بغداد اليوم- متابعة
تعد الأمراض النادرة واحدة من أكثر المشكلات الاجتماعية التي تهدد المغرب، فأكثر من مليون ونصف مليون شخص مصابين بواحد من بين 8000 مرض نادر.
الأمراض الذي يعود معظمها إلى عوامل وراثية، يشكل أطفال المغرب نحو ثلاثين في المائة من مجموع المصابين، وتصاحبهم تلك الأمراض طيلة حياتهم، في وقت عجز فيه الأطباء على تخفيف آلامهم ووضع حد لمعاناتهم.
وتقول خديجة موسيار، رئيسة ائتلاف الأمراض النادرة بالمغرب، إن "الأمراض النادرة تصيب شخصا واحدا من بين ألفي نسمة، ما يعني أنها تصيب نسبة قليلة، لكنها تعد بالآلاف في الحقيقة، إذ يوجد حاليا 8000 مرض نادر، ويتم تسجيل مائتي مرض في السنة الواحدة".
ورغم الأنواع الكبيرة من الأمراض النادرة، يعد مرض "أطفال القمر"، واحدًا من أبرز تلك الأمراض المنتشرة في المغرب، ويعرف باسم "جفاف الجلد المُصْطَبغ".
فاطمة مريضة تحدت العالم
فاطمة الزهراء، واحدة من هؤلاء المصابين بمرض أطفال القمر، لكنها قررت أن تتحدى الإصابة، وتساعد غيرها من المصابين لتوصل صوتهم إلى العالم أجمع.
وتقول فاطمة، في تصريحات لـ"سبوتنيك"، "عشت تجربة مريرة، مع هذا المرض الصعب والنادر، أتألم كثيرًا، ولا علاج سوى الوقاية".
وأضافت: "أكثر ما نعاني منه نحن المرضى نظرات المجتمع غير الآدمية، لكن الحمد لله ثقتي بنفسي والدعم العائلي دفعني لتجاوز تلك العقبات".
وأكدت أنها "قررت تدشين صفحة باسمها لتوعية الناس بالمرض خاصة وأنه غير معروف ومهمش، حتى لا يتمادوا في نظراتهم للمرضى والتي تزيد من آلامهم".
ويقول الحبيب غزاوي، والد فاطمة، ورئيس جمعية التضامن مع أطفال القمر بالمغرب لـ"سبوتنيك"، إن "ابنته مصابة بالمرض منذ 26 عامًا، وخاضت 55 عملية جراحية لاستئصال أورام سرطانية ناتجة عن المرض".
طبيعة المرض
وأشار الحبيب غزاوي، رئيس جمعية التضامن مع أطفال القمر بالمغرب، إلى أن "أطفال القمر هو مرض جيني نادر ويسمى جفاف الجلد المصطبغ، ويصيب الجلد بتقرحات لتصبح بعد ذلك أورام سرطانية".
وأضاف أن "المرض يصيب عددًا كبيرًا من الأسر المغربية، ويعد زواج الأقارب من أهم أسباب الإصابة به".
وأكد الحبيب أن "العلاج الوحيد لهذا المرض هو الوقاية من أشعة الشمس، وقد يؤدي إلى الوفاة إذ لم تتم حماية المصابين عن طريق استعمال المراهم الوقائية والنظارات والقبعات الواقية وبعض أنواع الإنارة".
وأشار إلى أن "أطفال القمر معرضون لخطر الأشعة فوق البنفسجية أكثر من الإنسان غير المريض بمقدر أربعة آلاف مرة".
وبشأن مهام الجمعية، أضاف: "الوظيفة الأساسية للجمعية محاولة توفير المراهم الأساسية والنظارات المقاومة لأشعة الشمس، والملابس الواقية، والمصابيح المخصصة لهم".
أنواع أخرى
أنواع كثيرة من الأمراض النادرة تصيب المغاربة، وقبل أيام نظم تحالف الأمراض النادرة في المغرب، مؤتمرًا صحفيًا بمناسبة اليوم العالمي لمرض "بيلة فينيل كيتون"، للتأكيد على ضرورة فحص كل مولود جديد، بحثًا عن هذا المرض الوراثي النادر".
وينتج مرض "بيلة فينيل كيتون" عن تراكم تدريجي في جسم الأطفال لمادة الفينيل ألانين، وهذا التراكم يكون سامًا للدماغ و يسبب التخلف العقلي ومشاكل عصبية خطيرة، بحسب المختصين.
ويقول الأطباء إن "تشخيص المرض قبل سن 3 أشهر و إتباع نظام غذائي صارم يستمر طوال فترة الطفولة يشكل السبيل الوحيد لضمان النمو الطبيعي للطفل.
الأمراض النادرة في المغرب
في هذا الصدد قالت خديجة موسيار، رئيسة ائتلاف الأمراض النادرة بالمغرب، إن "الأمراض النادرة تصيب شخصا واحدا من بين ألفي نسمة، ما يعني أنها تصيب نسبة قليلة، لكنها تعد بالآلاف في الحقيقة، إذ يوجد حاليا 8000 مرض نادر، ويتم تسجيل مائتي مرض في السنة الواحدة".
وأكدت موسيار، في تصريحات صحفية أن "العدد الإجمالي للمصابين بالأمراض النادرة يفوق عدد المصابين بالسرطان والسكري، على اعتبار أن ما يقارب المليونين معنيون بهذه الظاهرة، ذلك أن شخصا من بين عشرين يصاب بالمرض، أي ما يعني خمسة في المائة، لأنها هذه الأمراض تصيب التنفس أو الجهاز العصبي، إلى جانب الكسور التي يمكن أن يتعرض لها الجنين أثناء الولادة، وكذلك جفاف العينين والفم وغير ذلك".
وأوضحت أن "التشخيص في المغرب تعتريه مشاكل عدة، في مقدمتها غياب المراكز المتخصصة، ثم اهتمام الأطباء بمرضى قلائل، في إشارة واضحة إلى غياب الرصد الممنهج عند الولادة، على سبيل المثال قصور الغدة الدرقية الخلقي؛ في حين أن التشخيص والعلاج المبكر من شأنهما المساهمة في تفادي إعاقة جسدية وذهنية".
أسباب الانتشار
من جانبه قال الدكتور أحمد عزيز بوصفيحة، أستاذ طب الأطفال، ورئيس جمعية هاجر لمساعدة الأطفال المصابين بضعف المناعة الأولي، إن "الأمراض النادرة منتشرة بقوة في المغرب والدول الأفريقية، على عكس الدول الأوروبية التي قامت باكتشاف العديد منها بسبب التشخيص المبكر".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "المغرب كدولة إسلامية يسمح بزواج القرابة، ما يؤدي إلى الإصابة بالعديد من الأمراض الوراثية، والتي تحتل مرتبة متقدمة في الأمراض المنتشرة".
وأكد أن الأمراض الوراثية منتشرة ليس في المغرب فقط، بل في العديد من الدول الإسلامية، حيث تبلغ نسبة القرابة في المغرب 15%، بينما تصل في السعودية إلى 55%، وتبلغ في دولة مثل عمان 70%".
وأشار إلى أن "مرض مثل نقص المناعة الأولي (Primary immunodeficiency) ينتقل بالوراثة، ويتسبب في وفاة صاحبه مبكرًا في حال عدم تشخيصه في الشهور الأولى من حياة الطفل المصاب به".
وأكد أن "هناك عدة أمراض مثل تجلط الدم، والكرات الحمراء، رغم إعطاء أولوية لها إلا أن الدواء غالي جدًا، وبعض الأمراض تحتاج إلى أدوية تصل سعرها إلى 15 ألف يورو شهريًا".
وبشأن الأمراض النادرة، أوضح بوصفيحة أن "الكثير منها لم يتم تشخيصها بعد"، مؤكدا أن "غياب المراكز المتخصصة في الكشف، وقلة حملات التوعية بخطورة الأمراض النادرة، هي السبب في زيادة عدد المصابين بتلك الأمراض".
وأوضح أن "هناك العديد من الأمراض النادرة التي لا يوجد لها دواء، مثل مرض أطفال القمر، المنتشر في المغرب".
وحول المطلوب لمواجهة هذه الأمراض، قال بوصفيحة إن "احتواء هؤلاء المرضى في المستشفيات العامة أمر للعصب للغاية، ولابد من إنشاء مراكز متخصصة، لتقديم منظومة متكاملة للعناية بمرضى الأمراض النادرة، بما في ذلك خطط التوعية والوقاية".
الوقاية والعلاج
من جانبها قالت الدكتورة نزهة موعن، أستاذة الطب بالمستشفى الجامعي لطب الأطفال بالمغرب، وأحد المتخصصين في الأمراض النادرة، إن "الأمراض النادرة منتشرة بشكل كبير في المغرب، وكذلك في العديد من الدول العربية".
وأضافت في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "هناك عدة أسباب لانتشار الأمراض النادرة في المغرب، أهمها زيادة نسب الزواج العائلي، وعدم الكشف المبكر على الأطفال منذ الولادة، لاكتشاف تلك الأمراض".
وأكدت أن "الدول المتقدمة لا تعاني من نسب مرتفعة من هذه الأمراض، بفضل الكشف المبكر على الرضع، والذي يكون غالبًا في الأيام الثلاثة الأولى من الولادة".
وأشارت إلى أن "هناك أكثر من مليون ونصف مصاب بتلك الأمراض النادرة، والتي تتسبب في العديد من الإعاقات للمصابين بها، سواء كانت ذهنية، أو جسمية".
وأوضحت أن "بعض من هذه الأمراض تكلفة علاجها مرتفع"، مطالبة بضرورة "التقرب من المصابين، ومحاولة العمل على التنشخيص المبكر".
وأشارت إلى ضرورة "تبني الدولة استراتيجية واضحة لمواجهة الأمراض النادرة، بطريقة شاملة وكلية، للحد من انتشارها بهذا الشكل".