بغداد اليوم - متابعة
قالت صحيفة بريطانية في تقرير لها نشرته، الإثنين، 02 أيلول، 2019، ان هناك مساع "عراقية – ايرانية – لبنانية"، لتصدير نفط كركوك الى سوريا، عبر الموصل والانبار برعاية روسية.
وذكرت صحيفة "اندبيندنت"، بنسختها العربية، أن "أوساطاً سياسية واقتصادية في إقليم كردستان العراق، تداولت طوال اليومين الماضيين أنباء عن مسعى عراقي – إيراني - لبناني، برعاية روسية، لتصدير مُنتجات نفط منطقة كركوك المتنازع عليها عن طريق سوريا، عبر أنبوب النفط الذي يربط الحقول العراقية بميناء بانياس السوري، عبر محافظتَي الموصل والأنبار العراقيتين نحو الأراضي السورية، وبالتالي الاستغناء عن أنبوب النفط "الكردستاني"، الذي يصدر النفط عن طريق ميناء جيهان التركي".
وكان أنبوب التصدير السوري - العراقي، الذي يربط شبكة حقول النفط العراقية بميناء بانياس، تأسس من قِبل شركة "بريتيش بتروليوم" البريطانية بعد الحرب العالمية الثانية، واستُعمل لفترات متقطعة تاريخياً، تبعاً لشكل العلاقة التي ربطت الأنظمة السياسية الحاكمة في كل من سوريا والعراق، لكنه توقف لفترة طويلة منذ أوائل الثمانينيات، مع اندلاع الحرب الإيرانية - العراقية، وعاد إلى العمل في عام 1997، مع عودة العلاقات بين النِظامين السوري والعراقي آنذاك، لكنها توقفت تماماً منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003. ويحتاج الأنبوب المذكور راهناً إلى صيانة استراتيجية، بسبب تأثيرات الحرب في كل من سوريا والعراق على بنيته التحتية.
وتابعت الصحيفة أن "مداولات الأوساط السياسية والاقتصادية الكردية استندت إلى ما نُشر طوال الأسابيع الماضية في وسائل الإعلام الروسية، التي ذهبت إلى القول إن روسيا ترعى اجتماعات متواصلة بين كل من إيران وسوريا والعراق، للاتفاق على مشروع استراتيجي مشترك بين هذه الدول بخصوص هذا الأنبوب، الذي يحتاج إلى استثمارات قُدرت بحوالي 8 مليارات دولار، لإعادة تشييده".
وتصاعدت حساسية الطرف الكردي منذ تداول هذه الأنباء، لأنها كانت قائمة أساساً على إشارات تدل على سعي الحكومة الاتحادية العراقية والقوى السياسية المركزية العراقية إلى إيجاد جهات تصريف لنفط كركوك، تمهيداً للاستغناء عن أنبوب النفط الكردي. وكانت الحكومة العراقية توقفت عن تصدير نفط كركوك إلى إيران منذ 3 أشهر تقريباً، استجابةً للعقوبات الأميركية على الأخيرة.
وأوضحت أن "عملية تصدير نفط كركوك إلى الأردن بدأت فعلياً منذ أواخر شهر يوليو (تموز) الماضي، عبر منفذ طريبيل الحدودي بين الدولتين، إذ باتت 200 شاحنة نقل بري، تحمل النفط الخام من حقول كركوك إلى الأردن، تطبيقاً لمذكرة تفاهم بين العراق والأردن، وقّعت في فبراير (شباط) الماضي، وتقضي بتزويد عمّان بعشرة آلاف برميل نفطي يومياً، في مقابل حصول بغداد على الطاقة الكهربائية المصدرة من الأردن".
وبينت أن "ذلك تزامن مع العقد الاستراتيجي الذي وقعته شركة النفط الروسية العملاقة "روسنفت" مع الحكومة اللبنانية لتخزين النفط اللبناني وتشغيل منشآته في منطقة طرابلس، على مدار السنوات الـ20 المقبلة، وإمكانية ربط هذه الاتفاقية اللبنانية - الروسية بما تسعى موسكو إلى تطبيقه من خلال تصدير النفط العراقي عبر ميناء بانياس، الذي لا يبعد عن طرابلس اللبنانية بأكثر من 100 كيلومتر".
وتابعت اندبيندنت نقلا عن مراقبين للملفات الاقتصادية في إقليم كردستان قولهم، أن "هذا المشروع يجمع بين مصالح دول عدة، فإيران تسعى إلى أن يجهز الممر النفطي بين سوريا والعراق، ليصبح بديلاً مناسباً في أي وقت في حال تعكرت الأحوال العسكرية والأمنية في منطقة ممر هرمز النفطي، لتتمكن من مواصلة تصدير نفطها عبر ذلك الخط. كما تسعى إيران إلى وضع أداة بيد النظام السوري، تكون بمثابة رافعة اقتصادية له، إذ يعتمد على المساعدات الإيرانية بشكل متعاظم".
وأكملت أنه "من جهة ثانية، تسعى الحكومة الاتحادية العراقية، ومعها القوى السياسية المركزية "الشيعية"، إلى ربط العراق بشبكة المصالح الإيرانية، لكنها تقصد أولاً فصل كركوك اقتصادياً وسياسياً قدر المستطاع عن نفوذ إقليم كردستان العراق، وتحويلها إلى جزء من ديناميكيات عمل الحكومة المركزية.
وتعتبر روسيا أن إعادة تشغيل هذا الأنبوب سيعود عليهما بأرباح صافية، فبنفوذها وامتلاكها جزءاً من هذا الأنبوب، إنما ستكون تحكمت بجزء وافر من صادرات الشرق الأوسط نحو الدول الأوروبية، بعدما استولت على الأنبوب الذي يصدّر إنتاج إقليم كردستان - العراق عبر ميناء جيهان التُركي.
وأوضحت أن "المراقبين لا يتوقعون أن يكون تنفيذ المشروع سهلاً، إذ ثمة صعوبات مالية ولوجيستية وسياسية قد تعيق تنفيذه خلال العامين المقبلين على أقل تقدير، وفقما أوضح الباحث الكردي أوميد سامان".
وبينت أن "الاستثمار الأولي لهذا الأنبوب يحتاج إلى مليارات الدولارات، وهو مبلغ لن تتمكن حكومات إيران، والعراق وسوريا من توفيره مباشرة، في ظل العجز المالي الذي يلف ميزانياتها، خصوصاً أن عائدات هذا المشروع غير مضمونة، وقد يستغرق استرجاع ما اُستثمر في هذا المشروع سنوات".
واشارت الصحيفة إلى أن "تلك الاستثمارات المالية فيما لو حدثت فستكون في بيئة غير آمنة تماماً، فخطوط الإمداد تطول لأكثر من ألف كيلومتر، أغلبها في الصحاري التي كانت ولا تزل بؤرةً للصراعات الأهلية والسياسية الشديدة. فهذه البيئة كانت مركزاً استراتيجياً لداعش خلال سنوات، ولا يزال التنظيم الإرهابي يملك حضوراً في تلك المناطق، ويشنّ بين فترة وأخرى هجمات على المنشآت النفطية، فكيف لو كان ثمة خط نفطي يمتد لحوالي ألف كيلومتر، ويمس مصالح الدول والجهات التي تحاربه".
وختمت قائلة، إن "تلك البيئة غير الآمنة متأتية بالأساس من عدم استقرار الأحوال السياسية في منطقة الأنبوب النفطي، وتشوب علاقات الجهات المتنافسة تناقضات شديدة، فبالإضافة إلى الحكومة الاتحادية العراقية والنظام السوري، يوجد أيضاً إقليم كردستان - العراق والإدارة الذاتية الكردية في منطقة شرق الفرات، والقوى السياسية والتنظيمية للعرب السُنة في كل هذه المنطقة. هذه الجهات تتصارع فيما بينها سياسياً وعسكرياً، ويمكن لأي منها أن يطيح بمصالح الطرف الآخر، خصوصاً في ظل غياب أي أفق للتوافق في المستقبل المنظور".