بغداد اليوم - متابعة
في العراق، حيث تسعى البلاد للعبور من حقبة الفساد والتوتر السياسي إلى مرحلة جديدة من الإصلاح والاستقرار، يبرز دور القضاء كعنصر أساسي في حماية العدالة وتطبيق القانون. وفي ظل التصريحات التي أطلقها رئيس هيئة النزاهة، حيدر حنون، ضد القضاء العراقي، عاد الجدل حول حدود السلطات وأهمية الاستقلالية القضائية، خاصة مع تصاعد الحملات لمكافحة الفساد التي تتطلب منظومة قانونية قوية ونزيهة.
حنون، خلال مؤتمر صحفي في أربيل، انتقد بشكل علني القاضي ضياء جعفر، المسؤول عن ملف "سرقة القرن"، متهماً إياه بالتقصير في محاسبة المتهم نور زهير، الذي يواجه اتهامات بالتزوير والفساد. حنون أشار إلى أنه تم تحويل زهير إلى المحكمة على قضية واحدة فقط من أصل 114 تهمة، متهماً القضاء بإخفاء أو تجاهل قضايا أخرى مهمة. كما تحدث عن قضايا فساد أخرى مرتبطة بسرقة أراضٍ وودائع كمركية.
التصعيد والخطر
مثل هذه التصريحات أثارت ردود فعل واسعة في الأوساط العراقية، حيث اعتبر الكثيرون أن الهجوم على القضاء بهذه الطريقة يشكل خطراً على النظام القانوني. فالسلطة القضائية هي العمود الفقري لأي دولة قانونية، والطعن في نزاهتها قد يؤدي إلى زعزعة ثقة المواطنين بالمؤسسات الحكومية، مما قد يفتح الباب أمام الفوضى وتعميق الأزمة السياسية.
دعم القضاء من القيادات العراقية
في أعقاب هذه التصريحات، أعلن الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد دعمه الكامل للقضاء العراقي، مؤكداً على أهمية حماية استقلالية القضاء في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه البلاد. كما شدد على أن المؤسسات القضائية هي الضامن الأول للعدالة، ودونها لا يمكن تحقيق الاستقرار أو تحقيق الأهداف التنموية للبلاد.
من جهته، أكد زعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، على ضرورة احترام القضاء وعدم الطعن فيه. المالكي، الذي يمتلك خبرة واسعة في المشهد السياسي العراقي، حذر من أن التصعيد ضد القضاء قد يؤدي إلى تهديد استقرار الدولة. وأشار إلى أن معالجة أي خلافات أو مشكلات داخل المنظومة القضائية يجب أن تتم من خلال الأطر الدستورية والقانونية، بعيداً عن التصعيد الإعلامي الذي قد يزعزع الثقة العامة بالمؤسسات.
أهمية استقلالية القضاء
استقلالية القضاء هي حجر الزاوية في أي نظام ديمقراطي، وهذا ما أكده المالكي ورشيد في تصريحاتهما. القضاء ليس فقط مؤسسة تحكم بين الأفراد، بل هو الضامن الرئيسي لحقوق المواطنين وحقوق الدولة. في بلد مثل العراق، الذي يعاني من تحديات كبيرة مثل الفساد والعنف السياسي، يصبح وجود قضاء مستقل ونزيه ضرورة قصوى.
في العراق، يعد الفساد واحداً من أبرز التحديات التي تواجه الدولة، ولهذا تم إنشاء هيئة النزاهة لمكافحة هذه الظاهرة. ومع ذلك، فإن نجاح الهيئة يعتمد بشكل كبير على التعاون مع القضاء. أي خلاف بين هاتين المؤسستين قد يعطل الجهود لمكافحة الفساد ويعطي الفاسدين فرصة للإفلات من العقاب.
توجيه الدعم لاستقرار القضاء
من الضروري أن تتوجه الجهود نحو دعم القضاء وتقوية دعائمه. وهذا يشمل ضمان استقلالية القضاء وعدم التأثير على قراراته، سواء من جهات سياسية أو تنفيذية. يجب أن يكون القضاء في مأمن من التجاذبات السياسية حتى يتمكن من أداء دوره بفعالية في مكافحة الفساد وترسيخ العدالة.
الدعم الذي أبداه المالكي ورشيد يعكس التفاف النخبة السياسية حول مؤسسة القضاء، وهو موقف يجب أن تتبناه جميع الأطراف لضمان استمرار الإصلاحات وتفادي الفوضى. يجب أن يكون دعم القضاء أحد الركائز الأساسية في بناء العراق الحديث.
خاتمة القول؛ يمثل القضاء العراقي إحدى أهم المؤسسات في ضمان استقرار الدولة وسيادة القانون. ومع تصاعد الحديث عن قضايا الفساد والاتهامات الموجهة للقضاء، يصبح دعم هذه المؤسسة أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى. على القادة السياسيين وجميع الأطراف العراقية التكاتف من أجل حماية القضاء وتعزيز دوره في بناء دولة تقوم على العدالة والمساواة.