بغداد اليوم _ ديالى
شكلت قرية المخيسة إحدى القرى الكبيرة في حوض الوقف بمحافظة ديالى، مصدر قلق أمني دائم بفعل بساتينها الشاسعة التي تحولت إلى ملاذ آمن للتنظيمات المسلحة بعد 2003، بدءاً بتنظيم القاعدة وانتهاءً بداعش.
المخيسة الملتهبة منذ 16 عاماً مضت، أودت بحياة المئات من أهالي المحافظة، حيث كانت العبوات الناسفة والإطلاقات النارية وهجمات الهاونات، توقع الضحايا باسمرار دون توقف، حتى تغير الوضع على يد شباب القرية الذين انتفضوا الجمعة الماضية (13 نيسان الجاري) لتغيير الوضع غير المستقر بفعل المجاميع المسلحة.
جمعة تاريخية
أعلن قائد شرطة ديالى اللواء فيصل العبادي، الجمعة (13 نيسان 2019) مقتل 4 عناصر من تنظيم داعش في هجوم شنه أهالي قرية المخيسة (24 كم شمال شرق بعقوبة) على مضافة سرية للتنظيم تقع بإطراق القرية، فيما أشار الى أن أحد القتلى قناص قتل العديد من الأشخاص بينهم عناصر أمن، خلال الأشهر الماضية.
وقال رئيس اللجنة الأمنية بمجلس ناحية أبي صيدا (24/كم شمال شرق بعقوبة) عواد الربيعي، إن "المخيسة كانت تشهد وضعاً أمنياً معقداً منذ 16 سنة، لأنها كانت أولى بوابات التطرف في ديالى بشكل عام، حيث وجد الارهاب موطئ قدم فيها، وانخرط بعض ابناءها بين المتطرفين، حتى تحول بعضهم إلى قيادات مهمة سواء في القاعدة أو داعش".
واضاف الربيعي، في حديث لـ(بغداد اليوم)، أن "تضاريس بساتين المخيسة وموقعها جعلاها ملاذاً آمناً للتنظيمات المتطرفة خلال السنوات الماضية"، مبيناً أن "كل شخص كان يتعاون مع القوى الأمنية يتم استهدافه من قبل المتطرفين، الأمر الذي جعل القرية تعيش وضعاً أمنياً معقداً".
وتابع، أن "انتفاضة الشباب القرية من قبيلة دليم، وتحديداً من بيت سميط قبل عدة أيام التي اسفرت عن مقتل 4 من داعش بينهم قناص الوقف، كانت لحظة فارقة في تاريخ القرية ليبدأ التغير الايجابي في مواجهة المتطرفين والخلايا النائمة"، مؤكداً أن "كل قرى ابي صيدا داعمة لانتفاضة المخيسة".
القرى تقف بوجه داعش
ويروي محمد الدليمي، من اهالي القرية، كيف كان "أهالي المخيسة يقعون ضحايا لأعمال المتطرفين خلال سنوات طويلة، مستغلين البساتين لضرب الأبرياء وعناصر القوات الأمنية، ومن ثم الهرب.
وأضاف الدليمي، في حديثه لـ(بغداد اليوم)، أن" القاعدة وداعش شوهت سمعة المخيسة أمام أهالي ديالى"، مشيراً إلى أن "الوضاع المادية لأغلب الأهالي متردية جداً، وتعيش على خيرات بساتينها، والتي لم تسلم هي الأخرى من ادوات تخريب المتطرفين".
وأكد محمد الدليمي، أن "انتفاضة أهالي المخيسة ضد داعش لن تتوقف، ولن يقبل الأهالي بعد اليوم وجود أي خلايا نائمة"، مبيناً أن "مجلس عزائه أحد المضحين ضد داعش خلال الأيام الماضية، تحول إلى تظاهرة وطنية للتعبير عن تضامن كل القرى مع موقف المخيسة بوجه داعش".
دعوات لمساندة الأهالي واحتضان "الانتفاضة"
ولفت عمر أركان، وهو نائب ضابط في الجيش السابق، إلى أن "ضرورة حصول المخيسة على دعم أمني من ناحية تطويع ابناءها في القوات الأمنية أو إحياء الصحوات لتأخذ موقعها في مواجهة خلايا داعش خاصة في البساتين"، مشيراً إلى أن "أهالي قرية المخيسة ينتمون إلى عشائر معروفة لم تكن داعمة للإرهاب، بل انخرط البعض في صفوفه وهم يمثلون أنفسهم وليس العشائر".
من جانبه شدد المراقب الأمني، مروان الشمري، على "ضرورة دعم انتفاضة أهالي المخيسة ضد داعش، باعتبارها حلقة مهمة ستعزز الاستقرار في حوض الوقف"، مضيفاً أن "داعش وقبله القاعدة، كانت تعتمد على إثارة الفتن والنعرات والثارات بين قرى الوقف، وهذا سر بقائهم في تلك المناطق لسنوات طويلة".
وأكد الشمري، أن "انتفاضة دليم ضد داعش، تعد الحدث الأهم خلال 2019، وستمثل بداية معركة غير تقليدية تتضمن كشف الخلايا النائمة والخلاص منها"، داعياً القوات الأمنية إلى "دعم الاهالي والانفتاح عليهم وتوسيع نوافذ استلام المعلومات منهم".