بغداد اليوم- متابعة
سلطت صحيفة ’’المدى’’ المحلية، في تقرير نشرته الثلاثاء (19 شباط 2019)، الضوء على الانباء المتزايدة عن عودة تنظيم داعش الى مناطق في العراق، واحتفاظه بخلايا نائمة في مناطق أخرى.
وقالت الصحيفة في تقريرها "لا تبدو أنّ صفحة داعش في العراق ستنطوي قريباً، رغم مرور أكثر من عام على إعلان بغداد النصر على التنظيم وطرده من البلاد، فالتقارير الامنية الاخيرة تفيد بتسلل المسلحين مرة أخرى الى العراق عبر بوابة سوريا محمّلين بمئات الملايين من الدولارات".
وأضافت الصحيفة: "جرت تلك الاحداث في وقت كانت فيه القوى السياسية والاحزاب التي شاركت فصائلها المسلحة بهزيمة داعش، تتجادل مع بعضها عن معنى بقاء القوات الامريكية في العراق، وتبحث عمن يعطيها رقما دقيقا لعديد تلك القوات سعياً لإخراجها من العراق".
وتابعت الصحيفة: "رغم أن القيادة العسكرية أرسلت في الاسابيع الماضية نحو 20 ألف مقاتل الى الحدود، إلا ان مسؤولين يؤكدون وجود (ثغرات) في بعض المناطق وضعف في القدرات العسكرية، تسببت بمرور عناصر داعش مع تزايد الضغط عليهم في سوريا، حيث تقترب المعارك هناك من إنهاء وجود التنظيم".
ومضت الصحيفة بالقول: "متأخراً جداً، أدركت القوى السياسية خطورة الاوضاع على الحدود، وما جرى خلال الفترة الماضية، بينما كانت منشغلة بإعداد صيغة قانون لإجلاء القوات الامريكية، وربما كان هو السبب في وضع هذه الورقة جانباً وترك تقدير الاوضاع العسكرية لرئيس الحكومة عادل عبد المهدي".
إعادة انتشار
وأكملت الصحيفة نقلاً عن مصدر أمني لم تسمه، أنه "خلال تلك الفترة كان عدد غير معروف من عناصر داعش قد تمركزوا في أطراف المدن والمناطق الصحراوية".
وأضاف مصدر الصحيفة، أن "تسلل المسلحين صار واضحا مع ارتفاع الهجمات المسلحة التي حدثت مؤخرا في البلاد (...) الكاميرات الحرارية في المحافظات وعلى الحدود رصدت مثل هكذا تحركات في الاسابيع الماضية".
وذكرت أن "التنظيم شنّ خلال الاسبوع الماضي عدة هجمات، طالت مدناً في غرب وشمال البلاد، أبرزها سامراء والشرقاط والحويجة والقيارة وهيت والرطبة، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 22 عراقياً، وجرح 18 آخرين، من بينهم 15 عنصراً من فصيل مسلح تابع إلى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إضافة الى اختطاف 11 شخصا في الانبار وصلاح الدين اثناء رحلة البحث عن الكمأ وقتل 3 منهم".
وأكد المصدر، أن "نشاط داعش ازداد في الأيام الأخيرة في محافظة ديالى أيضاً، حيث سجلت هجمات على مناطق في حوض حمرين وشمال بعقوبة.
ومؤخراً، قامت القوات الامنية في ديالى بشن حملات مضادة تهدف إلى "تجفيف منابع الإرهاب في بلدة المخيسة"، بحسب بيان للجنة الامنية في مجلس المحافظة.
وبينت اللجنة، بحسب تقرير الصحيفة، أن المخيسة، شمال شرق بعقوبة، ومناطق أخرى تشهد نشاطاً إرهابياً متزايداً، مطالبة بـ "تدخل سريع لمنع تمدد الجماعات الإرهابية".
وأشارت اللجنة إلى "وجود إجراءات أمنية من أجل إنهاء عزلة المخيسة"، مؤكدة أن "المرحلة المقبلة ستشهد نشر قوات استخبارية لرصد التحركات المشبوهة".
ونبهت الصحيفة إلى أن "نشاطاً متزايداً للمسلحين يظهر في مناطق جبل حمرين المطلة على صلاح الدين، وجبال محكول وبيجي"، فيما أكدت نقلاً عن مصدرها الامني أن "بعض المناطق عادت لتكون تحت سيطرة داعش في الليل وللقوات الامنية في النهار".
تمويل داعش
وأوضحت الصحيفة، نقلاً عن مسؤولين أمنيين لم تسمهم، أن "هجمات داعش كانت قد تراجعت في الأشهر الستة الاولى بعد التحرير، بسبب انقطاع التمويل، لكن مؤخراً بدأت الاموال تتدفق خصوصا مع الغارات التي ينفذها المسلحون على القرى الصغيرة وسرقة المزارعين".
وقالت "المدى"، إن "تلك الاموال بالتأكيد لم تكن كافية".
وبحسب شبكة (سي ان ان) الامريكية التي نشرت تقريراً اول من أمس الاحد، تطرقت اليه الصحيفة المحلية، فإنه "من المحتمل أن يكون أكثر من 1000 من مسلحي داعش قد فروا من سوريا إلى الجبال والصحارى في غرب العراق في الأشهر الستة الماضية، وقد يكون لديهم ما يصل إلى 200 مليون دولار نقداً".
ورجحت الصحيفة المحلية، أن "تلك المبالغ التي أشارت إليها الشبكة، هي جزء من التي كانت بحوزة التنظيم قبل تحرير الموصل في 2017، والتي كشفت عنها مطلع العام الحالي، وهي في الأساس من اموال البنوك العراقية وعوائد تهريب النفط، التي دفنها التنظيم في الصحراء"، وفق تقرير سابق لها.
وذكرت الصحيفة، أن "تلك الأموال كانت تقدر بـ 17 مليار دولار، قبل أن تستولي عليها بعد التحرير مجموعة من رعاة الغنم، وعاد التنظيم بعد ذلك ووضع يده على جزء منه عقب اتفاق عقده مع الرعاة الذين ينتمون الى عشيرة كبيرة في العراق".
تأثيرات الأزمة المالية
ونقلت الصحيفة عن عضو بلجنة تقصي الحقائق التي شكلها البرلمان نهاية العام الماضي حول الأوضاع في الموصل، الشهر الماضي، حديثه عن "تسلل 400 مسلح من سوريا الى منطقة الجزيرة التي تربط بين الموصل والانبار وصلاح الدين".
ونفس الأخبار استمعت إليها لجنة الامن والدفاع في البرلمان الشهر الماضي ايضا، من قيادات عسكرية رفيعة المستوى، أكدت لهم انها "غير قادرة بمفردها على ضبط الحدود وان هناك تسللاً للمسلحين من سوريا"، بحسب التقرير.
وأضافت الصحيفة، أنه "فُهم في ذلك الوقت من كلام القادة العسكريين بأن العراق مازال بحاجة الى الدعم الامريكي والتقنيات الحديثة التي تمتلكها قوات التحالف خاصة في ما يتعلق بمراقبة الحدود والتصوير الجوي، وهو ما دفع لاحقا الى التراجع عن تشريع قانون لإجلاء القوات الاجنبية في البلاد".
ونقلت عن عبدالخالق العزاوي، وهو عضو في لجنة الامن والدفاع، أن "الازمة المالية التي أصابت العراق من 2014 الى 2018 أثرت بشكل كبير على استعدادات وتجهيزات القوات الامنية".
وبيّن النائب أنه "بسبب الازمة والإنفاق الكبير على الحرب ضد داعش في السنوات الماضية، منع الحكومة من دفع رواتب لعدد من المسلحين المحليين ضمن الحشود العشائرية والشعبية لعدة سنوات، وهم مسؤولون عن قواطع مهمة وحساسة، وهو ربما ما تسبب بإحداث ثغرات في بعض المناطق".
ويعتقد النائب عن ائتلاف الوطنية، ورغم ذلك، أن ما تبقى من تنظيم داعش غير قادر على شن هجمات كبيرة للاستيلاء حتى على قرية صغيرة، بسبب تطور وعي السكان وارتفاع معنويات القوات الامنية، لكنه يحذر من حرب العصابات وزرع العبوات والعمليات الفردية ضد المدنيين والعسكريين.