماية القوات الأميركية إذا هاجمتْ إسرائيل الحشد مجدداً"، لافتا إلى أنه "ليس من المستبعد أن تدفع أميركا ثمن مغامرات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في العراق"، في حال مهاجمة الحشد من جديد، مشيرا إلى أن "إسرائيل تقوم بتوسيع نشاطها العسكري منتهكةً بذلك سيادة دول عدة من خلال استهداف مواقع مختارة وتنفيذ عمليات قتْل بهدف (قطع رأس الأفعى) إيران".
وينقل مغناير عن أحد صناّع القرار في بغداد (لم يسمه)، قوله إن عبد المهدي "مقتنع بأن إسرائيل تقف خلف الهجمات الخمس ضد مخازن الحشد الشعبي، وهو يحاول تجنب اتهام إسرائيل وتواطؤ أميركا معها لأنه لا يريد الردّ وبالتالي هو لا يريد ان يحرج نفسه"، لافتا إلى أن صحيفة الراي، التي نشرت المقال، علمت أن "رئيس الوزراء العراقي قال في إحدى جلساته الخاصة إن موظفين في السفارة الأميركية مرعوبون من فكرة أن الحشد سيستهدفهم. ويقول هؤلاء إن إسرائيل وليس أميركا هي المسؤولة وقد وعدوا بوضع حد للخروق والاعتداءات الإسرائيلية".
ولكن، يتساءل الكاتب: "لماذا تعتقد إسرائيل أنها تستطيع ضرْب العراق دون أن تُعاقَب وما هي أهداف إيران في العراق؟"، ثم يجيب قائلا: "إن أهداف كل من إسرائيل وأميركا أولاً وأخيراً هي شلّ وإضعاف وإخضاع إيران وحلفائها وكل المجموعات المٌخْلِصة لها والتي ترفض الهيْمنة الأميركية في الشرق الأوسط وبالأخص في اليمن وسورية ولبنان وفلسطين والعراق".
وأشار إلى أن "الحشد الشعبي، تم انشاؤه من خلال فتوى الجهاد الكفائي العام 2014 من آية الله العظمى علي السيستاني لهزيمة داعش، وبرزتْ من خلال الحشد قواتٌ شعبية شيعية وحشدٌ عشائري سنّي وحشد بابل المسيحي"، مشيرا إلى أن "الحشد أوقف داعش الذي احتل ثلث العراق بعدما انسحب الجيش العراقي (انسحابا كيفياً) فوضوياً وهَرَبَ من غالبية المحافظات الشمالية. وفي ذلك العام (2014)، وقد طلب رئيس الوزراء نوري المالكي من إيران وحزب الله توفير الدعم العسكري والمدرّبين ولا سيما بعدما رفضت أميركا المساعدة وتسليم السلاح المدفوع ثمنه سابقاً. واحتاج العراق إلى إيديولوجية معارِضة وقوية لمجابهة داعش مما أوجد استقطابا وقاعدة قوية لإيران وحزب الله".
وختم ايليا ج. مغناير مقاله بالإشارة إلى أن "أميركا تمكّنت من دعم (الوحدات المكافحة للإرهاب – الفرقة الذهبية)، وأوجدت تدريبات في الجيش العراقي وحلفاء لها داخل المؤسسة العسكرية"، موضحا أن "بسبب تدخّل إيران في الشأن العراقي وفي الحشد الشعبي، وخصوصاً أن داعش خسر كل الأراضي التي كان يسيطر عليها، اتخذت المرجعية موقفاً غير داعِم للحشد اليوم الخارج عن سيطرة الدولة – كما تعتبره – وكذلك يفكر في الشيء عيْنه ويعلنه على الملأ مقتدى الصدر، صاحب أكبر كتلة انتخابية في البرلمان العراقي".