بغداد اليوم- بغداد
لم تعد المواقف العراقية المعلقة على تطورات الصراع الاميركي- الايراني والمخاوف من تأثيره المباشر على أمن العراق، تراوح في زاوية النأي بالنفس، إذ كشفت تصريحات لـ (بغداد اليوم) في الساعات الماضية عن وجود بوادر تصعيد من أطراف داخلية ضد الوجود الاميركي.
اقوى هذه الاشارات هي تهديد حركة "النجباء" المنضوية في الحشد الشعبي، والتي تقاتل في سوريا، بـ "ضرب جميع الأهداف والقواعد الاميركية في المنطق، في حال عمدت الولايات المتحدة الى استهداف الفصائل المسلحة في العراق".
حركة النجباء: جميع القواعد الاميركية ستكون هدفاً لنا ان اعتدي علينا
وقال معاون الامين العام للحركة نصر الشمري، في تصريح خاص لـ (بغداد اليوم)، إن "الحرب لغاية الان هي مجرد حرب كلامية، ومحاولة ابتزاز القرار السياسي لأي جهة او دولة تعارض التوجهات الامريكية في المنطقة والعالم".
وأضاف الشمري، أن "الخيار العسكري بين البلدين لا يزال مستبعداً، ولكن في حال تصرفت امريكا او عمدت على استهداف فصائل عراقية او اهداف عراقية بدعوى انها تابعة لإيران، ستكون العواقب وخيمة وليس حميدة حتى على الدول التي ينطلق منها أي صاروخ".
وأكد الشمري، أن "جميع الاهداف والقواعد الامريكية في المنطقة ستكون هدفا لنا في حال عمدت امريكا على استهداف الفصائل العراقية".
وأشار الى ان "امريكا ستكون الخاسر الاكبر"، لافتا الى ان "فصائل المقاومة لا تأخذ بنظر الاعتبار الاستهداف الشخصي لبعض رموزها على انه تهديد حقيقي فهؤلاء الشخصيات والقادة لم يكونوا يوما بمعزل عن الموت والخطر ابدا".
دعوة نيابية لطرد القوات الاميركية من العراق
اشارة ثانية لا تقل حدة دعا فيها النائب عن تحالف الفتح قصي عباس لطرد القوات الاميركية من العراق لمنع تطور الخلاف مع إيران لمرحلة خطيرة للغاية.
وقال عباس، في حديث لـ (بغداد اليوم)، إن "الولايات المتحدة الامريكية يجب ان تخرج من العراق وهي لا تمتلك التفويض لبقاء قواتها، بالتالي وجود تلك القوات يعد غير قانوني أو شرعي".
وأضاف، ان "واشنطن، بالإضافة الى التحالف الدولي، لا تمتلك حق استخدام العراق ساحةً لضرب إيران، او تهديد او زعزعة امن واستقرار العراق على خلفية الصراع الجاري".
وأوضح، أن "خلق المشاكل وادخالنا في الصراع القائم سيولد ردة فعل قوية من الشعب العراقي إزاء الوجود الأمريكي".
واشار الى أن "هناك عدم توافق فيما يخص طرح وتمرير قانون اخراج القوات الامريكية من العراق، لذا فأن الجميع في الوقت الحالي مطالب بتوحيد الجهود والمواقف لطرد تلك القوات قبل ان يتأزم الموقف وتكون البلاد في فوهة المدفع".
مطالبة نيابية باستدعاء سفير طهران والقائم باعمال السفارة الاميريكية
بموازاة ذلك برزت دعوتان نيابيتان طالبت الاولى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي باستدعاء السفير الايراني والقائم بالأعمال الاميركي فوراً فيما دعت الثانية الى "ضرورة" التنبه لمخاطر سعي جهات لتأجيج الصراع الإيراني الأميركي على الأراضي العراقية، ومتابعة هذه التحركات بـ "يقظة وحذر".
حيث طالب عضو لجنة الامن والدفاع في البرلمان كريم عليوي، الإثنين،(20 أيار 2019)، رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي، باستدعاء السفير الايراني في بغداد ايرج مسجدي، والقائم باعمال السفارة الاميركية جوي هود بشكل عاجل وذلك للنظر بالتطورات الاخيرة وازدياد حدة الصراع الايراني - الاميركي واحتمالية تأثيره على امن العراق.
وقال عليوي في حديث لـ (بغداد اليوم)، إن "رئيس الوزراء على الرغم من ابلاغه سلطات الدولتين (اميركا وإيران) بان العراق لن يكون جزءً من الصراع القائم، فأننا ندعوه الى استدعاء القائم بأعمال السفارة الامريكي، والسفير الايراني، للتأكيد لهما على أن العراق ليس ساحة للحرب".
ولفت الى أن "أي استغلال محتمل للأراضي العراقية من قبل امريكا سينتج عنه ردة فعل من قبل الشعب العراقي ازاء الوجود الامريكي في العراق".
وشدد على إنه، "ليس من حق اميركا استخدام العراق لضرب اية دولة جارة"، مبيناً أن، "امريكا تحاول ادخال البلاد بأزمة ومشاكل مع إيران".
وكانت خلية الإعلام الأمني في العراق قد أعلنت، الاثنين (20 أيار 2019)، سقوط صاروخ "كاتيوشا" على المنطقة الخضراء وسط بغداد فيما اتهم مسؤولون اميركيون إيران بتدبير الهجوم لمهاجمة السفارة الاميركية.
وعلقت وزارة الخارجية الاميركية، الاحد 19 ايار 2019، على قصف المنطقة الخضراء في بغداد بصاروخ كاتيوشا فيما حددت مكان سقوطه وأكدت انها سترد بقوة في حال ثبت ان الهجوم مدبر من قبل إيران.
وذكر مسؤول في الخارجية الأميركية، أن "صاروخاً بدائي الصنع سقط بالفعل في المنطقة الخضراء وسط بغداد"، مبيناً أن "مكان وقوعه كان بالقرب من السفارة الاميركية".
وفي اعقاب الهجوم حذر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الاحد 19 ايار 2019، إيران من بدء القتال مع الولايات المتحدة مبيناً ان ذلك سيعني نهايتها.
وبالتزامن مع ذلك، حذرت ولاء السعبري، النائبة عن تحالف سائرون، المدعوم من قبل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في بيان، من أن "هناك من يسعى الى تأجيج ذلك الصراع، للولوجِ الى حربٍ تحرق الحرثَ والنسل"، مبينة أن ذلك يأتي "ارضاءً لمصالحَ خاصة، دون النظر لمصالح الشعب العراقي".
وأضافت، أن "تنبيه الصدر عبر تغريدته التي بدأها (لا للحرب)، جاء ادراكاً وانطلاقاً من الرؤيةِ الوطنيةِ الاصلاحية لمصلحة البلاد، وذلك لخطورة ِ ما يجري من الدفع باتجاه التصعيد غير المحسوب ووجوب السعي لإيقاف ِتلك التحركات التي تدفع بالبلاد الى مالا يُحمد عقباه" داعية كافة المؤسسات الرسمية "ابتداءً من مجلس النواب، والحكومة العراقية، ورئاسة الجمهورية إلى ضرورة ِ التنبّه لتلكَ المخاطر، ومتابعة تلك التحركات بيقظة ٍ وحذر".
صادقون: النأي بالنفس خيار خاطئ
وعلى صعيد ذي صلة، حذر رئيس كتلة "صادقون" في البرلمان، التابعة لحركة عصائب أهل الحق عدنان فيحان، الإثنين، 20 أيار، 2019، من (4) جهات مستفيدة من الحرب المقبلة المحتملة بين أميركا وايران، فيما بين أن نأي العراق بنفسه خيار خاطئ.
وذكر فيحان في تغريدة على موقعه بتويتر تابعتها (بغداد اليوم) أن الجهات الاربع هي، "اللوبي الصهيوني – الوهابي في اميركا، والاسرائيلين وخصوصا نتنياهو، والجماعات الارهابية، والكارهين لايران، وهم يريدون حرب الخليج القادمة".
وتابع أن، "من يطالب العراق بأن ينأى بنفسه عن الصراع فهو واهم بل مثله كالنعامة، العراق يجب ان يكون الحل وأن يعمل على عدم وقوع الحرب لانها اذا وقعت فأول المحترقين بنارها العراق".
وقال إن، "على الشعب وقياداته الدينية والاجتماعية، والقوى السياسية وفصائل المقاومة، الاعلام الرسمي والشعبي، عدم السماح لمريدي الحرب ودعاتها ان ساحة العراق شرارة انطلاقها".
وقال ترامب، في تغريدة نشرها، مساء الاحد 19 ايار 2019، على حسابه الرسمي في موقع "تويتر": "إذا أرادت إيران القتال فسيمثل ذلك نهايتها رسميا. لا تهددوا الولايات المتحدة مرة أخرى!".
وتشهد العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران توترا حادا مستمرا منذ تولي ترامب زمام السلطة في بلاده، في كانون الثاني 2017، حيث اتهم سيد البيت الأبيض مرارا ايران بأنها أكبر داعم للإرهاب وأبرز قوة مزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط.
وأعلن الرئيس الأمريكي، في 8 ايار 2018، انسحاب بلاده من الاتفاق حول برنامج إيران النووي وفرضه لاحقا مجموعة عقوبات قاسية على ايران، بالإضافة إلى تصنيف الحرس الثوري الإيراني تنظيما إرهابيا، الخطوة التي ردت عليها طهران بإدراج القوات الأمريكية في الشرق الأوسط على قائمة الإرهاب الإيرانية.