بغداد اليوم - مقالات
للكاتب د. بلال الخليفة
شرّع العراق ولأول مرة موازنة عامة اتحادية لثلاث سنوات بدل لسنة واحدة رغم ان الموازنة في معظم موادها في الدستور وقانون الإدارة المالية رقم 6 لسنة 2019 أشار الى سنويتها لكن ذهبت الحكومة بالاستثناء وجعلها ثلاثية.
حذر معظم الاقتصاديين وانا منهم من تشريع هذه الموازنة وكذلك تغيير أسلوب الموازنة من موازنة مواد الى موازنة برامج وغيرها لكن بدون فائدة.
مع العلم ان تشريع قانون الموازنة العامة الاتحادية كان في تاريخ 26 جون جزيران أي متأخرة وان تعليمات تسهيل تنفيذ الموازنة لها صدرت في 7 اب أغسطس من عام 2023 أي في نهاية الربع الثالث من السنة، مع العلم ان معظم مكونات البرلمان مشترك في الحكومة أي تقريبا هذه الدورة البرلمان بمعظمة مع الحكومة وبالتالي لا توجد معارضة للحكومة ولا للبرلمان وهذا يعني سهولة تمرير أي قرار او تشريع ومن تلك التشريعات قانون الموازنة العامة الاتحادية.
كان الهدف من إقرار موازنة عامة اتحادية لثلاث سنوات هو انجاز المنهاج الحكومي عن طريق عدم التأخر بإقرار الموازنة العامة الاتحادية في السنوات الأخرى أي 2024 وعام 2025 ، لكن تضمن قانون الموازنة العامة الاتحادية رقم (13 لسنة 2023)، يستوجب إعداد جداول الموازنة وتقديمها إلى مجلس النواب.
عام 2024 لم يمتلك العراق موازنة عامة لأنه لم يقر الجداول الموازنة الا بعد جدل كبير وفي منتصف العام في 3/7/2024 وحين رتم ارسالها الى الحكومة الاتحادية ، انصدم الجميع بكتاب الحكومة الى البرلمان تستفسر عن الاختلاف في الجداول الثلاث أي الذي تم إرساله والذي تم التصويت عليه والذي تم وصولة الى الحكومة، وهذا يعني يوجد تلاعب كبير وكان المفروض ان يتم التحقيق بالأمر لان الاختلاف هو عشرات المليارات من الدولار .
النتيجة ان عام 2024 انتهى والعراق لا يملك جداول الموازنة العامة وبالتالي لا تمتلك الوزارات موازنات استثمارية ولا تعلم السقوف المالية لها.
جداول عام 2025 كان من المفروض ان يتم إقرارها في نهاية عام 2024 أي قبل الدخول بالعام الجديد وبالتالي تنفيذ البرنامج الاقتصادي الحكومي من اول يوم.
وزارة المالية بينت ان ابرز التحديات التي واجهت الوزارة في تنفيذ موازنة 2024 والعجز الحاصل فيها، جاءت نتيجة لدفع الحكومة الاتحادية أكثر من 11 تريليون كرواتب لموظفي إقليم كردستان، حيث ان إيرادات الإقليم غير النفطية بلغت اكثر من 4 ترليون دينار، لم ترسل أربيل الى بغداد سوى 320 مليار دينار، بينما لم تسلم السلطات في كردستان إيرادات الاقليم النفطية وغير النفطية الى المركز، وهذا ما انعكس على تمويل المحافظات الأخرى بصورة سلبية.
وقالت أيضا بضرورة إقرار جداول الموازنة العامة الاتحادية لعام 2025 لان هنالك جملة من التحديات في حجال عدم إقرار الموازنة منها إيقاف العلاوات السنوية للموظفين وإيقاف النقل بين الوزارات والشركات وضرورة عدم الدخول في تعاقدات جديدة وغيرها من الأمور.
لكن هنالك عدة ملاحظات بالخصوص منها:
1 – ان العام الماضي لم هنالك جداول مقرة وان الأمور التي ذكرت قد مرت.
2 – لم يتم الإشارة الى جداول الموازنة العامة الثلاث للعام الماضي ودون محاسبة المقصر بالأمر.
3 – الوزارة تأخرت في تقديم الجداول الى البرلمان وبهذا تكون قد خالف قانون الإدارة المالية رقم 6 لسنة 2019 المادة (11) والتي نصت (يتولى مجلس الوزراء مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية واقراره وتقديمه الى مجلس النواب قبل منتصف شهر تشرين الاول من كل سنة).
4 – في نفس الوقت نلاحظ ان هنالك تعيينات وهذا يناقض أعلاه لان كيف يتم وضع تخصيص مالي جديد وفي نفس الوقت لا يوجد تخصيص مالي لموظف قديم.
5 – كما ان التصريح هو كاشف لفشل الغاية الرئيسية من إقرار موازنة ثلاثية .
6 – لم يتم توضيع التحدي الكبير في توفير السيولة النقدية وليس التخصيص المالي للموظفين وللمتقاعدين.
7 – لم يتم توضيح مقدار بيع العملة بعد غلق نافذة بيع عملة الدولار واستمرار بيع كمية كبيرة من الدولار.
8 – ان الموازنة تعني الخطة الاقتصادية للحكومة واي فشل فيها ينعكس على أداء الحكومة وسياستها .
9 – ان الراعي الرسمي للحكومة هو ائتلاف إدارة الدولة والمتضمن الجميع تقريبا هو معني أيضا في الفشل في تشريع او إقرار جداول الموازنة.
بيان وزارة المالية صحيح جدا من الناحية الفنية والإدارية ويجب الضغط على السياسيين من اجل إقرار الموازنة وهذا التصريح هو احد أساليب الضغط.