بغداد اليوم- متابعة
قالت صحيفة اميركية، الخميس (9 ايار 2019)، إن الولايات المتحدة ابلغت قواتها في العراق بأن هناك تهديدات حقيقية ممن اسمتهم بـ "وكلاء إيران" لتنفيذ هجمات ضدها.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها، إن "فصائل عراقية مسلحة بعضها موال لإيران تمتلك موطئ قدم عميق في كل محافظة ومدينة عراقية، ولم تستقر الآراء حتى الساعة حول ما إذا كانت تلك الفصائل تعمل وكيلة من تحت العباءة الإيرانية من عدمه".
ونقلت الصحيفة عن إنتوني كوردسمان، محلل الأمن القومي لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: "تفيد لفظة الوكيل أن إيران تستغل هذه الجماعات والفصائل كأدوات لبلوغ مآربها في العراق. وهم ليسوا كذلك. فهناك حفنة من الجماعات ضمن (الحشد الشعبي) العراقي، وبعضها من الجماعات السنية، وبعضها موالٍ للحكومة العراقية، والبعض الآخر تربطه صلات وثيقة بـ (فيلق القدس) المتفرع عن (الحرس الثوري) الإيراني".
وتقول الصحيفة، إن "المسألة يكتنفها مزيد من الغموض، إثر حقيقة مفادها أن هذه الجماعات المسلحة معترف بها وممولة من قبل الحكومة العراقية".
وخلال الأسبوع الحالي، أصدرت الولايات المتحدة أوامرها لإحدى حاملات الطائرات وبعض القاذفات بالتوجه والانتشار في مياه الخليج العربي رداً على "تهديدات محتملة من الجماعات المسلحة الموالية لإيران هناك".
وتقول نيويورك تايمز، إن "هناك ما يقرب من 30 فصيل مسلح تحت مظلة ما يُعرف بقوات الحشد الشعبي التي تضم نحو 125 ألفاً من المقاتلين العاملين. وتتفاوت علاقة هذه الفصائل مع إيران تفاوتاً كبيراً، وفقاً لآراء الخبراء والمسؤولين الحكوميين في العراق والولايات المتحدة".
وأضافت، أنه "في حين تنأى بعض الجماعات الموالية للحشد الشعبي بنفسها تماماً عن المدار الإيراني، فإن هناك جماعات أخرى، بما في ذلك بعض من أقوى الجماعات تسليحاً وتجهيزاً، على صلات وثيقة وراسخة بالنظام الإيراني. ومع تراجع حدة القتال ضد تنظيم داعش، باتت المشكلة التي تواجه العراق تكمن في ما ينبغي فعله مع هذه الجماعات المسلحة".
وتابعت، أن "الأقاويل ثارت حول تفكيك تلك الجماعات وتسريح أفرادها، ويبدو أن بعضها فقط على استعداد حقيقي للقيام بذلك".
وتضيف الصحيفة انه "وعلى الرغم من استيعاب قوات الأمن العراقية لهذه الفصائل، فإنها غير خاضعة لقيادة وزارة الدفاع أو وزارة الداخلية العراقية. بدلاً من ذلك، تحظى فصائل الحشد بوضعية خاصة تجعلها تحت قيادة رئيس الوزراء مباشرة".
وتؤكد الصحيفة، أن "بعض هذه الجماعات يبدو حميد المنهج والسلوك، ويهتم حصراً بالاضطلاع ببعض المهام ذات الطابع المحلي، من توفير خدمات الأمن وفرض النظام في الأماكن التي يقل فيها وجود الشرطة العراقية النظامية".
وتشير الى ان "هناك فصائل سيئة السمعة، وذات فساد واضح، وتشبه عصابات المافيا إلى حد كبير، ووجّهت الاتهامات إلى الكثير منها، بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. وفي حين أنها خاضعة لقيادة رئيس الوزراء، فليس من الواضح أنه يمكن لأحد في العراق الوقوف في طريقها أو كبح جماحها".
ويقول حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي السابق، في مقابلة أجريت معه هذا العام: "إذا كانت الجماعات تملك أجنحة مسلحة وفاسدة، فلن يمكن لأحد السيطرة عليها"، وفقاً لنيويورك تايمز.
وتشير الصحيفة الى ان "من بين الشواغل الكبيرة التي تشيع ضمن أوساط بعض كبار المسؤولين بشأن الفصائل، تماماً كمصدر القلق الصادر عن الحرس الثوري الإيراني، أن تتحول إلى قطاعات المال والأعمال، ولكن بميزة غير منصفة، تتمثل في الحماية المسلحة للأجنحة العسكرية بتلك الفصائل، فضلاً عن حماية بعض من كبار الشخصيات في الحكومة العراقية لها ولأعمالها".
ويقول إليكس فاتانكا، زميل (معهد الشرق الأوسط): "إن لم تُفرض الضوابط على هذه الجماعات في العراق، فستجد هؤلاء الرجال يتحولون بمرور الوقت إلى شبكات من المصالح الواسعة التي تتراوح من الكيانات شبه الإجرامية إلى القوى السياسية ذات السطوة والنفوذ التي تقيم أركان دولة داخل الدولة".
وتؤكد نيويورك تايمز انه "من جماعات الحشد، هناك 4 أو 5 جماعات ذات صلات وثيقة بإيران، تعتبر ممارسة لأعمال السلطة والنفوذ غير المصرح بها حكومياً. وبعضها يدير أعمال الرشى والابتزاز على الصعيد المحلي، مستغلاً الإكراه في تنفيذ مآربه وإجبار رجال الأعمال على التنازل عن بعض من أرباح أعمالهم، أو قهر المواطنين على الاستفادة من خدماتهم قسراً".
ولدى جماعات عدة من الحشد، وفقاً للصحيفة، "أعداد كبيرة من الممثلين في البرلمان العراقي؛ حيث تنقسم سلطة تسمية الوزراء بين مختلف الكتل السياسية. فإذا كانت الكتلة معنية بتسمية وزير من وزراء الحكومة، فلديها فرصة سانحة للتأثير على من يحظى بالتعاقدات السخية أو الوظائف الرفيعة، ومن شأن تلك الجماعات العمل أيضاً كورقة ضغط سياسي لخدمة المصالح الإيرانية داخل الدولة والحكومة العراقية".
وقالت الصحفية، إن "كبار المسؤولين في الحكومة العراقية يساورهم القلق على نحو خاص بشأن نفوذ الجماعات ذات الصلات الوثيقة بإيران ومناعتها من الانضواء تحت مظلة السيطرة الحكومية العراقية. غير أن المسؤولين غير مستعدين بصفة عامة للحديث علناً في تلك الأمور".
وذكرت، أن "حفيظة وزارة الدفاع العراقية أثيرت بصورة كبيرة مع انتقال بعض فصائل الحشد الشعبي العراقية إلى الحدود السورية في تشرين الثاني الماضي، واتخاذها مواقع حاسمة هناك، لكن الوزارة توصلت إلى وسيلة ما لتفادي المواجهة معها".
وأكملت الصحيفة قائلة: "على نحو مماثل، وبعد فترة وجيزة من إعلان وزارة الخزانة الأميركية في آذار الماضي عن إدراج إحدى جماعات الحشد، وهي (حركة حزب الله النجباء)، على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، أعلنت الحكومة العراقية عدم موافقتها على الخطوة".
ولم يدافع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي عن الحركة، إذ أثبت الجيش العراقي صعوبة تعامله وتعاطيه مع "النجباء" بصورة خاصة. بيد أنه أعرب عن تأييده لجماعات الحشد بصفة عامة.
وقال عبد المهدي في اذار: "يمكن للأميركيين اتخاذ ما يشاؤون من القرارات، لكنهم ينظرون إلى الأمور من زاوية تختلف عن زاويتنا تماماً، وموقفنا من (الحشد الشعبي) معروف وواضح. إننا نكن احتراماً للجماعات المنضوية تحت مظلة الحشد كافة، ونثمن تضحياتها الكبيرة"، في إشارة إلى مشاركتها في القتال ضد "داعش".
وتقول الصحيفة إنه مع ذلك، "تولى قادة الفصائل العراقية ممارسة الأنشطة غير المشروعة في المناطق التي هُزمت فيها قوات داعش بغية إثراء أنفسهم مع القليل للغاية مما فعلوه لأجل المجتمعات المحلية في تلك المناطق. وحاربت هذه الفصائل، وأغلبها يتركز في شمال العراق، القوات الحكومية العام الماضي بهدف السيطرة على خطوط تهريب النفط. وخسرت القتال في نهاية المطاف لصالح الجيش، غير أنها لا تزال تحتفظ ببعض القواعد بالقرب من بعض الآبار النفطية غير المستغلة حالياً".
وتضيف الصحيفة، أن "إحدى هذه الجماعات تسمى عصائب أهل الحق التي تتهمها جماعات حقوقية بارتكاب جرائم القتل ضد السنة خارج نطاق القانون أثناء القتال ضد داعش. وفي الشهور الماضية، وجّهت الانتقادات أيضاً للعصائب لمطالبتها أصحاب الأعمال في شمال العراق بسداد (إتاوة) عن أي أعمال تجارية يشاركون فيها. ونفت الحركة الاتهامات".