بغداد اليوم - متابعة
حذر تقرير أميركي، الخميس، 25 نيسان، 2019، من نشوء جيل كامل بدون اوراق ثبوتية او تعليم في العراق، فيما علق رئيس البرلمان محمد الحلبوسي على إمكانية اجراء تعديل لتغيير قوانين الأحوال المدنية والميراث.
وذكرت وكالة "أسوشييتدبرس" في تقرير لها أنه "في الموصل، ومناطق أخرى من العراق هناك آلاف العوائل من أرامل وأطفال يواجهون ظروفاً صعبة لممارسة حياتهم والحصول على وثائق تمكنهم من دخول مدارس وضمان حصولهم على حقوق بسبب ما تركه آباؤهم من تبعات انتمائهم لداعش أو معاونتهم أثناء اجتياح التنظيم لمساحات واسعة من العراق قبل خمسة أعوام".
ونقلت عن أم يوسف وهي والدة لسبعة أطفال قولها إن "زوجها أحمد خليل كان قد فقد عمله كسائق شاحنة في الموصل قبل ثلاثة أعوام والتحق بعد ذلك في صفوف شرطة تنظيم داعش معتقداً بأن المرتب الذي يحصل عليه سيساعد عائلته في تمشية أمورها، لكن القرار الذي اتخذه أفقده حياته وترك جرحاً عميقاً تعاني منه عائلته، حيث قتل في غارة جوية على الموصل في شباط 2017 أثناء الحملة العسكرية المدعومة من الولايات المتحدة لتحرير المدينة التي احتلها داعش في عام 2014".
وتابعت الوكالة أن "زوجات وأرامل وأطفال تخلّوا عنهم أقاربهم وعشائرهم وكذلك الدولة، دوائر الدولة ترفض تسجيل بيانات ولادات أطفال لأمهات من أزواج مشتبه بانتمائهم لداعش، والمدارس لن تقبل تسجيلهم لديها أيضا".
وتقول صفاء أحمد 11 عاماً، ابنة خليل الذي قتل في غارة جوية في الموصل "يقولون إن أبي كان داعشياً، هذا يؤلمني كثيرا".
وذكرت أرملة خليل، أم يوسف أنها، "تُركت هي وأطفالها السبعة ليتحملوا وزر انتماء والدهم لداعش، فهي لا تستطيع الحصول على رعاية اجتماعية وابنها المراهق عمر لا يستطيع الحصول على عمل، انهم يعيشون الآن في مبنى مدرسة متروك ويعتمدون في مصروفهم على ما يستطيعون بيعه من خبز تعده الوالدة في شوارع مدينة الموصل المحطمة".
وأوضحت أن، "ثلاثة من أولادها فقط هم في المدرسة، اثنان آخران من أولادها الكبار تركا المدرسة بسبب ما يلقونه من مضايقات بخصوص أبيهم، أما الطفلان الصغيران الآخران فهما غير قادرين على التسجيل في المدرسة لأن دائرة الأحوال المدنية لم تصدر لهما هويات شخصية".
وقالت أم يوسف: "صحيح أن والدهما قد ارتكب خطأ، ولكن لماذا هؤلاء الاطفال يدفعون ثمن ما فعله أبوهم؟".
واستناداً لقوانين الاحوال الشخصية العراقية فإن الطفل يتطلب أن يكون له اسم والد لكي تعد له شهادة ولادة ومن ثم إصدار هوية شخصية له ليتسنى له التسجيل في مدرسة ويحصل على حقوق المواطن المدني من رعاية اجتماعية وميراث، ولكن بسبب الإجراءات البيروقراطية الروتينية التي تتضمن تدقيقات أمنية تشمل زوج الأم وأقاربها فإن هذا الامر يزيد من معاناة الأمهات وأطفالهنّ.
وقدر تقرير للامم المتحدة هذا العام وجود ما يقارب 45 ألف طفل غير مسجلين في المناطق المحررة، قضاة ومجاميع لحقوق الإنسان يقولون بانه "يجب اتخاذ تدابير عاجلة لمعالجة هذا الامر وإلا فان هناك مخاطر من نشوء جيل كامل من أطفال بدون أوراق ثبوتية أو تعليم".
ونقلت الوكالة عن توم بيير كوستا متحدث عن المجلس النرويجي للاجئين، الذي يقوم بتقديم مساعدات قانونية لأمهات من الموصل يسعين للحصول على هويات لأطفالهن، قوله إن "تهميش هؤلاء يسبب مشاكل اجتماعية لهم".
نور أحمد، جاءت لمكتب وعيادة قانونية يرعاها المجلس النرويجي للاجئين في الموصل، تبحث فيه عن طريقة لحصولها على سند قانوني لرعاية ابنها الصغير غير المسجل لغرض حصولها على معونة غذائية ومساعدات لعائلتها.
وتقول أحمد إن "زوجها تم اختطافه قبل سنتين من قبل مسلحين في الموصل ربما لاعتقادهم بانه من داعش، وهي تصر بانه لم يكن كذلك"، مشيرة الى انه "ما يزال مفقوداً حتى الآن".
وبسبب ولادته في العام 2016 في مستشفى يديره تنظيم داعش، فإن "ابنهما قد أصدرت له شهادة ولادة موثقة من قبل التنظيم، وبما أن هذه الوثيقة غير معترف بها فإن طفلهم البالغ من العمر ثلاث سنوات ليس لديه اسم والدة ووالد شرعيان"، قائلة: "طُلب منها العثور على زوجها لإعادة تسجيل ابنها وهي غير قادرة على العثور عليه".
أما عدنان جلبي قاضي محكمة تمييز في الموصل أوضح أنه، "يطّلع على اكثر من 12 قضية يوميا متعلقة بأمور أحوال مدنية، تجلبها عادة زوجات وأرامل أو مطلقات رجال مشتبه بانتمائهم لداعش"، قائلاً: "ليس بيده شيء للمساعدة بدون أن يجرى تعديل على القانون أولاً".
وأضاف الجلبي بقوله، "داعش سيطر على مدينة الموصل على مدى سنوات، أليس من الطبيعي أن تحصل هناك زواجات وطلاقات وولادات بين الأهالي خلال تلك الفترة؟ نحتاج الى حل تشريعي".
وفي السياق ذاته، نقلت الوكالة عن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي إنه، "لا يوجد هناك ميل لتغيير قوانين الأحوال المدنية والميراث، رغم ان هناك مقترحاً لفتح سجلات مدنية لفترة محدودة لتسجيل أطفال غير مسجلين".
وقال الحلبوسي إن، "هذه العوائل تحتاج الى أن تتم رعايتها، لا يمكن ان يتركوا ليضيعوا هكذا في المجتمع".
وخارج جامع في الموصل حيث تجلس أم يوسف، مع أطفالها تبيع الخبز تقول بأنها "فقدت القوة التي تمكنها من رعاية أولادها"، مضيفة "لقد حُرمنا من كل شيء العائلة بأكملها محطمة". تختم الاسوشييتدبرس تقريرها.