بغداد اليوم _ بغداد
بعد التصعيد المتمثل بقصف معملي شركة أرامكو النفطية السعودية، يوم السبت الماضي، يترقب العالم ما ستؤول إليه الأحداث، بعد أن اتهمت كلا من الرياض وحليفتها واشنطن، إيران بتنفيذ الهجوم عبر صواريخ وطائرات مسيرة تقولان انها إنطلقت من الأراضي الإيرانية.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب توعد باختيار واحد من عدة خيارات مطروحة أمامه، بينها الحرب، لـ"ردع النظام الإيراني وأذرعه العابثة بالأمن الإقليمي والاقتصاد العالمي"، في حين اكتفت السعودية بعرض ما قالت انها أدلة تثبت صلة إيران بالهجمات التي تنفيها طهران، وتتبناها جماعة "أنصار الله" الحوثيون.
النبرة السعودية الهادئة حتى الآن واكتفاء ولي العهد محمد بن سلمان بتأكيد قدرة المملكة على الدفاع عن نفسها ومصالحها ومواجهة أية تحديات عسكرية، يمثل، من وجهة نظر محللين، اختباراً سعودياً لمدى صدق الحليف الأميركي الذي يرتبط به بعقود تسليح ضخمة، وعلى نتيجة هذا الاختبار، يتحدد موقف الرياض وسياستها في المستقبل.
ويقول المحلل السياسي والأمني فاضل أبو رغيف في حديث لـ(بغداد اليوم)، إن هناك عدة سيناريوهات للرد الأميركي على ايران انتقاما لهجمات أرامكو، مبينا أن "السيناريو الأول يتمثل بضربة محدودة جدا مثل التي نفذها الرئيس الأميركي بل كلنتون والمسماة بـ(بروك الجمل) ضد العراق في تسعينات القرن الماضي".
وأضاف أبو رغيف، أن "السيناريو الثاني فهو تشديد مستوى العقوبات الاقتصادية، أو إبقاء القضية دائرة في فلك التهديدات والتصعيد الإعلامي وهو السيناريو الثالث"، مشيرا إلى أن رابع هذه السيناريوهات هو عقد مؤتمرات "قمة" بين رؤساء دول الخليج ودول أوروبية.
ولفت إلى وجود شبه اجماع بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وبين رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على أن الصمت السعودي هو انتظار من جانب الرياض لما ستؤول إليه القراءات الأميركية في ظل هذا الحد من الاحتقان، معرجا على إمكانية مساهمة العراق في حلحلة الأزمة لما يمتلكه من علاقات متوازنة مع إيران والولايات المتحدة والسعودية، مؤكدا ان أي دور غير الحياد سيؤذي العراق.
من جانبها، تستبعد بسمة الأوقاتي، أستاذة العلاقات الدولية في كلية العلوم السياسية بجامعة بغداد، أن تلجأ أميركا إلى الخيار العسكري "غير الواقعي، والمستبعد من قبل الجميع".
وتضيف في حديث لـ"بغداد اليوم" أن "السيناريو الأقرب للواقع فقد بدأت ملامحه تظهر في تصريحات ترامب حول تشديد العقوبات على إيران".
"السعودية لن ترضى بغير رد عسكري مدمر"
"من بين الخيارات المتوقع أن تتخذها أميركا ردا على هجمات أرامكو هو تشديد العقوبات الاقتصادية على إيران للحد الذي يُنهكها ويشل قدراتها المالية والاقتصادية"، يقول خليل بن عبدلله الخليل، وهو محلل سياسي مختص في الشأن الأميركي – السعودي، لكنه يرى أن "هذا الخيار قد لا يرضي السعوديين ولن يتقبلوه".
ويشير الخليل إلى أن "ثبوت" مسؤولية إيران عن تلك الهجمات، وما تسببت به من ضرر في الاقتصاد الدولي يجعل من ضمن الخيارات المطروحة "ردا عسكريا دوليا شاملاً بقيادة أميركا والسعودية يمسح القواعد العسكرية الإيرانية عن الأرض ويغرق البوارج والزوارق التي تهدد الممرات البحرية وأمن الطاقة، كما يشل قدرات قواعد الميلشيات التابعة للحرس الثوري في العراق ولبنان وسوريا واليمن".
ويوضح، ان هجوما من هذا النوع يتطلب هجمات الكترونية سيبرانية قوية ومتتابعة تعزل إيران داخليا وخارجيا ودوليا وتجعلها دون قدرات حديثة، وبـ"ذلك تفقد تواصلها مع قواعدها العسكرية في الداخل، ومع وكلائها في الخارج مثل حزب الله اللبناني وكتائب حزب الله وعصائب اهل الحق العراقيتين وقيادات الحشد الشعبي المصنفة كمنظمات إرهابية أميركيا ودوليا، وفصائل أخرى مثل الفاطميين والزينبيين".
من جهته، يقول هثيم الهيتي أستاذ الاتصال السياسي في جامعة العين (أبو ظبي)، إن من ضمن الاحتمالات المطروحة في النظر لهذه الأزمة، هو أن تذهب السعودية إلى طريق الحوار الخفي مع إيران في حال عدم مجيء ضربة عسكرية أميركية تثبت بها واشنطن مصداقيتها أمام دول الخليج، كما أن الرياض قد تلجأ لهذا الخيار رغبة بتجنب أي صراع في المرحلة القادمة، يكون من الصعب على ترامب أن يواجهه فيؤثر عليه في الانتخابات الأميركية.