بغداد اليوم- خاص
على الرغم من اعلان الحكومة القضاء على تنظيم داعش الارهابي عسكريا ، في 21 تشرين الثاني 2017، يبقى التساؤل قائما عن مصير الأموال الطائلة وكميات الذهب التي سرقها التنظيم من الدوائر والمصارف العراقية في الانبار ونينوى وصلاح الدين وديالى، فضلا عن أموال عمليات تهريب النفط.
في نهاية عام 2017، اعلن نائب قائد العمليات والاستخبارات بالتحالف الدولي بيتر غريستن تدمير أوراق نقدية للتنظيم تقدر قيمتها بنحو 800 مليون دولار في العراق وسوريا، فيما اعلن في 13 ايلول 2018، العثور على 10 ملايين دولار تحت اطنان الركام والانقاض في جامعة الموصل.
الامن النيابية: داعش ترك خلفه كنزاً من الوثائق تكشف عن مصادر تمويله
عضو لجنة الامن والدفاع النيابية، كريم عليوي قال لـ(بغداد اليوم)، ان "تنظيم داعش الارهابي منذ هزيمته في العراق وفرار اغلب عناصره الى تركيا وسوريا، ترك خلفه كنزا كبيرا من الوثائق التي تخص عناصره وطرق الانتماء واسماء قياديه وكذلك مصادر تمويله، بالاضافة الى حجم الاموال التي كانت في خزينته، مرورا بالتوجيهات والأوامر".
واضاف ان "داعش حصل على ما يقارب 500 مليون دولار من البنوك والدوائر الحكومية التي نهبها اثناء اجتياحه لثاني أكبر المدن العراقية محافظة نينوى"، لافتا الى ان "اغلب تلك الاموال لا تزال مجهولة الهوية حتى بعد اندثار التنظيم".
واستحوذ داعش على اموال كبيرة تقدر بملايين الدولارات، جمع غالبيتها من عمليات استخراج النفط، وبيعه في السوق السوداء العالمية، فضلا عن ممارسة التجارة غير المشروعة كالمخدرات والسلاح والتهريب، والجبايات التي يفرضها على التجار، حسبما يقول عليوي.
داعش تصرف باموال العراق المسروقة عبر 3 مراحل
ويقول الباحث في الشؤون الأمنية والاستراتيجية والجماعات المتطرفة، ومختص بملف تنظيم داعش وأنصارها، هشام الهاشمي في حديثه لـ(بغداد اليوم)، ان "داعش عمل على ثلاث مراحل لتنامي ثروته المالية التي جمعها من العراق وسوريا وليبيا"، مبينا ان "المرحلة الاولى بدأت في حزيران 2014 عبر جمع الاموال، وفي نيسان 2015 بدأت المرحلة الثانية عبر تهريب الاموال من العراق وسوريا وليبيا".
واضاف انه "في حزيران 2017 بدأ التنظيم في مرحلة الاستثمار الداخلي والخارجي"، لافتا الى ان "القسم الخاص بين استخبارات التحالف الدولي والمخابرات العراقية، بتجفيف منابع تمويل داعش احصى للتنظيم نوعين من الاستثمار الداخلي والخارجي".
وبشأن ثروة داعش الخارجية، يبين الهاشمي ان "القسم المشترك يعتقد بان داعش نجح في تهريب 700 مليون دولار الى خارج مناطق الصراع (العراق-سوريا-ليبيا)، لدول معروفة بغسيل الاموال، وتتقبل هكذا استثمارات، كما استطاع ان يتجاوز النظام المالي العالمي بطرق خاصة وتجاوز الرقابة المالية الدولية".
وعن الداخل يرجح الباحث، امتلاك التنظيم (600-650 مليون دولار)"، لافتا الى ان "الاستخبارات الدولية والمخابرات العراقية تمكنت من استرداد 285 مليون دولار فقط لكن تبقى هناك اموال كبيرة دخلت في مجال الاستثمار".
ونوه الى ان "العثور على اطنان الذهب بعد دفنها في الصحراء معلومة ليست صحيحة باعتبار فروع البنك المركزي في نينوى والمحافظات الاخرى لا توجد فيها سبائك ذهب".
وفيما يخص تلك الاستثمارات، يوضح ان "استثمارات داعش التي رصد البعض منها تمثلت في بحيرات الاسماك في حزام بغداد، ومعارض السيارات في بغداد ومناطق الفرات الاوسط، فضلا عن محلات الاسمدة واسطول صهاريج نقل المشتقات النفطية، كذلك تفكيك شبكة لادارة 107 صيرفة في (نينوى-كركوك-ديالى-صلاح الدين-الانبار)"، مؤكدا ان "داعش لديه شفرة معقدة في الاستثمارات الداخلية وطريقة ادارة الاموال في الخارج لم تفكك رغم انجازات المخابرات العراقية".
واستدرك قائلا، ان "بعض عناصر داعش الذين هربوا من منطقة شرق الفرات او من تسللوا الى العراق كانوا يحملون معهم اموالا تقدر من 30-200 الف دولار".
ويقر البنك المركزي العراقي، بأن المئات من مكاتب الصرافة في بغداد وحدها تجمعها صلات بالتنظيم الإرهابي، ويتردد أن عناصر داعش تتعاون مع تلك المكاتب لاستبدال الدينار العراقي بالدولار الأمريكي، في حين فشلت الحكومة العراقية حتى الان في محاربة السوق السوداء بشكل فعال.
شركات بريطانية تتفاوض مع العراق لاستعادة ما سرقه داعش من اموال
عضو مجلس النواب سابقا، عن محافظة نينوى، عبد الرحمن اللويزي، قال من جانبه لـ(بغداد اليوم)، ان "جزءا كبيرا من اموال داعش تعرض للتلف اثناء قصف احد المنازل الذي كان يستخدمه التنظيم كمستودع لحفظ الاموال التي سرقها من البنوك والدوائر الحكومية، من طيران التحالف الدولي"، مبينا ان "بعض تلك الاموال هربت الى تركيا خصوصا بعد ما تم الكشف عن آلات قادمة من منطقة غازي عنتاب لسبك العملات في سوريا".
وبين: "ان كانت هناك تعاملات ايضا لداعش في المناطق المتاخمة لمحافظة كركوك، مع تجار من اقليم كردستان، لشراء قطع غيارى السيارات والتبادل التجاري والتهريب النفطي"، لافتا الى ان "هناك الكثير من المسكوكات قام داعش بدفنها في اماكن غير معلومة حتى الان، وما كشف منها هو القليل".
وبين ان "تهريب النفط كان مصدر داعش الاول في تعظيم ثروته، حيث كان يجني ملايين الدولارات يوميا".
وعن طرق استعادة تلك الاموال يكشف اللويزي، عن "وجود شركات منها بريطانية تتفاوض مع الحكومة العراقية من اجل تقديم خدماتها في الكشف عن اموال واردات النفط التي كان يجنيها التنظيم عبر تهريبه"، مؤكدا ان "تلك الشركات تمتلك ادلة عن امكان وجود تلك الاموال".
ورأى ان "استعادة كافة الاموال يحتاج الى جهد حكومي كبير، خصوصا وان داعش استثمر الاموال في واجهات اقتصادية تدار عبر اشخاص هم ليسوا ضمن دائرة الشبه".
مجلس الانبار: داعش وزع امواله المسروقة في واجهات وهمية
الى ذلك يؤكد عضو مجلس محافظة الانبار، طه عبد الغني، لـ(بغداد اليوم)، ان "هناك فرق بحثية شكلت للبحث عن الاموال التي نهبها التنظيم الارهابي من العراقيين في الانبار والمدن الاخرى التي كانت تخضع لسيطرة التنظيم"، مشيرا الى ان "هناك الكثير من العملات النقدية تلفت اثناء عمليات القصف الجوي على معاقل التنظيم ابان المعارك".
واشار عبد الغني الى ان "داعش عمد قبل انتهاء خلافته المزعومة الى توزيع امواله عبر واجهات وهمية تمثلت في شركات استثمار وعقارات وشركات صيرفة فضلا عن تأسيس شبكات منظمة ومافيات لتجارة الممنوعات"، منوها الى ان "اموال التنظيم التي نهبها من المدن التي كانت يسيطر عليها لا تزال موضع اهتمام لدى الدولة العراقية، والتحالف الدولي".