بغداد اليوم - متابعة
قال تقرير للاندبندنت، اليوم السبت (13 تموز 2024)، أن في غرف الوسطاء المغلقة تتباحث إسرائيل وحركة "حماس" ملفات صفقة وقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين، وبصعوبة يصل طرفا الحرب إلى إنجاز اتفاق حول القضايا العالقة، ولعل أبرز الملفات الضخمة التي اقترب التوصل إليها هو صورة حكم قطاع غزة في اليوم التالي للحرب.
وضعت إسرائيل ضمن أهدافها القضاء على حكم "حماس" في غزة، وفي الوقت ذاته ترفض تل أبيب السيطرة الكاملة على القطاع لكنها تفضل في الوقت ذاته أن يكون لها دور في السيطرة العسكرية، كما أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يمانع عودة السلطة الفلسطينية لحكم غزة، وهذه الخيارات جعلت إسرائيل تبدو تائهة في شأن اليوم التالي للحرب.
صورة الحكم في غزة
وضمن المساعي الضخمة للتوصل إلى اتفاق حول صفقة حاول الوسطاء إنضاج حلول عملية في شأن مستقبل غزة إذ تصر الولايات المتحدة على التوصل إلى اتفاق ينهي القتال بصورة دائمة في القطاع، ومن أجل الوصول إلى ذلك يجب على "حماس" وإسرائيل التباحث في شأن أدق التفاصيل وبخاصة في ما يتعلق باليوم التالي للحرب.
وبحسب المعلومات المتوافرة فإن الوسطاء قسموا الحكم في غزة إلى قسمين، الأول الحكم المدني الذي يعتني في شأن أمور الناس ويضم هيكيلة الحكومة ما عدا وزارة الداخلية، والجزء الثاني الحكم العسكري أو الأمني وله علاقة بالقوة الشرطية التي ستتولى مهمة تطبيق القانون والنظام، وباختصار هي أجهزة الأمن في وزارة الداخلية.
وتفيد المعلومات الواردة بأن إسرائيل اهتمت في محادثاتها مع الوسطاء و"حماس" بطبيعة الحكم الأمني في قطاع غزة، وأصرت على تطبيق الخطة التي أعدها وزير الدفاع يوآف غالانت ووافق عليها نتنياهو، وتركت موضوع الحكم المدني قابلاً للنقاش بحسب رؤية "حماس" والوسطاء، لكن بشرط تنحي الحركة عن سدة الحكم.
الحكم المدني… خبراء غير سياسيين
وفي ما يتعلق بالحكم المدني فإن "حماس" وافقت على التنازل عن حكم غزة بصورة كاملة، يقول ذلك بكل وضوح عضو المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق "’حماس‘ لا تطمح إلى حكم غزة منذ فترة نطالب السلطة الفلسطينية بأن تقوم بدورها في القطاع، وطلبنا منهم عدم التنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني".
ويعد تنازل "حماس" عن حكم غزة أمراً مهماً إذ يفتح الطريق أمام نجاح الصفقة المنتظرة، لكن الحركة اقترحت بكل وضوح أن تتولى حكومة كفاءات غير حزبية إدارة قطاع غزة والضفة الغربية على حد سواء بعد الحرب.
"حماس" و"فتح" توافقان على حكومة خبراء
ويقول المستشار الإعلامي لحركة "حماس" طاهر النونو إن "إدارة قطاع غزة بعد الحرب شأن داخلي فلسطيني، لكن نحن في "حماس" مستعدون لتسليم السلطة في غزة لحكومة مدنية على أن تكون مهمتها توحيد الأراضي الفلسطينية". ويضيف النونو "خلال مفاوضات وقف إطلاق النار مع إسرائيل، اقترحنا تشكيل حكومة مستقلة من شخصيات غير حزبية لإدارة قطاع غزة بعد الحرب تدير غزة والضفة الغربية، وهذا أفضل حل لطبيعة المرحلة المقبلة في الأراضي الفلسطينية".
وفي الواقع فإن حكومة الكفاءات أو الخبراء تعني حكومة تكنوقراط وهذا ما قامت به السلطة الفلسطينية أخيراً، إذ كلف رئيسها محمود عباس مستشاره الاقتصادي محمد مصطفى تشكيل حكومة تكنوقراط وبالفعل جرى ذلك، لكن "حماس" عارضتها وعدتها غير مؤهلة لحكم غزة.
وحول موقف السلطة الفلسطينية من طرح "حماس" تشكيل حكومة كفاءات يقول عضو المجلس الثوري في حركة "فتح" محمد الحوراني إن "الاستراتيجية الفلسطينية في هذه المرحلة يجب أن تركز على إنجاز وحدة وطنية فلسطينية تكفل وحدة الوطن والشعب، وهذا يتحقق من خلال حكومة توافقية". ويضيف "لا نعارض تشكيل حكومة كفاءات على رغم أن حكومة محمد مصطفى هي جسم تكنوقراط، لكن من أجل الحفاظ على استراتيجية تحافظ على إنجازات القضية الفلسطينية ولمواجهة الاستحقاقات المقبلة نحن نؤيد خطوة الخبراء".
ويوضح الحوراني أن "’حماس‘ سبق ووافقت خلال الحوار على حكومة فلسطينية تستشار فيها ولا تكون طرفاً، وهذه صيغة ملائمة إذ لا يتم استثناء "حماس" وفي الوقت نفسه يمكن أن نصل إلى جهة فلسطينية تجد قبولاً عالمياً ودعماً دولياً".
الحكم الأمني بإشراف عربي
وبالانتقال إلى الحكم الأمني في غزة فإن نتنياهو وافق على خطة غالانت التي تنص على "تولي إدارة مدنية لقطاع غزة وتعمل مع لجنة أمنية برعاية عربية ومساعدة من الولايات المتحدة". وقال نتنياهو بوضوح "أوافق على ذلك العرض، من دون مزيد من التفاصيل".
وفي غرف المفاوضات طرح الوسيط الأمريكي فكرة تولي قوة فلسطينية مدعومة من السلطة الفلسطينية مهمة الأمن في القطاع ويكون قوامها 2500 عنصر، وأعدت السلطة الفلسطينية قائمة بأسماء هؤلاء بطلب من الأمريكيين ونقلتها إلى إسرائيل لدراستها، ووافقت عليهم لاحقاً.
وبحسب المعلومات المتوافرة اختارت السلطة الفلسطينية 2500 عنصر من بين القوات التابعة لها في غزة وقوامها 30 ألف شخص، لكنهم لا يعملون منذ عام 2007 وعرضت السلطة فكرة تدريبهم وتأهيلهم على يد عسكريين أمريكيين.
وبعد تجهيزها ستباشر هذه القوة عملها في غزة برفقة قوة عربية بما يضمن لإسرائيل عدم عودة "حماس" إلى السيطرة المدنية على القطاع، وبينما تشير المعلومات إلى أن الحركة وافقت على العرض الأميركي فإن قياداتها رفضت الحديث للإعلام عن ذلك، على اعتبار أن ما يجري مع الوسطاء يعد سرياً.
ومن جهته قال غالانت إن "هناك تقدماً محرزاً في اتفاق الهدنة وبخاصة ما يتعلق في شأن مستقبل غزة"، لكن مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض قال إن "هناك تفاصيل كثيرة لا تزال في حاجة إلى الانتهاء منها للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. الملفات معقدة وتحتاج إلى تنازلات من ’حماس‘".
المصدر: اندبندنت