بغداد اليوم - النجف
علق زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الثلاثاء (06 اب 2019)، على الجدل الحاد الذي رافق افتتاح بطولة غرب اسيا في ملعب كربلاء الرياضي، مبينا أن ما حدث لم يحزنه على الاطلاق بل حزن على الصراع الفكري والايدلوجي الذي حدث بين الساسة من جهة وبين طبقات الشعب من جهة اخرى.
ونشر الصدر تغريدة بعنوان "ملعب كربلاء بين التشدد و الانحلال"، عبر منصته بـ"تويتر"، قائلا: "في البدء لابد ان تعلموا انني لست من محبي لعبة كرة القدم أنها مضيعة للوقت والصحة والمال ليس الا ، لكن هناك الكثير من عشاقها ومحبيها ومتابعيها، بل وانها قد تكون في نظر البعض ميزانا للتطور والحضارة وما الى غير ذلك".
واضاف: "لذا انني حينما اعطيت رأيي بلعبة كرة القدم فإنه لا يعني ان اتعدى على من يخالفني الرأي فيها، اما لو اردتم رأيي الشخصي بكرة القدم في العراق، فأقول: انها في ترد دائم حالها حال جميع الامور بلا استثناء، بل وقد طالتها السياسة وانهكت كل مفاصلها من ملاعب ومدربين ولاعبين وتمويل وتدريب وطبابة وغيرها كثير، وهو تقصير من الحكومة والمسؤولين وليس اللاعبين، وحيث انني لست مع أنصاف الحلول في كل شيء، فإنني اقترح ان تكون وقفة جادة للنظر في مجال تطوير هذه اللعبة او نسيانها تماما، فإنني كمحب للوطن، أفضل أن لا يكون للعراق منتخب على أن ارى (منتخبي الوطني) في قعر التسلسل (العربي) او (الاسيوي) فضلا عن العالمي".
وأكمل الصدر: "عذرا لتلك الالفاظ لكني اتكلم من منطلق وطني مبتعدا عن الامور (الحوزوية) لذا اتمنى لمنتخبنا ولاعبيه التطور والتكامل والعزة بين المنتخبات اجمع، كما انني كنت اتمنى ان تقام في عراقي الحبيب المنتديات الاقتصادية والامنية والعلمية والثقافية والطبية والخدمية قبل ان تقام الدورات الرياضية، الا ان الكثير من الشعب يتصور أن الرياضة متنفس للشباب المحروم من لقمة العيش والتطور والازدهار".
وأردف: "كنت اتمنى ان تبنى المستشفيات والجامعات والمؤسسات الخدمية والصروح العلمية والعمارات والابنية والجسور والبنى التحتية قبل المسارعة ببناء الملاعب (بمليارات الدولارات)، ومع بنائها فلابد ان تكون على أكمل وجه لا يشوبها الفساد حالها حال جميع المشاريع التي تكالبت عليها الاحزاب والمليشيات تاركة العراق وشعبه يصارع الموت والفقر والتخلف والجهل".
وتابع: "في حال ان الاغلب أجمع على تقديم القطاع الرياضي على باقي الامور فلابد أن يكون على أكمل وجه.. وأولها أن لا تقتصر الاستضافة على دورات غير رسمية او شبه رسمية بل لابد من العمل على استضافة دورات أكبر وأنفع للعراق ككأس الخليج وكأس آسيا وما الى ذلك، نعم، أن اقامة مثل هذه الدورات الرياضية تعطي انطباعا متعارفأ لمن هو في خارج العراق على ان العراق مستتب امنيا وانه قد بدء بالتطور والتفاعل مع العالم الخارجي لكن الرجاء ان يكون ذلك غير مقتصر على الرياضة وان لا تكون الرياضة حجابا عن التكامل في الامور الاكثر نفعا على الصعيد الشخصي والوطني والعالمي في كل المجالات".
واشار الصدر إلى أنه " يجب مراعاة بعض الملاحظات، وهي أن لا تقع مثل هذه الاستضافات في ايدي الفساد من جهة وأن لا تقع ضحية الصراعات الفكرية التشددية من جهة والانحلالية من جهة اخرى، فكرة القدم ليست صلاة ولا عبادة ولا شعيرة للطم والتطبير كما انها ليست ملها او ناديا ليليا للقمار والمجون والتهتك".
ولفت إلى أنه "ليس من حق الطرفين التمادي في أفكاره فتكون الضحية (كرة القدم) ومنتخبنا الوطني المظلوم فالاعتدال ان لا نجعلها تحت وطأة القدسية من جهة وان لا نجعلها ذريعة للانحلال والتمييع من جهة اخرى، وخصوصا أن التوسط في ذلك امر ممكن بحيث يرضي جميع الأفكار والتوجهات، فمن الممكن اقامة الافتتاحية بصورة اعتدالية بحيث لا تخدش الحياء والأعراف العراقية من جهة وان لا تكون قمعا لحريات الشباب الذين يرونها ترفيها مقبولا".
واكد أن "اصدار الاستنكارات والتعدي بصورة تشددية قبيحة على مثل تلك الامور ستكون دافعا للشباب أن يستبدلوا لعبة الكرة بارتياد الحانات والنوادي الليلية وغيرها من الامور المسلمة الحرمة، وخصوصا الى انه يجب الالتفات الى ان تحريم لعبة كرة القدم امر لم يفت به احد الا بعناوين ثانوية وغير اجماعية بل وحتى انتقاد السيد الوالد (قدس) لها كان بشرط أن لا تكون ملهية عن الطاعات والتكاملات الاخروية والدنيوية الاخرى بل وان تحريم الموسيقى التي كانت مصاحبة للاستعراض في ملعب كربلاء غير اجماعي ايضا الا ان الامر المحرم او المرفوض اجماعية هو اذلال النساء وهتكهن بصورة غير لائقة أمام انظار من لا يعترف بحرمتهن".
وبين أنه "ومن هنا فإنه من الممكن أن يكون الاستعراض بعيدا عن مثل هذا التهتك بغض النظر عن ان ما كان في ملعب كربلاء هتك ام لا او انه مفروض من (الفيفا) أم لا، فنحن واياكم نعلم بأن مثل هذه الاستعراضات ممكن ان تكون وفق الشروط العرفية ولا اقول وفق الضوابط الشرعية، فكما انه من الممكن للاعبة أن تكون محجبة في الملعب بل حتى (المسبح) فكذلك المستعرضة في الافتتاحية يمكنها ذلك لتحفظ هيبتها ولا تتعدى على أعراضنا وشرعنا كما لا نضيق على شبابنا بمطالبات وبيانات تهتف بالقدسية او غلق الملاعب او بمنع الاستضافة وما الى غير ذلك".
ووجه الصدر خطابه للمتجادلين بشأن الموضوع قائلا "يا ايها المتفيقهون ما أسس الفقه الاعتداء على الآخرين وحرياتهم المقبولة، ويا ايها (المتحررون) لا تجعلوا من المرأة سلعة لأهوائكم وشهواتكم ولتحافظوا على أعراف الوطن فمن أحب الوطن عشق عرفه وأعرافه ولا تحاولوا أن تجعلوا من الملعب ناديا ليليا والا تحول الى مسجد او حسينية، فالانحلال الزائد يولد تشددا متزايدا كما العكس، ولنعش معا في وطن ملؤه الوئام بعيدا عن الصراع الفكري والطائفي والعقائدي والديني".
وقال الصدر "إنني اذ رأيت في كربلاء الحسين عليه السلام افتتاحية فهذا لم يحزنني على الاطلاق على الرغم مما شابها من شوائب لكن ما احزنني هو ما حدث من صراع فكري وايدلوجي بين الساسة من جهة وبين طبقات الشعب من جهة وهذا ما يؤثر على سمعة العراق أولا وعلى نفسية لاعبي منتخبنا من جهة اخرى بحيث قد يؤثر على فعاليتهم في ادائهم في الملعب، فاللاعب حينما يكون في الملعب لن يكون بمعزل عن شعبه وما يدور حوله فإنه انما يلعب لحبه لوطنه ونصرة له".
وتمنى الصدر للمنتخب بل والاندية الرياضية في عراقنا التقدم والازدهار والتمسك بالاعراف الوطنية والدينية وأن لا تغريهم المغريات الخارجية وأن يكونوا على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقهم وأن يتركوا السياسة جانبا ويكونوا مطيعين لمدربهم ومسؤوليهم الأكفاء فيعلو شأنهم بين نظرائهم في العالم أجمع".