بغداد اليوم - ترجمة
تقف خمائل خلف، امام خيمتها وهي تحاول تجفيف البطانيات على سور الأسلاك الشائكة.
الشتاء في العراق بارد ورطب، خيمتها التي ما تزال قائمة منذ أكثر من عام في مخيّم حمام العليل (60 كلم جنوب الموصل)، كل فرد أو طفل في هذا المخيم، هو من بقايا العائلات التي فقدت منازلها وقُتل معيلها الذي كان يعمل مع تنظيم داعش، خلال عمليات التحرير التي خاضها الجيش العراقي.
كل تفصيلة في حياة خمائل هي عبارة عن معاناة حقيقية، ولا أحد يساعدها في رعاية أطفالها الثمانية، بعد مقتل زوجها الذي كان مقاتلاً في صفوف التنظيم.
تقول خمائل: "إننا في الحقيقة مدفونون ونحن أحياء، أخفيت في البداية أن زوجي هو مقاتل في تنظيم داعش، لكن الأمر مكشوف، ولا يمكن إخفاؤه، حتى أرواحنا نشعر بها محبوسة، اللي بداخلنا ما نكدر نحكي بيه"، على حد وصفها.
واليوم بعد سنتين من توقف العمليات القتالية، مازال الساحل الأيمن يبدو وكأنه مقبرة، على العكس من الساحل الأيسر الذي بدأ يتنفس ويظهر وكأن الحياة الطبيعية لا تفارقه.
وبدا السكان بالفعل في العودة بأعداد كبيرة، ولم يبق في المخيمات إلا نسباً ضئيلة من سكان هذه الضفة من الموصل.
وتنتشر في الموصل نقاط سيطرة تقريباً عند كل زاوية شارع، وهي لضمان عدم ظهور أي نشاط لجماعات داعش، لكن في الضواحي نجد أن هناك قوات عشائرية هي التي تمسك الأرض.
الجنرال نجم الجبوري هو المسؤول عن الأمن في محافظة نينوى، وهو يعرف المنطقة أكثر من غيره، ويعرف أيضا كيف خضعت بعض العوائل لمقاتلي داعش، يقول: "هؤلاء العوائل جاؤوا من أنحاء متفرقة من محافظة نينوى، ولازال الأمر صعباً للغاية ان يعودوا بحرية الى أي قرية من القرى التي كانوا يسكنوها، أنتم تعرفون أن المجتمع في العراق هو بالأصل مجتمع عشائري، ولهذا نجد أن عدداً كبيراً منهم لا يمكنه العودة".
وتشير التقديرات الى أن اكثر من 10 الاف مواطن عراقي تأثروا بهذه الحقائق، وكانوا ضحية لها، ومعظمهم من النساء والأطفال، وهناك العشرات من العوائل في مخيم حمام العليل يتشاركون نفس المصير، وفي العادة فإن النساء في العراق، لا يتاح لهن معارضة القرارات التي يتخذها أزواجهن.
أما حكاية (غفران علي)، فإنها تعيش في نفس المخيم، بصحبة ابنتيها، وشقيقتها ووالدتهم. تزوجت غفران من ابن عمها وهي في عمر 14 سنة فقط, وعندما بدأت الحرب، التحق والدها وزوجها بتنظيم الدولة، والآن كلاهما قد قتلا. لم تتمكن غفران من تسجيل زواجها وبالتالي ليس بإمكانها أن تستخرج وثائق الجنسية العراقية لطفلتيها، فقط تمكنت من تسجيلهما لدى وكالة الأمم المتحدة المعنية باللاجئين.
المصدر: DW