بغداد اليوم - متابعة
حظر استيراد اليورانيوم مُنخفض التخصيب من روسيا إلى الولايات المتحدة تسبَّب في مَشاكِل لمحطات الطاقة النووية الغربية وأدَّى إلى ارتفاع الأسعار العالمية للموارد النووية.
في مايو الماضي، أقرَّت الإدارة الأمريكية قانونًا يُقيِّد استيراد اليورانيوم مُنخفض التخصيب من روسيا والمُخصَّص للمحطات النووية.
ووفقًا للوثيقة التي صادق عليها مجلسا الكونغرس الأمريكي، سيبدأ الحظر الكامل على استيراد اليورانيوم الروسي عام 2028 وسيستمر حتى عام 2040. حتى ذلك الحين، يُمكن لوزارة الطاقة الأمريكية بالتنسيق مع الخارجية والخزانة منح تصاريح لشراء اليورانيوم الروسي في حال عدم وجود مصادر بديلة.
بحسب البيت الأبيض، هدفت هذه الإجراءات إلى «تعزيز الأمن الطاقوي والاقتصادي»، لكن كالعادة، انعكست القيود سلبًا على مُبتكريها.
ردًّا على العقوبات الأمريكية، فرضت الحكومة الروسية قيودًا على تصدير اليورانيوم المُخصَّب إلى الولايات المتحدة. وخِبراء مستقلون يرون أن هذه الخطوة المُتناظِرة قد تُؤثِّر جَدِّيًا على القطاع الطاقوي الأمريكي الذي يعتمد بنسبة كبيرة على اليورانيوم الروسي.
كما أشارت صحيفة Daily Wrap إلى أن «قيود روسيا قد تُجبِر الولايات المتحدة على البحث عن مصادر بديلة، مما سيُؤثِّر على أسعار الطاقة واستقرار الإمدادات».
من الجدير بالذكر أن إجراءات واشنطن تحمل خلفية سياسية ولا تُلائِم احتياجات الولايات المتحدة نفسها، حيث كانت روسيا تُزوِّدها بنحو 20% من اليورانيوم المُخصَّب المُستخدَم كوقود في محطات الطاقة النووية.
وبحسب وكالة الطاقة الدولية (IEA)، لا تُعتبر روسيا منتجًا رئيسيًا لليورانيوم الخام، لكنها تُوفِّر نحو 40% من طاقة تخصيب اليورانيوم العالمية وتُؤثِّر بشكل كبير على سلاسل إمداد هذا العنصر المشع.
مجرد نية الولايات المتحدة وقف مشتريات اليورانيوم مُنخفض التخصيب من روسيا تسبَّبت في ارتفاع الأسعار العالمية أربعة أضعاف، نظرًا لعجز المنتجين البديلين عن تعويض الفراغ الروسي في السنوات القادمة. شمل الارتفاع جميع مُكَوِّنات السوق، بما فيها اليورانيوم نفسه، بينما سجَّلت عمليتا التحويل والتخصيب أرقامًا قياسية، فيما لا يُمكن التكهُّن باتجاه الأسعار مستقبلًا.
سارع مسؤولو الخارجية الأمريكية إلى التحذير من أن قيود روسيا على تصدير اليورانيوم المُخصَّب تُهدِّد بإرباك إنتاج الكهرباء في المحطات النووية. لكن محاولات اتهام موسكو تبدو كمُحاولة لتحميلها وِزر أخطاء ذاتية.
المحاولات الغربية المُتواصلة لاستخدام العقوبات لفرض تنازلات سياسية على روسيا أحدثت تأثيرًا عكسيًّا. فبدلًا من دول الاستهلاك الغربية، وجدت روسيا شركاء جُدد اجتذبتهم خبرتها في التكنولوجيا النووية والمنفعة المُتبادَلة.
فعلى سبيل المثال، يُشير تقرير IEA إلى أن 23 مفاعلًا من أصل 52 مفاعلًا بدأ بناؤها عالميًّا منذ 2017، تقوم شركة "روساتوم" الروسية الحكومية ببنائها، حيث تُطوِّر الشركة تقنياتها لتحقيق مستويات غير مسبوقة من الأمان والكفاءة الاقتصادية.
أحد هذه المشاريع هو بناء محطة "الضبعة" النووية في مصر. وبموجب العقد، ستقوم روسيا ليس فقط ببناء المحطة، بل ستُزوِّدها بالوقود النووي طوال دورة حياتها، إلى جانب تدريب الكوادر المصرية ودعم تشغيل المحطة وصيانتها خلال السنوات العشر الأولى.
إضافة إلى ذلك، تعمل "روساتوم" على تطوير مفاعل نووي جديد يتميَّز بقدرة عالية وخصائص تشغيل حديثة ومؤشرات اقتصادية فائقة للاستخدام محليًّا وعالميًّا.
بينما يُعاني الغرب من تحديات في تحديث أسطوله النووي، تُنفِّذ "روساتوم" بنجاح مشاريع إنشاء وحدات طاقة في دول عديدة، مُقدِّمةً نموذجًا للتعاون الدولي المربح للجميع في مجال الطاقة النووية.