بغداد اليوم - متابعة
سلطت صحيفة بريطانية في تقرير مفصل نشرته، الخميس، 28 آذار، 2019، الضوء على الـ"جيوش إلكترونية" في العراق، وفيما كشفت آلية عملهم، بينت أنها تدير حروب السياسيين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وذكرت صحيفة الاندبيندنت البريطانية ان "صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، يديرها مدوّنون محترفون، تلمّع صور السياسيين العراقيين وتشوّه أخرى وتقود حروبهم على الإنترنت، لكنها على الرغم من انتمائها إلى ساسة من حيث التمويل والمضمون، لكنها لا تحمل أسماءهم أو شعاراتهم بل أسماء شعبية عراقية مألوفة لدى الجمهور".
وتابعت أنه "على سبيل المثال ظهرت في العام 2017 صفحات خاصة تحمل أسماء مختلفة منها "الك ونة"، "حكم العوائل"، "حرامي الجادرية"، "الفاسد لا يصلح" وصفحة "حرامية"، فضلاً عن صفحتَي "قصف سياسي" و"سرسري متقاعد"، وتدير تلك الصفحات حروب السياسيين ضد بعضهم بعضاً".
وقالت إن "صحافيين اتهموا بإدارة صفحات تابعة لسياسيين عراقيين كثيراً ما انتقدوهم في كتاباتهم أو في برامجهم التلفزيونية، لكنهم عملوا معهم كجزء من "جيش إلكتروني" يدير صفحات تنتقد خصومهم السياسيين وتحاول النيل منهم بطرق شتى سراً.
وبينت أن "الأسماء التي اختارها القيّمون على تلك الصفحات مألوفة جداً لدى العراقيين وحصلت على نسب متابعة عالية تراوحت بين 100 و400 ألف متابع على "فيسبوك"، لكنها في الوقت ذاته تروّج أفكاراً تسعى من خلالها إلى تغيير اتجاهات الرأي العام. ونظراً إلى أن معظم العراقيين ينشطون في مناقشة المسائل السياسية على مواقع التواصل فإن تلك الصفحات كانت تستفز ذلك الميل لديهم وتُدخلهم في سجالات لا تنتهي".
واردفت ان "هنالك نوعين من الصفحات ظهرت على "فيسبوك"، النوع الأول، هو تلك التي حملت أسماء مستعارة وقريبة من الشارع، أما النوع الثاني، فكشف عن تبعية لساسة تروّج لهم ولنشاطاتهم. ومعظم الصفحات المنتمية إلى النوع الأول توقفت بعد أشهر على انطلاقها، .
وأوضحت أن "مدراء تلك الصفحات يتقاضون رواتب شهرية من سياسيين، إذ يُنشئون تلك الصفحات ثم يشرفون عليها لبضعة أشهر وفق الأوضاع في البلاد، ثم تغلق وتنتهي، وتظهر صفحات أخرى في ظروف مختلفة، فالصفحات التي تُفتح أيام الانتخابات غير التي تفتح عند الأزمات الأمنية، أو حين تشتد الصراعات بين الكتل النيابية حول قانون يحاول بعض الساسة تمريره، فيما يرفضه منافسون لهم".
وذكرت الصحيفة البريطانية أن "إحدى أبرز الصفحات الناشطة التي تُدار من قبل "الجيوش الإلكترونية" هي صفحة "حرامية" التي يتابعها حوالي 573 ألفاً على "فيسبوك"، وصفحة "بسمارج منج يالوحة" التي يتابعها أكثر من 333 ألف شخص".
وأكملت الاندبيندنت أن "من يتابع الوضع العراقي، يتذكر كيف كانت حروب السياسيين العراقيين بين العامَين 2006 و2007 حين كانوا يحرّضون الناس مذهبياً ضد بعضهم بعضاً، إذ قادوا حرباً طائفية امتدت سنتين، في ذلك الوقت كان الناس يتابعون سياسة التحريض التي مارسها سياسيون في مؤتمراتهم التي يتبادلون فيها التهم، أما اليوم، فإن تلك الحروب تُدار من قبل محترفين على مواقع التواصل الاجتماعي".
وبينت أن "معظم الأحزاب والشخصيات السياسية تمتلك "جيوشاً إلكترونية"، تخصّص لها أقساماً في مكاتبها الإعلامية، كما أن صراعات هذه "الجيوش" على مواقع التواصل الاجتماعي تشكّل انعكاساً واقعياً لخريطة الصراعات السياسية القائمة بين الكتل والأحزاب، وبينما تتصارع "جيوش" في ما بينها حول قضية معينة، نجدها تتوحد في قضايا أخرى تناغماً مع تقارب الكتل وتباعدها حول تلك القضايا".
وبينت أن "تلك الصفحات تكسب المتابعين في شكل سريع يصل عددهم إلى أكثر من مئة ألف في غضون أيام معدودة، بفضل إعلانات ممولة، كما تنشر مقاطع كوميدية لاستدراج المتابعين بسرعة. كما تنشر وثائق وصوراً مفبركة أحياناً بهدف تخوين واتهام خصومها. وتتضمن وثائق مزعومة لملفات فساد إداري ومالي غير متداولة في وسائل الإعلام، بينما تقوم صفحات أخرى بتعديل (مونتاج) وثائق لوزارات وهيئات رسمية عبر برامج "فوتو شوب" لإضفاء نوع من الصدقية على الأخبار".
وقالت الصحيفة أنه "غالباً ما تحصل هذه المنشورات على تفاعل واسع من الجمهور الذي يميل إلى تصديقها ويبني عليها مواقفه، فيما تنهال التعليقات سريعاً. ويستخدم سياسيون هذه الوثائق في بياناتهم وتصريحاتهم على وسائل الإعلام، ما أضفى عليها نوعاً من "الصدقية الكاذبة".
وختمت أن "حروب الساسة ومحاولات إسقاط بعضهم للآخر انتقلت إلى "فيسبوك" في عملية منظمة لا يُتوقع أن تنتهي قريباً، إلا في حال بروز مواقع تواصل تلقى رواجاً أكبر بين العراقيين".