بغداد اليوم _ بغداد
كشف الدبلوماسي الايراني السابق في فلندا حسين علي زاده، اليوم السبت، عن وجود "وساطة" بين السعودية وإيران "يقودها" زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في اشارة الى زيارة الصدر الاخيرة الى طهران وجلوسه بين المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي وقائد فيلق القدس قاسم سليماني.
وكتب زاده في مقاله، إن مقتدى الصدر، الذي ظهر في عراق ما بعد صدام حسين كقائد لجيش المهدي، مستخدما مكانة والده المرجع محمد صادق الصدر البارزة، في جمع اتباعه وتنظيمهم، لم يخضع بالكامل لسلطة إيران كما فعل حسن نصر الله في لبنان، رغم عيشه في قم خلال مرحلة من حياته وحضوره دروسا حوزوية هناك، مبينا أن الصدر، وهو أبن مرجع شهير اغتاله صدام، وأصوله عراقية "رأى نفسه كسلطة كسلطة كبرى مستقلة عن الجمهورية الإسلامية ، ولا يعتمد على الموارد المالية لإيران"، فأكد نفسه في المجال السياسي العراقي.
وأضاف، أن مقتدى الصدر خالف توقعات الجمهورية الإيرانية عندما عارض بشدة سياساتها في العراق، منطلقا من اتجاهات قومية، فبدا غير متسق مع نهج وسياسات حسن نصر الله، حتى جاء الانشقاق بين الصدر وإيران عندما اندلع اشتباك دموي بين جيش المهدي وفيلق بدر (في كربلاء عام 2007)، وقد تغذى هذا الصراع على دعم بدر لرئيس الوزراء نوري المالكي ومعارضة الصدر له، لافتا إلى أن هذا الأمر أدى إلى "إنفصال فعلي" بين الصدر وإيران، "وهو إجراءً مراً لطهران، وحلواً للرياض".
ويستطرد الدبلوماسي الإيراني في الإشارة إلى علاقة مقتدى الصدر بالسعودية ولقاءه ولي العهد محمد بن سلمان صيف 2017، رغم توتر العلاقة بين الرياض وطهران بعد مقتل عدد كبير من الحجاج الإيرانيين بحادثة سقوط الرافعة في الحرك المكي في 2015، ثم قطع العلاقات الرسمية بين البلدين بعد إعدام السلطات السعودية لرجل الدين الشيعي المعارض نمر باقر النمر في 2018.
"سيناريوهات الصورة الأخيرة"
ويشير حسين علي زاده، إلى ظهور الصدر مؤخرا بجانب علي خامنئي وقاسم سليماني في مجلس عزاء عاشورائي في إيران، وما أثاره من تساؤلات حول معنى ذلك، وعمّا إذا كان الصدر مستعدا لتأطير صورة علاقاته مع القيادة الإيرانية، وفيما إذا كان قد غير مواقفه السابقة في هذا الشأن، لافتا إلى أن الصدر سابقا لم يحظر قط دروس خامنئي غير الفقهية " وهذا في حد ذاته كان يعني الكثير".
وينقل زاده معلومات تفيد بأن حسن نصر الله هو الذي تدخل لـ"تجديد العلاقة" بين مقتدى الصدر وإيران، بناءً على الظروف الخطيرة في المنطقة، ومن ناحية أخرى فأن حرب اليمن ومقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بطريقة وحشية "قد أعاقا الطريق أمام الصدر للتعبير عن قربه من الرياض"، لكنه يستدرك أن "هذا مجرد سيناريو واحد من السيناريوهات المحتملة".
ويلفت إلى وجود سيناريو آخر "مخفي عن وسائل الإعلام والمراقبين السياسيين، ويروي قصة مختلفة للأمر"، مفاده أن ظروف المنطقة حاليا، "وعدم إمكانية تسخين علاقة الصدر بالسعودية" في ظل الحرب اليمنية الدامية ومقتل خاشقجي، فقد كان هذا سببا في تمهيد الطريق لعلاقة الصدر بطهران، لكنه يؤكد مرة أخرى أن هذا ليس سوى سيناريو آخر من السيناريوهات المحتملة حول زيارته لطهران، ومع ذلك يرى أن هذا السيناريو "خلص الصدر من التناز الذي قدمه للسعودية وبن سلمان، وجعله مفضل من قبل إيران".
ويختم الدبلوماسي الإيراني مقاله، بالإشارة إلى أن السيناريو الآخر هو قيام الصدر سرا بتقليص أكبر قدر ممكن من العلاقات المتوترة بين طهران والرياض، مستندا على علاقاته الجيدة مع السعودية من ناحية، وموقفه كرجل دين شيعي من ناحية أخرى. "ومن المفارقات، وفقا لهذا السيناريو، أن مقتدى الصدر زعيم حركة سائرون في البرلمان العراقي، يحتج على وضع العراق في قلب الخلافات الإيرانية السعودية".
وأظهرت صور نشرتها وسائل إعلام إيرانية، زعيم التيار الصدر مقتدى الصدر حاضرا في مجلس عزاء في إيران، يوم الثلاثاء الماضي، العاشر من شهر محرم، ويجلس بين المرشد الإعلى الإيراني علي خامنئي وقائد فيلق القدس بالحرس الثوري قاسم سليماني، وهو ما أثار تساؤلات وتكهنات وجدل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، حول ما خلفيات وأسباب هذا الظهور وما إذا كان هناك ملفات قد بحثتها هذه الأطراف في ظل التوتر الحاصل في المنطقة، خاصة التوتر بين إيران وأميركا، والتصعيد الاسرائيلي الأخير.