بغداد اليوم- بغداد
كشف عضو مفوضية حقوق الانسان، علي البياتي، الاثنين 22 نيسان 2019، عن حقيقة وجود حالات تعذيب بسجون الموصل، مبينا أن هناك 14 الف شكوى وصلت من الادعاء العام حول خروقات وانتهاكات بحق السجناء.
وقال البياتي، في حديث، لـ"بغداد اليوم"، إن "مفوضية حقوق الانسان تتابع الوضع في السجون استنادا للتخويل القانوني لها لكشف حالات المخالفات وانتهاك الحقوق في السجون بصورة عامة"، لافتا الى أن "قانون ادارة دور الاصلاح لسنة 2017 سحب للأسف حق المفوضية في القيام بزيارات مفاجئة للسجون حيث الزم اي جهة تريد زيارة السجون اشعار وزارة العدل العراقية لتقوم بالتنسيق وهذا مخالف للقوانين والمبادئ العالمية التي اعطت حق مراقبة وضع السجون للجهات ذات صلة على اعتبار الجهات التنفيذية قد تتهم بحالات التعذيب".
واضاف أنه "لا ننكر وجود تعذيب في السجون العراقية هنالك الكثير من الشكاوى ترد الى المفوضية"، مبينا ان "اخر احصائية وصلتنا من الادعاء العام ثبتت ما يقارب 14 الف شكوى وردت من جهات مختلفة ومنها مفوضية حقوق الانسان بوجود مشاكل وتعذيب داخل السجون".
واشار البياتي الى أن "من خلال لقائتنا مع منظمة هيومن راتيس وتش، طلبنا منهم مخاطبتنا في حال الكشف عن خروقات للتدخل وزيارة المواقع والتأكد من المشاكل لإعلام الجهات المختصة، ولكن وعلى الرغم من تقييمنا لدور وجهود المنظمة ولكنها تفضل العمل بشكل مستقل "،مشيرا الى أن "عدم تجاوب الحكومة مع المنظمة قد يعود لأنها غير عراقية".
وتابع، ان "المفوضية كلفت المكاتب المختصة في نينوى للتقصي عن حقيقة تعرض السجناء في الموصل الى التعذيب وفي حالة صح ذلك ستكون هناك اجراءات المفوضية من خلال رفع دعوة قضائية ضد المعنين"، مشيرا الى ان "السجون تعاني من الوضع الصحي المتدهور وعدم التزام الدولة بشكل عام بمستوى الوقاية والعلاج والادوية واستغلال السجين وعائلته عبر الابتزاز".
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" ، قالت في وقت سابق، إن ضباطا عراقيين مارسوا التعذيب في مركز احتجاز في الموصل حتى أوائل 2019 على الأقل، بعد أشهر من إبلاغ هيومن رايتس ووتش عن الانتهاكات وتقديمها لمعلومات حول المسؤولين عنها. لم ترد الحكومة العراقية على رسالتين لـ هيومن رايتس ووتش تطلب فيهما آخر المستجدات بخصوص الخطوات المتخذة للتحقيق في المزاعم.
قالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "مع تجاهل الحكومة العراقية تقارير موثوقة عن التعذيب، ليس من المستغرب أن تستمر الانتهاكات. ما الذي تحتاج إليه السلطات لتأخذ مزاعم التعذيب بجدية".
وفي آب/ 2018، نشرت هيومن رايتس ووتش تقريرا يزعم استخدام التعذيب في 3 مراكز تابعة لوزارة الداخلية في الموصل وجوارها. استند التقرير إلى شهادات معتقلَين سابقَين وأب لرجل توفي أثناء الاستجواب. زود معتقل سابق احتـُجز في سجن الفيصلية لمدة 4 أشهر، هيومن رايتس ووتش بأسماء 4 من ضباط وزارة الداخلية قال إنه رآهم يعذبون مساجين.
وقبل نشر تقررها، أرسلت هيومن رايتس ووتش ادعاءات تفصيلية إلى مستشار حقوق الإنسان في "اللجنة الاستشارية لرئيس الوزراء" بما في ذلك أسماء الضباط الــ4 المتورطين.
وفي شباط، كتبت هيومن رايتس ووتش إلى وزير الخارجية محمد الحكيم والمفتش العام بوزارة الداخلية جمال الأسدي، تسأل عما إذا كانت الحكومة قد حققت في مزاعمها، لكن لم تتلق أي رد على الرسالتين.
وصف سجين سابق، حُجب اسمه وتفاصيل هويته لسلامته، ما رآه في سجن الفيصلية في أوائل 2019.
وقال إن الحراس أخذوه ليلة وصوله إلى قسم خلف باب معدني معزول عن بقية الزنزانات، تطابق وصفه مع ما قاله محتجزون سابقون آخرون تحدثوا إلى هيومن رايتس ووتش.
يقول إنه رأى 8 معتقلين يقفون عراة و4 حراس يرشونهم بالماء من دلو ومن ثم يلقونهم أرضا واحدا تلو الآخر ويرفعون أرجلهم ويمررون أقدامهم في حلقتين من الحبال مربوطتين بعصا خشبية لتثبيت القدمين في مكانهما. قال إنه شاهد الحراس يتناوبون على ضرب كل معتقل على قدميه بأنابيب بلاستيكية لمدة 15 دقيقة بلا توقف. قال إنه بعد الضرب، اعترف 6 من المعتقلين بانتمائهم إلى "تنظيم الدولة الإسلامية" (المعروف أيضاً بـ"داعش") وفاوض كل منهم على مدة عضويته التي سيعترف بها.
اكد أن الحراس استخدموا شكلا من أشكال "الإيهام بالغرق"، يشار إليه باسم "السفينة"، ضد معتقلَين لم يعترفا. قام 5 حراس وضابط بربط كل معتقل، وهو عارٍ، بنقالة برتقالية ورفعوها بطريقة تجعل أقدام المعتقل فوق رأسه ثم غطوا وجهه بمنشفة. ضربوا كل واحد منهم لمدة 5 دقائق بأنابيب بلاستيكية أثناء صب الماء على فمه.
واوضح أن الحراس قيّدوا بعد ذلك أيدي الرجال خلف ظهورهم، وعلقوهم من السقف باستخدام خطاف وبكرة، في وضع يشار إليه باسم البزونة ("القط" باللهجة العراقية) لساعة تقريبا. قال إن الرجال اعترفوا جميعا حوالي الساعة 2 صباحا وأُعيدوا إلى زنزاناتهم.
بعد ساعة، على حد قوله، عندما كان مع 12 محتجزا آخرين مستلقين في زنزانة جماعية يتشاركونها، دخل 3 أو 4 حراس وداسوهم بأحذيتهم بينما كانوا يغنون أغنية داعش المعروفة.
سمّى السجين 3 من ضباط وزارة الداخلية الـ 4 الذين يشرفون على هذا القسم من السجن والذي حددتهم هيومن رايتس ووتش في تقريرها الصادر في آب. كما ذكر اسم ضابط آخر قال إنه أشرف على التعذيب. قال إن الضباط الـ4 شاركوا مباشرة في التعذيب.
رغم التقارير الموثوقة والمستفيضة حول التعذيب أثناء الاحتجاز، لا يحقق القضاة العراقيون عادة في مزاعم التعذيب. في 1 نيسان 2019، ردّ "مجلس القضاء الأعلى" العراقي على استفسار هيومن رايتس ووتش بشأن استجابة القضاء لمزاعم التعذيب، قائلا إن مجموعة من المحاكم العراقية حققت في 275 شكوى ضد محققين بحلول نهاية 2018. وذكر المجلس أن 176 من هذه القضايا الحالات "حُلّت" بينما لا تزال 99 قضية قيد النظر. لم يوضح المجلس عدد القضايا من بين الـ 176 المذكورة التي حُقّق فيها أو رُفضت.
على المفتش العام جمال الأسدي التحقيق فورا في المزاعم المتصلة بسجن الفيصلية، بما في ذلك مع الضباط المتورطين المذكورين في تقارير هيومن رايتس ووتش السابقة.
ينبغي لمجلس القضاء الأعلى إصدار مبادئ توجيهية حول الخطوات التي يجب أن يتبعها القضاة عندما يدعي متهم تعرضه للتعذيب. يتعيّن على القضاة التحقيق في كل مزاعم التعذيب الموثوقة والتحقيق مع قوات الأمن المسؤولة عنها، والأمر بنقل المحتجزين إلى منشآت احتجاز أخرى فور ادعائهم التعرض إلى التعذيب أو سوء المعاملة لحمايتهم من الانتقام. كما ينبغي للبرلمان إقرار مشروع قانون مكافحة التعذيب، الذي سيفرض على القضاة الأمر بإجراء فحص طبي لكل محتجز يدعي التعرض للتعذيب في غضون 24 ساعة من علمهم بذلك.
يتعين على وزير الخارجية العراقية أيضا حث البرلمان على التصديق على " البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب"، والذي يسمح "للجنة الفرعية لمنع التعذيب التابعة للأمم المتحدة" بزيارة السجون. في انتظار التصديق على البروتوكول، على الحكومة الالتزام بإنشاء هيئة وطنية لمنع التعذيب، تُعرف بـ الآلية الوقائية الوطنية، تتمتع بصلاحية تفتيش جميع مراكز الاحتجاز في العراق وإنشاء أنظمة شكاوى فعالة للسلطات والمرافق المعنية بالاحتجاز والاستجواب.
على رؤساء وكالة الاستخبارات الاتحادية وجهاز الأمن الوطني ووزير الداخلية الجديد، فور تعيينه، إصدار تعليمات إلى مرؤوسيهم بمنع استخدام التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، والتوضيح أنهم سيعاقبون المسؤولين. ينبغي لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي أن يدين علانية استخدام التعذيب من قبل جميع موظفي إنفاذ القانون والأمن والعسكريين.
قالت فقيه "على حكومة رئيس الوزراء عبد المهدي أن تثبت للشعب العراقي أنها جادة في إنهاء التعذيب في مرافق الاحتجاز العراقية. هناك حاجة لاتخاذ إجراءات قوية".