بغداد اليوم - متابعة
قالت صحيفة بريطانية في تقرير لها نشرته، الاربعاء، 13/ 2/ 2019، إن القتل العشائري يهدّد عشرات النساء المطاردات في اقليم كردستان.
وذكرت صحيفة الاندبندنت بنسختها العربية أن "سهيلة (اسم مستعار) خسرت كل حياتها الاجتماعية وهي لم تتجاوز الـ 16 من عمرها، اتُهمت من قبل عائلة زوجها بخيانته، تسارعت الأحداث حولها، قُتل جارها الشاب المتهم بالتواصل معها، واقتربت من الموت لو لم ينقذها رجل في اللحظة الأخيرة".
ونقلت الصحيفة عن سهيلة قولها: "وسط الفوضى التي عمّت بلدتي الريفية شمال مدينة أربيل، ساعة قتل جاري، سحبني رجل من يدي وهمس في أذني "سيقتلونك، سارعي، لنذهب إلى مركز الشرطة".
وتابعت: "أوصلني الرجل بسيارته إلى مركز الشرطة واحتفظت باسمه سراً، حتى لا يواجه القتل من قبل أهل زوجي إن تمكنوا من الوصول إليه".
وتذكر سهيلة كيف أرسلتها الشرطة إلى مأوى للنساء من دون تأخير خوفاً على حياتها، هناك مُنِحت أملاً جديداً، وفرصةً للتواصل عبر وسطاء مع أهلها.
وتعيش سهيلة في المأوى منذ ثلاث سنوات، أهل زوجها ما زال يتربّصون بها لقتلها، وفشلت كل مساعي مسؤولي المأوى، لإيجاد صيغة ترضيهم وتسمح لزوجة ابنهم بالعودة إلى حياتها الطبيعية وفقا للصحيفة.
"الطفلة تشتاق لطفلها"
وأردفت سهيلة أنها "تزوجت في الـ 14 من عمرها وأنجبت ابنها الوحيد بعد سنة واحدة، وأصبحت مطارَدة وهي لم تكمل عامها الـ 20 بعد".
وفي غرفة مديرة المأوى، تبدو سهيلة أكبر من عمرها، يتخلل حديثها فترات صمت ومحاولات لإخفاء عينيها، كلما وصفت حالها، ثم تستدرك "كنت طفلة عندما زوّجوني، لم يكن ذنبي".
وتشتاق سهيلة لطفلها، لم تشاهده منذ إنقاذها قبل ثلاث سنوات، لا يزال عند والده الذي يريد أن يقتلها، تختفي الكلمات عندما تتساءل "كيف له أن يقتل أم ابنه الوحيد؟ لماذا يريد هذا؟".
فيض الله تجمع سهيلة بأهلها
تقول تافكة فيض الله، مديرة مأوى النساء المهدّدات بالعنف، "نجحنا بعد ثلاث سنوات من وجود سهيلة داخل المأوى في إقناع أهلها بالحوار مع ابنتهم، هم الآن يتفهّمون قضيتها، ويشعرون بالذنب لأنهم زوّجوها وهي طفلة". لكن القضية لم تنتهِ عند هذا الحد، ففي مجتمع عشائري، يكون الوضع أكثر تعقيداً، إذ إن المرأة المتزوجة لا ترتبط بأهلها فقط، لذا على سهيلة الانتظار حتى يجد أهلها ترضية مقنعة لأهل زوجها السابق.
وبات أهل سهيلة يريدون منحها بداية جديدة، وفرصة أخرى لاختيار شريك حياتها، بخاصة بعدما مرّت بتجربتها القاسية، لكن هذا الأمل يبدو ضعيفاً وبعيداً من سهيلة حالياً.
وتلفت فيض الله، إلى أن "المأوى استطاع أن يُقنع رجال أعمال، بمنح فرص عمل لساكنات الدار، ووفّرَ لهنّ تسهيلات أمنية للحصول على سكن مناسبٍ وآمنٍ بعد خروجهنّ وتمكنهنّ من إعالة أنفسهنّ".
وتبين أن "ارتفاع المهور انعكس إيجاباً على ساكنات المأوى"، فرجال فقراء وبسطاء كثرٌ يطرقون باب المأوى، أملاً في الزواج من نسائه الفارات من عنف ذويهنّ.
وتابعت "نعرض الأمر على مَن ظروفها تسمح من ساكنات المأوى، ولدى موافقة إحداهنّ نساعدها على إتمام معاملات الزواج، وندعمها في رحلتها الجديدة هذه، كما تدعم أي اسرة ابنتها".
ولا تسمح مديرة المأوى الشابة والنشيطة بوجود رجال داخل المأوى، كما أنها لا تسمح لرجال الشرطة بدخوله. وتؤكد "إنهنّ مهدّدات بالقتل وحماية هوياتهنّ أمرٌ مهمٌ وصعب في الوقت ذاته".
وتبيّن مديرة المأوى أن "النفقات الشهرية للمكتب قبل الأزمة المالية في العام 2015، كانت ثلاثة ملايين دينار شهرياً، أي ما يعادل 2500 دولار أميركي، "لكنها الآن 600 ألف دينار عراقي، أي ما يعادل 400 دولار أميركي".
وأثّر هذا بوضوح وفقاً لفيض الله، في عملية التواصل مع أهالي الضحايا والجهات الداعمة لعملية دمجهم في المجتمع، مثل المحاكم والمؤسّسات الأمنية والمنظمات المدنية، فالأموال المخصصة للاتصالات الهاتفية وشراء وقود السيارات شحّت".
وتأمل فيض الله في "انخفاض عدد ساكنات المأوى شهرياً إلى ما دون 50 امرأة، لتتمكن عبر فريقها الناشط من منح اللواتي يتوافدنَ بصورة دائمة، حياةً جديدة".
وإلى حين تحقّق هذه الأمنية، تمكّنت فيض الله من إضافة خدمات أخرى لساكنات المأوى، فبات هناك طبيب متخصّص يزورهنّ لمعالجتهنّ ومتابعة مشاكلهنّ الصحيّة.
وفي مطلع العام 2019 الحالي، أعلنت مديرية مناهضة العنف ضد المرأة (مؤسسة حكومية) تسجيل 82 حالة قتل وحرق للنساء في إقليم كردستان خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2018.
المصدر: صحيفة الانديبندنت