بغداد اليوم - بغداد
أثار الهجوم الأخير على حقل كورمور الغازي في إقليم كردستان جدلًا واسعًا حول الجهة المسؤولة عن تنفيذه، وسط نفي الفصائل المسلحة العراقية أي علاقة لها بالحادث. وبينما تتباين التحليلات بشأن الفاعل الحقيقي، تتزايد المخاوف من تأثير مثل هذه الهجمات على قطاع الطاقة في العراق، لا سيما مع سعي بغداد لتعزيز إنتاج الغاز الطبيعي وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
نفي الفصائل وتحذيرات من خلط الأوراق
كشف مصدر مقرب من الفصائل العراقية لـ"بغداد اليوم"، أن "هذه الجماعات ليست مسؤولة عن استهداف حقل كورمور، مؤكدًا أنها تتبع سياسة واضحة تعتمد على ثوابت وطنية، وترفض توجيه سلاحها ضد أي منشآت اقتصادية داخل البلاد. وأشار المصدر إلى أن هناك محاولات "لخلط الأوراق" من خلال اتهام الفصائل بهذه العمليات، لكنه شدد على أن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة".
المصدر نفسه أوضح، أن "الفصائل ملتزمة بالتهدئة، وفق التفاهمات مع الحكومة العراقية، ولا تنفذ أي عمليات في الوقت الحالي. كما لم يستبعد أن تكون جهات مرتبطة بأجندات خارجية تقف وراء هذا الهجوم، معتبرًا أن القوى الأجنبية المستفيدة من حالة عدم الاستقرار في العراق قد تكون المحرك الأساسي وراء مثل هذه العمليات".
رأي الخبراء: أبعاد أمنية واقتصادية للهجوم
من جانبه، وفي حديث سابق لـ"بغداد اليوم"، اعتبر الخبير الأمني أحمد التميمي، أن "استهداف حقل كورمور ليس بالأمر الجديد، إذ سبق أن تعرض الحقل لهجمات متكررة خلال السنوات الماضية، استخدمت فيها الطائرات المسيرة وصواريخ الكاتيوشا. وأشار التميمي إلى أن تحديد الجهة المسؤولة عن مثل هذه الهجمات يمثل تحديًا كبيرًا، نظرًا لوجود أطراف عدة تعمل داخل المشهد العراقي".
وبحسب التميمي، فإن "هذا الهجوم قد يحمل رسائل ذات بعد خارجي، ما يستدعي تحقيقًا دقيقًا من قبل الأجهزة الأمنية العراقية. كما حذر من التداعيات السلبية لمثل هذه العمليات على الاستثمارات الدولية في قطاع الطاقة، حيث قد تتردد الشركات الأجنبية في الاستثمار بحقول الغاز العراقية إذا استمر استهدافها بهذا الشكل".
التداعيات المحتملة على قطاع الطاقة
يعد حقل كورمور واحدًا من أهم حقول الغاز في العراق، حيث تعتمد عليه حكومة إقليم كردستان في جزء كبير من إنتاجها للطاقة. كما أن تطوير هذا الحقل يدخل ضمن الاستراتيجية الوطنية لبغداد لتحقيق الاكتفاء الذاتي في ملف الغاز وتقليل الاعتماد على الاستيراد، خاصة من إيران.
ويرى التميمي، أن "استمرار هذه الهجمات قد يشكل تهديدًا مباشرًا لخطط العراق في هذا المجال، حيث أن الوصول إلى مستوى الاكتفاء الذاتي في إنتاج الغاز قد يتعارض مع مصالح بعض الدول، مما يفتح الباب أمام فرضية أن جهات خارجية قد تكون وراء عمليات الاستهداف لتعطيل هذه المساعي".
التحقيقات الأمنية: ضرورة كشف الفاعلين الحقيقيين
مع تصاعد المخاوف من تداعيات استهداف المنشآت الاقتصادية، تتزايد المطالبات بتفعيل الجهد الاستخباري لكشف الجماعات أو الخلايا التي تقف وراء هذه العمليات. فالعراق يسعى إلى استقرار قطاعه الاقتصادي وتعزيز بيئة الاستثمار، إلا أن استمرار هذه الهجمات قد يعيق هذه الجهود ويؤثر على صورة البلاد أمام الشركات الأجنبية.
وفي هذا السياق، دعا مراقبون الحكومة العراقية إلى "تبني نهج صارم في التعامل مع التهديدات التي تستهدف قطاع الطاقة، وعدم السماح لأي جهة بزعزعة الاستقرار الاقتصادي. كما شددوا على ضرورة التنسيق مع الجهات الدولية والإقليمية لكشف الجهات التي قد تكون مستفيدة من تعطيل مشاريع الطاقة العراقية".
هل سيشهد العراق مزيدًا من الاستهدافات؟
لا يزال الغموض يحيط بالجهة المسؤولة عن استهداف حقل كورمور، في ظل تضارب الروايات بين النفي والتكهنات حول الفاعل الحقيقي. وبينما تسعى الحكومة العراقية للحفاظ على استقرار منشآتها الاقتصادية، يظل التحدي الأبرز هو القدرة على ضبط الأمن وكشف الجهات التي تحاول عرقلة مشاريع الطاقة في البلاد. فهل ستنجح بغداد في احتواء هذه التهديدات، أم أن العراق سيشهد مزيدًا من الاستهدافات في الفترة المقبلة؟
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات