الصفحة الرئيسية / “قنابل موقوتة” بهوية مجهولة... ما مصير أطفال داعش بعد عمليات التحرير؟

“قنابل موقوتة” بهوية مجهولة... ما مصير أطفال داعش بعد عمليات التحرير؟

بغداد اليوم - بغداد

لايزال عشرات الالاف من الاطفال الذين ولدوا في خلال فترة سيطرة تنظيم "داعش" على مناطق عدة في العراق من دون أوراق ثبوتية أو هويات، ووفقا لمفوضية حقوق الانسان فان أكثر من 30 الف طفل حرموا من الجنسية العراقية خلال الفترة الماضية.

في وقت يمنح الدستور العراقي في مادته الـ18 الجنسية العراقية لكل من ولد لأب عراقي أو أم عراقية، وهذا يعني أن هؤلاء الأطفال الذين ولدوا في فترة سيطرة تنظيم "داعش" يحق لهم الحصول على الجنسية. ويتمخض عن عدم الحصول على الجنسية مشاكل جمة كالتمييز وعدم الحصول على التعليم والسكن والرعاية الصحية والتوظيف، فهي تفاقم التحديات التي يواجهها الافراد الذين قد يكونون ضعفاء اجتماعيا حيث كشف تقرير لوكالة الأمم المتحدة للاجئين ومفوضية شؤون اللاجئين عام 2015 ان الأطفال عديمي الجنسية يشتركون في مزيج خطير من المشاعر كالتمييز والاحباط واليأس ما يمكن ان يؤسس لمرحلة جديدة من التطرف في المستقبل.

ويقول عضو مفوضية حقوق الانسان علي البياتي في حديثه لـ(بغداد اليوم)، ان "العقبة الرئيسية التي تواجه عوائل داعش على مسار الاندماج بالمجتمع مرة اخرى هي عدم قدرتهم على استصدار وثائق مدنية شخصية لهم ولأطفالهم، بما يشمل شهادات الميلاد والوفاة والزواج والطلاق، الهوية، بطاقات الخدمات الاجتماعية، وجوازات السفر".

واضاف ان "الاشكالية تتعلق باعتبار ان هؤلاء الاطفال ليسوا جميعا من اب او أم عراقية، وانما اغلبهم من ابوين اجانب او عرب"، لافتا ان "اغلب العوائل لديها خشية وخوف من مراجعة الدوائر الحكومية لاستحصال الموافقات الرسمية لاستخراج الوثائق الثبوتية للأطفال، باعتبار ان الاب او الابن او الزوج مشارك في جرائم داعش".

وبشأن دور المحامين في هذا الامر، يؤكد التميمي، ان "المحامين ايضا يتخوفون من التوكل في هكذا دعاوى"، مشيرا الى ان "الاجراءات الروتينية المعقد في مؤسسات الدولة لها الدور في حسم هذا الملف، باعتبار ان اغلب الزيجات لم يتم اعتمادها من قبل المؤسسات الحكومية، لان الزواج في تلك الفترة المظلمة غالبا ما يتم تحت الاكراه".

واشار الى ان "العقود التي كانت تتم في زواج وقت سيطرة داعش على المساحات الشاسعة، لم يتم تصديقها في مؤسسات الدولة او يعترف بها". وبين ان "تزويد الاطفال الذين ولدوا اثناء سيطرة داعش يتطلب الحصول على تصريحا امنيا من وزارة الداخلية او المخابرات او جهاز الأمن الوطني، في حين تخفق هذه العوائل في اجتياز الفحص الأمني تلقائيا لأن لهم اقارب منتمين الى داعش"، مؤكدة ان "الاطفال لا ذنب لهم بما ارتكبوا ابويهم من جرائم".

وعن التشريعات ومساع دائرته، يتحدث البياتي، عن دور مشترك لمفوضية حوق الانسان، ولجنة الحقوق ايضا في مجلس النواب، لتشريع قانون يخص منح الطفولة الجنسية، او تضمين هذه الفقرة، ضمن مسودة قانون حقوق الطفولة في العراق الذي من المزمع اقراره من قبل البرلمان، او تضمينها ضمن مسودة قانون الناجيات من داعش".

واكد عضو مفوضية حقوق الانسان، "عدم وجود ارقام رسمية تؤكد اعداد الاطفال المحرومين من الجنسية"، لكنه يعتقد بان الاعداد تفوق الارقام التي ذكرتها احدى المنظمات الدولية بشأن وجود 30 الف طفل محرومين من الجنسية العراقية".  حيث اوصى الحكومة العراقية بــ"منح هؤلاء الاطفال حقوقا كأقرانهم، وعدم ركنهم نحو حافات المجتمع".

وفي أوقات سابقة رفضت المحاكم العراقية اصدار اوراق ثبوتية للأطفال الذين ولدوا أثناء سيطرة تنظيم "داعش" على محافظات نينوى والانبار وصلاح الدين. اذ اسفرت الحرب ضد داعش عن اعداد كبيرة من الوفيات والمفقودين، مع التسبب في مصاعب تلحق بعوائل التنظيم، وتزيد من أعباء الجهاز الاداري للدولة.

ويقول عضو مجلس النواب في دورته السابقة، كامل الغريري في حديثه لـ(بغداد اليوم)، ان "المؤسسات الحكومية في العادة لا تقبل بشهادة الزواج وشهادة الميلاد الصادرة عن داعش في فترة سيطرة على بعض المحافظات"، مؤكدا ان "قبول تلك الشهادات واعادة اصدار شهادات جديدة يتطلب نجاح العائلة في الفحص الامني".

وشدد على ضرورة "تسهيل الاجراءات الحكومية، باعتبار تلك الوثائق المدنية تعد ضرورية للأطفال حين يبلغون لحصولهم على التعليم وخدمات حكومية اخرى، أو لإصدار وثائق سفر". مؤكدا ان "الدولة لم تتخذ اية قرارات حازمة صريحة ومعلنة بشان منح الاوراق الثبوتية للأطفال الذين ولدوا اثناء سيطرة داعش على بعض المدن، وما يجري هو مجرد حالات فردية يتعامل معها القضاء".

وقال عضو جمعية نينوى لحقوق الإنسان، عبد الله يونس، في حديث صحافي، ان "موضوع عوائل داعش وغيرها من ملفات، منها قضية الأطفال المولودين من عراقيات تزوجن من عناصر من داعش، وإما قتلوا او فروا خارج البلاد، فالحكومة لا تسجل هؤلاء الأطفال دون قضية في المحاكم لتحديد هوية والديهم، وهناك المئات من الاطفال غير المسجلين رسميا بدائرة التسجيل".

وحتى قبل ظهور داعش كان العراق يواجه مشكلة الأطفال بلا جنسية المولودين بين 2004 و2009 لمقاتلين من تنظيم القاعدة، حيث تتردد السلطات في الاعتراف بالوثائق الرسمية لهؤلاء الأطفال أو منحهم الجنسية. حسب إحصاءات لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي لعام 2013، هناك أكثر من 520 طفلاً بلا جنسية ولدوا لمقاتلين معظمهم من البلدان العربية.

الى ذلك وصفت عضو لجنة حقوق الانسان النيابية، وحدة الجميلي، قضية منح ابناء داعش او من ولدوا اثناء سيطرة داعش بـ"المشكلة المعقدة"، وتضيف الجميلي قائلة لـ(بغداد اليوم)، ان "الحكومة تواجه مشكلة معقدة وليس من السهل تفكيكها، وتحديد هؤلاء الاطفال هل هم من ابناء داعش الاجانب او من اب عراقي انتمى للتنظيم وقتل، ام انهم من اب وام عراقية لا علاقة لهم بداعش لكن عقد زواجهم سجل في محاكم داعش اثناء سيطرته على المحافظات".

ولفتت الى ان "العديد من الاطفال من فقدوا ابائهم وامهاتهم موجودين في دور الدولة لرعايتهم"، مؤكدة انه "حسب المادة 18 من الدستور شكلت لجان ومحاكم بعد استقرار المدن وتحريرها لتدقيق سجلات هؤلاء الاطفال ومنحهم الجنسية العراقية".

واعتبرت "اجراءات المحاكم بطيئة في حسم هذا الملف"، فيما اشارت الى ان "المحاكم تعتمد على الطلبات التي تقدم لها لمنح الجسنية، لكن هناك عوائل تركت اطفالها وسافرت الى تركيا وعمان واربيل ودول اخرى ولم يراجعوا الدوائر الحكومية بالتالي المهمة تقع على عاتق الدولة في رعايتهم وتسجيلهم".

وكشفت عن "مخاطبات ارسلتها اللجنة الى الحكومة والادعاء العام للتعجيل بالإجراءات والخلاص من هذه المشكلة وعدم ضياع حقوق الاطفال الذين لا ذنب لهم".

من جانبه يقول الخبير القانوني، علي التميمي لـ(بغداد اليوم)، ان "قانون الجنسية العراقية رقم 26 لسنة 2006، كان واضحا في قضية منح الجنسية، تبعا للاب او الاب اذا كانوا حاصلين على الجنسية العراقية"، مؤكدا ان "الاطفال لا ذنب لهم بما ارتكبه احد ذويهم".

واشار الى انه "إذا كانت الام عراقية والاب مجهول النسب، تمنح للطفل حجج اثبات النسب في محكمة الاحوال الشخصية، وبعد ذلك تؤشر في النفوس تحت عنوان حجة اثبات النسب، وتمنح له الجنسية، اما إذا كان الاب والام غير معروفين النسب، هنا دوائر الدولة تتبنى تقديم حجة اثبات النسب، الى المحكمة التي بدورها تمنح اسم للطفل واسم للاب والام افتراضي، وتجري العملية بسرية، ثم يحال الطلب الى دائرة النفوس ويسجل في سجل مجهولي النسب لمنح المستمسكات الاصولية له وفق قرار المحكمة". 

واكد "الحكومة العراقية تعاني من كيفية التعامل مع المشكلة، ولم تعلن بغداد عن سياسة رسمية بهذا الشأن"، موضحا ان " ملف عناصر وعوائل تنظيم داعش من أعقد الملفات بوجود آلاف الشكاوى لإثبات هوية ونسب أطفال داعش الذين تزوج اباؤهم من نساء عراقيات، او العكس".

ولفت التميمي الى ان "مجلس القضاء الاعلى يتعامل مع ملف اطفال داعش الاجانب، بموجب القوانين ‏الدولية والاتفاقيات إذ يتم ابلاغ السفارات لحضور ممثليها جلسات المحاكمة التي تجرى ‏لرعاياهم من قبل المحاكم العراقية اذ جرت مفاتحة جميع السفارات والقنصليات الموجودة ‏بالعراق ممن تعود اصول هؤلاء الاطفال اليها للمراجعة من اجل تسلم الاطفال الذين يعودون ‏إليهم بعد اكمال الاجراءات".

18-07-2019, 11:00
العودة للخلف