بغداد اليوم - متابعة
مع تراجع نفوذ "داعش" شيئا فشيئا حتى انهياره، بات زعيم التنظيم الإرهابي أبوبكر البغدادي يعتمد على "استراتيجية تقنية" حذرة، لتفادي الوقوع في قبضة الجهات التي تحارب المتطرفين.
وكشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أن البغدادي، الذي رصدت واشنطن مكافأة قدرها 25 مليون دولار لكل من يدلي بمعلومات عنه، يتفادى الأجهزة الإلكترونية إلى أقصى حد ممكن، ويفضل نقل رسائله عن طريق أشخاص يتولون المهام بكل دقة.
وفي يونيو 2014، أعلن تنظيم "داعش" من العراق قيام ما سماها "دولة الخلافة"، ونصب البغدادي نفسه خليفة في خطبة ألقاها بمسجد النوري في مدينة الموصل، شمالي البلاد
لكن الآن مع سقوط التنظيم المتطرف، أكد مسؤولون عراقيون للصحيفة الأميركية أن البغدادي يتفادى الأجهزة التي يمكن رصدها، كما أنه يتحرك في سيارة واحدة فقط حتى لا يسترعي تنقله أي انتباه، ولا يثق أكبر زعيم للإرهابيين في العالم سوى في دائرة محدودة من المساعدين.
ويقول الخبير العراقي في الشؤون الأمنية سعيد الجياشي، إن البغدادي لا يستخدم هاتفا محمولا ولا حاسوبا، ويلجأ حصريا إلى بعض الأشخاص لإبلاغهم الأوامر والتعليمات، وهذا الأمر يجعل اصطياده أمرا معقدا.
وحرص البغدادي على التواري عن الإعلام، فمنذ الخطبة التي ألقاها في مسجد النوري، لم يعد إلى الظهور بشكل مصور حتى لا يقدم أي خيط لأعدائه.
وبسبب هذا الحذر من التكنلوجيا، لم يستطع البغدادي أن يواكب عمليات التنظيم الإرهابي بشكل يومي، لأنه غير قادر على الاتصال بشكل دائم، وبالتالي، فإن اعتقاله أو مقتله، لن يؤديا إلى تحول كبير.
وتبعا لهذا، يرى الجنرال في الجيش الأميركي جوزيف فوتيل، أنه لا ينبغي أن يُولى أبوبكر البغدادي قدرا كبيرا جدا من الأهمية، فـ"بدلا من التركيز على الأفراد، يتوجب استهداف المنظومة بكاملها".
وفي كل الحالات، يرى المصدر أن مقتل البغدادي سيكون محطة فارقة في مسار التنظيم الإرهابي، كما أنه سيؤدي إلى طرح أسئلة شائكة حول مستقبل المتشددين الذين تكبدوا أسوأ خسائرهم مؤخرا في سوريا جراء فقدان جيب منطقة الباغوز في محافظة دير الزور، شمال شرقي سوريا، قبل أيام.
وبعد انهيار "داعش" على الأرض وفقدانه الأراضي التي كان يسيطر عليها ويجني منها العائدات المالية، تحوم الأسئلة في الوقت الحالي حول الطريقة التي سينشط بها عناصر التنظيم في كل من العراق وسوريا.
وتتراوح خيارات "داعش" بين محاولته رص الصفوف حتى يبسط سيطرته مجددا على بعض الجيوب، لا سيما أن الوضع الأمني لم يستقر بعد في سوريا والعراق، أما السيناريو الآخر فهو أن يكتفي المتشددون بأساليب حرب العصابات، بهجمات انتحارية أو اشتباكات من حين لآخر.