بغداد اليوم - متابعة
قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الإثنين، 25 شباط، 2019، إن السلطات العراقية في نينوى تضايق وتهدد وتعتقل العاملين في مجال الإغاثة، ووجهت لهم تهما مزيفة بالإرهاب، مما أدى إلى تقويض عملهم في بعض الحالات.
وذكرت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش في بيان تلقته (بغداد اليوم)، أن "ظروف عملهم كأنها ليست صعبة بما فيه الكفاية، فإن عمال الإغاثة في الموصل وأجزاء أخرى من نينوى يواجهون تهما لا أساس لها بانتمائهم لداعش، بل وقد اعتقلوا"، موضحة أن "اتهاماتهم بالانتماء لداعش هي محاولات مكشوفة لدفع بعض المنظمات إلى تحويل المساعدات إلى سلطات محلية فاسدة أو التوقف عن تقديم المساعدة إلى بعض العائلات المحتاجة المتهمة بوجود أقارب لهم في داعش".
وبينت المنظمة أن "شخصين كانا يتتبعان مضايقات واعتداءات جسدية على موظفي الإغاثة من قبل مسؤولين حكوميين، منذ يناير/كانون الثاني 2018 وثّقا ما لا يقل عن 22 حادثة في نينوى، تراوحت بين الترهيب والاعتقال والاعتداء والسطو وحوادث إطلاق للرصاص الحي. وقالا إن مثل هذه التجاوزات لم تقتصر على المحافظة، فقد حدثت حالات مماثلة في أماكن أخرى من العراق، وثّقت هيومن رايتس ووتش حالتين احتجزت فيها السلطات عمال الإغاثة بسبب العمل الإنساني، واتهمتهم بالانتماء إلى داعش".
وتابعت أنه "في إحدى الحالات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش في أوائل ديسمبر/كانون الأول 2018، قال محام عراقي يعمل لدى منظمة إغاثة، إن ضباط المخابرات العسكرية اعتقلوه مع سائقين وعدد من النازحين كان يحاول مساعدتهم في الحصول على وثائق هوية"، مبيناً إنهم "استجوبوا المجموعة مرارا واتهموهم بالانتماء لداعش على الرغم من تدقيق أسمائهم على قواعد بيانات أمنية والتأكد من أنهم غير مطلوبين".
وبينت المنظمة أن "الضباط رفضوا الإفراج عن المجموعة حتى بعد أن سمع المحامي قاضيا اتصل به أحد الضباط يقول له إنه لا يمكن أن يتهم المجموعة بأي شيء، وبعد احتجازهم ليوم ونصف اصطحب الضباط المجموعة إلى مركز للشرطة. أفرجت الشرطة عنهم في النهاية بدون تهمة".
وأوضحت أنها "سبق أن وثّقت 17 حالة كان فيها المحامون العاملون لصالح منظمات إنسانية في نينوى خلال العامين الماضيين قد شهدوا أو تعرضوا هم أنفسهم لمضايقات أو تهديدات بالاعتقال أو الاعتقال".
وأردفت أنه "في حالة أخرى حدثت مؤخرا، قال عامل إغاثة أجنبي إنه في أوائل يناير/كانون الثاني 2019، رأى زميلا له، وهو حارس في مخيم للنازحين جنوب الموصل، يمنع مجموعة من الشرطة المحلية المسلحة من دخول المخيم بعربتهم المدرعة، وكان هذا الإجراء متوافقا مع المبادئ الإنسانية العالمية المتعلقة بطبيعة المخيمات ومع توجيه صدر في نيسان/أبريل 2017 من رئيس الوزراء آنذاك، حيدر العبادي، والتي تحظر على الأفراد المسلحين الدخول إلى المخيمات".
وزادت ووتش في بيانها أن "عامل الإغاثة قال إن الشرطة ألقت القبض على الحارس بعد أن ترك العمل، واقتادته إلى مركز شرطة محلي، وضربته وسرقته، واتهمته بالانتماء لداعش، وبعد تدخل الزملاء، أطلقت الشرطة سراحه وأسقطت الادعاءات ضده، ولكن في وقت لاحق من تلك الليلة، قام نفس الضباط بتوجيه تهديدات بالقتل له ولحراس آخرين في المخيم".
وفي حالة أخرى، نقلت ووتش عن إحدى عاملات الإغاثة قولها إن "العاملين في إحدى منظمات الإغاثة رفضوا إضافة مختار إلى قائمة المستفيدين من خدماتها، لأنه لم يستوف معاييرها، فتقدم المختار بشكوى إلى مكتب محافظ نينوى، قائلا إن المنظمة تدعم داعش".
وتابعت عاملة الإغاثة أن، "الرجل اتصل بأحد أعضاء الفريق وقال إنه سيسقط الشكوى إذا أضافوا اسمه إلى القائمة، رفض عامل الإغاثة"، موضحة أنها "تلقت مكالمات من 3 منظمات أخرى أخبروها أنه في اجتماع مع محافظ نينوى، قال نائبه إن منظمتها "تدعم الإرهاب" وأن مكتبه فتح تحقيقا كاملا".
وأشارت المنظمة في بيانها إلى أن "مساعداً إدارياً في مكتب محافظ نينوى استدعى العديد من موظفي منظمة الإغاثة لاستجوابهم، وفي أوائل أكتوبر/تشرين الأول، اتصل مكتب المحافظ بعاملة الإغاثة مرة أخرى، طالبا الحصول على قوائم المستفيدين في المنظمة "للتدقيق فيها لاستبعاد عائلات داعش".
وقالت إن "مكتب المحافظ طلب من المجموعة أيضا توظيف 3 أشخاص محددين، ملمحا إلى أن تعيينهم سينهي هذه الاتهامات".
وبينت عاملة الإغاثة إنه "نتيجة للتهديدات والمطالب، التي وصفتها بأنها روتينية في عدة مناطق تعمل فيها المنظمة، اضطرت إلى وقف 3 مشاريع رئيسية في نينوى، وقد هدد المانحون بسحب تمويلهم نتيجة لذلك".
وزادت المنظمة أن "المحاولات المحلية لاستخدام مزاعم الإرهاب من أجل إرغام المنظمات على تغيير قوائم الأشخاص الذين يحق لهم الاستفادة من خدماتها نجحت في بعض الحالات".
واردفت نقلا عن عامل إغاثة أجنبي آخر قوله إن "وكالته ترسل مهندسين لتحديد منازل المدنيين التي تحتاج إلى إعادة تأهيل في المناطق التي تضررت من القتال، لكن محافظا أخبره أنه يُحظر على المنظمات التي تعيد بناء الممتلكات الخاصة، إعادة تأهيل منازل العائلات المشتبه انتمائها لداعش".
وبينت عامل الإغاثة إن، "مختارا اتصل بفريقه في الموصل وقال إن المنظمة لا تستطيع العمل في 20 منزلا محددا، لأنه كان لديه معلومات جديدة بأن هذه العائلات لديها أقارب من أعضاء داعش"، موضحاً إنه "طالب بتقديم أدلة على هذه المزاعم، لكن منظمته كانت قلقة من أنه إذا ثبت وجود هذه العلاقات، لكنها استمرت في أعمالها في تلك المنازل، فإن السلطات ستعرقل عملها".
وتابعت المنظمة أنها "سبق أن وثقت منع قوات الأمن عائلات معيّنة من تلقي مساعدات إنسانية أو قانونية إذا اعتبرت السلطات أو المجتمعات المحلية أنها لها صلات بتنظيم داعش".
قالت وكالات الإغاثة لـ هيومن رايتس ووتش إنها أثارت هذه الحوادث مع مكتب رئيس الوزراء، لكنها لم تستلم معلومات حول الخطوات الملموسة المتخذة للتصدي للهجمات ومنع المزيد من المضايقات".
وقالت ووتش أنه "بتاريخ 21 فبراير/شباط، أرسلت رسالة إلى رئيس الوزراء، تطلب فيها معلومات عن الخطوات التي اتخذها مكتبه للتحقيق في مزاعم الهجمات على عمال الإغاثة، ومعاقبة ضباط الأمن المسؤولين عن الهجمات، ومنع الهجمات المستقبلية".
ودعت ووتش "قوات الأمن العراقية، بدعم من شركاء التحالف، أن تدرج المعلومات المتعلقة بحماية العاملين في المجال الإنساني والمبادئ الإنسانية في مناهج التدريب، وأن تضع إجراءات تشغيلية موحدة للتحقيق ومعالجة حوادث الاستهداف أو التدخل في العمل الإنساني".
وطالبت "الجهات المانحة التي تموّل العمليات الإنسانية في العراق، وشركاء التحالف، والقادة في الوكالات والمنظمات الإنسانية أن تثير حالات الاستهداف والتدخل مع مكتب رئيس الوزراء ومع قوات الأمن المتورطة، وتضغط على الحكومة لوضع حد للهجمات ومحاسبة المسؤولين، وعلى المانحين انتهاز جميع الفرص للتأكيد على المبادئ الإنسانية ومبادئ البرامج القائمة على الاحتياجات للمسؤولين الحكوميين".
وختمت لما فقيه بيان المنظمة قائلة: "ما لم يكن هناك استجابة قوية للانتهاكات بحق العاملين في مجال الإغاثة ومحاولات تقويض عمليات الإغاثة، فسيصبح من الأصعب والأكثر خطورة بالنسبة لهم مساعدة العراقيين الذين يحتاجون إلى مساعدتهم، بما في ذلك العائلات ذات الانتماء المزعوم لداعش".