بغداد اليوم- بغداد
تعد هجرة الأطباء العراقيين أحد أوجه أزمة القطاع الصحي المتفاقمة في البلاد التي تعاني أيضا من قلة المستشفيات التخصصية والمراكز الصحية الاعتيادية، الى جانب النقص في الادوية والمعدات، الأمر الذي دفع العراقيين للعلاج في دول عديدة أبرزها (إيران والهند وتركيا والاردن ولبنان)، لينفقوا ما يقارب 4 مليون دولار سنويا اي ما يعادل 5 مليارات دينار عراقي.
وتعرض 57% من العاملين في الرعاية الصحية بالعراق لاعتداءات، منهم 55% تعرضوا لإساءات لفظية و9% لاعتداءات جسدية، و6% تعرضوا لاعتداءات عشائرية، حسب إحصاءات فريق الصحة والبيئة التطوعي المسؤول عن مشروع "الرحمة" لحماية الكوادر الطبية.
وزير صحة سابق: هجرة اطباء العراق بدأت منذ سبعينيات القرن الماضي
ويقر وزير الصحة الاسبق، صالح الحسناوي، في حديثه لـ (بغداد اليوم)، بان "هجرة الاطباء والكفاءات العراقية مرت بمراحل متعددة، فقد وضحت في بواكير السبعينات لأسباب عديدة منها سياسية وهرباً من القمع الفكري، لتتبعها سنوات الحروب التي مرت بها البلاد حتى يومنا هذا".
ويرى الحسناوي، أن "الناس أحرار أينما يذهبون، بالتالي من حق الطبيب البقاء او الهجرة خارج العراق لأنه خيار شخصي"، مؤكداً أن "الظروف التي يعيشونها لا تتشابه مع بعض، هناك من يتعرض لتهديد ويبقى في البلد وهناك من يتعرض لإهانة او سب من قبل مُراجع ويهاجر".
الصحة النيابية: الواقع الصحي يعاني من مشكلة هجرة الكفاءات وعدم شعور الكوادر بالمسؤولية
ومنذ احتلال بغداد في نيسان 2003، تعرضت الكفاءات العراقية وفي مقدمتهم الاطباء إلى حملة استهداف منظمة، لم يكشف عن هوية من يقف خلفها، ما دفع الآلاف منهم إلى الهجرة دون التفكير بالعودة إلى البلاد، على الرغم من الاستقرار الامني الذي يشهده البلاد.
ويقول عضو لجنة الصحة والبيئة في مجلس النواب، فالح الزيادي، في حديث لـ (بغداد اليوم)، إن "هجرة الاطباء أضرت بشكل كبير بالواقع الصحي وتقديم الخدمات والارتقاء بالمؤسسة الصحية"، مؤكدا هناك "تردياً واضحاً بالواقع الصحي".
وعزا الزيادي تدهور الواقع الصحي إلى عدة اسباب منها "هجرة الكفاءات، عدم شعور الكوادر الصحية بالمسؤولية، بالإضافة الى عدم تمكين الطبيب من أداء واجبه من خلال توفير العلاجات والاجهزة المتطورة للفحص والتشخيص، والبيئة الملائمة للعمل"، لافتاً إلى أن "قانون الاطباء الذي أقره البرلمان في الدورة السابقة، ما يزال حبرا على ورق".
وفي 16 حزيران 2019، أصدر مجلس القضاء الاعلى تعميما، نظرا لزيادة حالات الاعتداء على الاطباء والكوادر الطبية في المستشفيات والمراكز الصحية وبغية حماية حقوق الطبيب، يقضي بعدم محاسبة الطبيب على الاخطاء الطبية وعدم مقاضاته او تهديده عشائرياً نتيجة الخطأ الطبي.
واشار الى ان "عدم التزام بعض الاطباء في خفاراتهم وحسن استقبال المراجعين، ولد شعور بقصور منتسبي وزارة الصحة والكوادر الساندة"، مؤكدا "عدم امتلاك لجنته احصائية بشأن عدد الاطباء الذين هاجروا البلاد"، فيما شدد على ضرورة "تفعيل قانون حماية الأطباء والمادة 230 من قانون العقوبات العراقي لسنة 1969، الذي يعاقب بالسجن ما لا يقل عن سنة كل من يقوم بالاعتداء على الطبيب او الموظف أثناء تأدية واجبه.
حقوق الانسان النيابية: 18 الف طبيب هاجروا العراق
ويشكو المرضى في العراق من ان معاملة الاطباء للمريض في المستشفيات الحكومية سيئة مقارنة بمعاملتهم نفس المريض في عيادتهم الخاصة.
الى ذلك، أكد عضو لجنة حقوق الانسان النيابية، قصي عباس في حديثه لـ (بغداد اليوم)، أن "المرحلة الحالية تتطلب بذل الجهود من الجميع للحفاظ على استقرار المؤسسات الصحية وضمان الحفاظ على الأطباء والكوادر الطبية الأخرى، ومن أجل تحقيق هذا الهدف، نطالب بتفعيل قانون حماية الأطباء الذي يعاقب بالسجن ما لا يقل عن سنة كل من يقوم بالاعتداء على الطبيب أو الموظف أثناء تأدية واجبه".
واشار إلى أن "هناك ما يقارب 18 ألف طبيب تركوا البلاد بسبب عدة ظروف، منها المضايقات التي يتعرض لها الاطباء اثناء مزاولتهم لمهنتهم داخل المؤسسات الصحية، بالإضافة إلى التهديدات العشائرية والمسلحة التي يتلقاها الاطباء"، مؤكداً أن "الواقع الصحي المتدهور لا يتحمله الطبيب وحده، بل الفساد المستشري، وضعف الرقابة".
نقابة الاطباء: هناك 3500 طبيب اخصائي بالعراق
من جانبه، يقول المتحدث الرسمي باسم نقابة الاطباء العراقيين جاسم العزاوي في حديثه لـ (بغداد اليوم)، إن "المؤسسة الصحية بحاجة الى بناء مستشفيات حديثة وتجهيزها بالأسرَّة وبناء فكر لتأسيس نظام طبي متطور"، مؤكداً أن "العراق إذا أراد أن يبني نظام طبي متطور شبيه بما موجود في الاردن او إيران، يحتاج إلى 10 آلاف طبيب اسرة وما موجود لدينا اليوم 500 طبيب فقط".
واشار الى ان "هناك 3500 طبيب اخصائي استشاري موجود في العراق، فيما غادر ما يقارب 5 الاف طبيب استشاري الى بريطانيا".
الرحلات العلاجية
يبلغ عدد العراقيين الذين يتلقون العلاج في هذه الدول اضافة الى اوروبا، قرابة الثلاثة آلاف عراقي، غالبيتهم يعانون امراض السرطان، والتشوهات الولادية التي ارتفعت معدلاتها في الحرب الامريكية الاخيرة، إضافة إلى عمليات التجميل في لبنان وإيران، بحسب عضو لجنة الصحة النيابية فالح الزيادي.
ويقول النائب الزيادي، إن "العراقيين يصرفون ما يقارب 4 مليون دولار سنوياً على الرحلات العلاجية بسبب سوء الوضع الطبي وتردي الخدمات في العراق"، مشيراً إلى أن "غالبيتهم يقعون ضحايا عمليات نصب واحتيال خصوصا في لبنان".
واشار إلى أن "هناك تأكيدات من الجانب اللبناني والسفارة العراقية في بيروت بشأن ما يتعرض له العراقيون الا أن وزير الصحة، عاد ووقع قبل شهر من الان اتفاقية جديدة مع الجانب اللبناني بشأن إرسال علاج العراقيين في لبنان".