بغداد اليوم - متابعة
يواجه الربط الكهربائي بين العراق ودول الخليج عراقيل تهدد تشغيل مرحلته الأولى المخطط لها نهاية العام الجاري 2024، بينها وجود بعض المخلفات الحربية في أماكن تنفيذه بالعراق.
ومن المقرر أن يمتد خط الربط، الذي تصل تكلفته إلى 228 مليون دولار، من محطة الوفرة في الأراضي الكويتية إلى محطة الفاو جنوب العراق، بسعة تصل إلى 600 ميغاواط في المرحلة الأولى.
وحسب الرئيس التنفيذي لهيئة الربط الكهربائي الخليجي، أحمد الإبراهيم، فإن العمليات التشغيلية في مشروع الربط مع العراق وصلت إلى 64%، مشيرا إلى أن العمل جار على المسار داخل الأراضي العراقية، بهدف تسريع عملية الإنجاز لتجاوز عراقيل التنفيذ، حسبما أورد تقرير نشرته صحيفة "الرياض" في 6 مارس/آذار الجاري.
وتنتظر هيئة الربط الكهربائي الخليجي التقرير النهائي من مكتب استشاري يعمل على وضع دراسة بخصوص إجراء تغييرات في المسار المحدد سلفًا لمسار مشروع الربط مع العراق، وتحديد طبيعة العمل في المرحلة المقبلة، حسبما ذكرت صحيفة مال السعودية.
نواة مستقبلية
ويشير الخبير الاقتصادي، محمد الناير، في تصريح صحفي، إلى أن مشروع الربط الكهربائي مع دول الخليج من شأنه أن يساعد كثيرا في إحداث تنمية اقتصادية في العراق، ويمثل نواة لخطة مستقبلية أيضا، ليس لإمداد العراق بالكهرباء فقط، ولكن لإمداد مصر والأردن في المرحلة المقبلة أيضا.
ويضيف الناير أن الربط الكهربائي يمثل مقدمة لتصدير الطاقة من الخليج إلى دول قارتي آسيا وأفريقيا بأسعار تفضيلية، علما بأن بعض الدول قد لا تكون لديها القدرة، أو الإمكانيات لإنشاء سدود أو محطات حرارية أو غيرها من المشروعات المكلفة، وبالتالي يمثل الربط الكهربائي تلبية فاعلة لاحتياجاتها.
ومن زاوية المصلحة العراقية، يمثل الربط الكهربائي مشروعا ضروريا لتحريك عجلة الإنتاج في العراق، الذي تضرر كثيرا في قطاعه الصناعي بسبب نقص الكهرباء، وبالتالي فإن إنجاز الربط الكهربائي مع دول الخليج من شأنه أن يزيد معدلات الإنتاج، ويقلل من معدلات البطالة ويساعد في تحسين مستوى الاقتصاد العراقي بنسبة كبيرة، بحسب الناير.
ويرى الناير ضرورة أن يكون مشروع الربط الكهربائي، المقرر أن يكتمل بنهاية العام 2024، مقدمة لدخول المزيد من الاستثمارات الخليجية إلى العراق، وزيادة مستوى التكامل بين الجانبين ليس على مستوى الطاقة فقط، بل على مستوى اقتصادي، يشمل تدوير عجلة الإنتاج الصناعي بصورة عامة في العراق، إضافة إلى ربط الطرق والسكك الحديدية وغيرها من الوسائل الأخرى التي تسهل عملية نقل المنتجات والأفراد.
ولنجاح المشروع، يشدد الناير على ضرورة التعاطي الحكومي معه باعتباره جزءا من "عملية اقتصادية متكاملة"، وليس باعتباره حلا لتوفير الكهرباء والطاقة فقط.
تغطية العجز
وفي السياق، يؤكد الخبير الاقتصادي، حسام عايش، في تصريح صحفي، أن الربط الكهربائي يمثل مشروعا عربيا منذ نهاية القرن الماضي، وأُنجزت فيه الكثير من الخطوات، لكن المشكلات الإقليمية العربية المختلفة أوقفت أو قللت من مفعول هذه الاتفاقية، وبالتالي كانت الاستعاضة عنها باتفاقيات ثنائية.
وفيما يتعلق بالربط الكهربائي الخليجي مع العراق تحديدا، يلفت عايش إلى أنه مشروع بدأ الحديث فيه منذ العام 2019 وبدأ العمل به في منتصف العام الماضي (2023) ويهدف إلى ربط المنظومة الكهربائية لدول مجلس التعاون الخليجي بالمنظومة الكهربائية العراقية، خاصة منظومة الجنوب العراقي، وتزويد العراق في المرحلة الأولى بحوالي 500 ميغاوات من الطاقة الكهربائية، مع أن قدرة التحميل في هذا الخط تصل إلى 1800 ميغاوات.
ويضيف عايش أن العراق لديه اتفاقيات للربط الكهربائي مع الأردن أيضا، والمشروع ما زال في طور التنفيذ، كما أن لديه مشروعا آخر مع تركيا، وذلك لأن الاستطاعة التوليدية الكهربائية في العراق تصل إلى حدود 26 ألف ميغاوات، بينما الحاجة العراقية تصل إلى 35 ألف ميغاوات، ما يعني أن العراق يعاني من عجز يقارب الـ 9 آلاف ميغاوات، ما أدى، ضمن أسباب أخرى، إلى توقف ما يقارب 50 ألف مصنع في العراق عن العمل.
وتقوم الحكومة العراقية بتغطية هذا العجز إما بالقطع الكهربائي، وإما بساعات محددة للربط الكهربائي مع دول أخرى، بحسب عايش، مشيرا إلى أن بغداد تقوم بشراء الغاز من إيران بهدف توليد الكهرباء ضمن منظومة تمثل أحد أهم أشكال الفساد، إذ تم إنفاق عشرات المليارات من الدولارات على المنظومة الكهربائية بالعراق منذ العام 2003، ومع ذلك العجز بقي مستمرا، وظلت الحاجة لمزيد من الاستثمارات في القطاع مستمرة.
ويلفت عايش، في هذا الصدد، إلى أن اعتماد العراق على إيران في توليد الكهرباء يبقى أحد الإشكاليات المهمة في قطاع الطاقة العراقي، خاصة أن العراق يقوم بحرق الغاز المصاحب، ما يكلف خسائر تتحملها الحكومة العراقية، تقدر بحوالي 4 مليارات دولار.
وفيما يتعلق بالنتائج المترتبة على الربط الكهربائي، يرى عايش أن آفاق المشروع أبعد من مجرد الحضور الاستثماري الخليجي في داخل العراق، إذ سيحمل معه حضورا اقتصاديا وسياسيا لاحقا عبر عوائد تحويل الفائض في الطاقة الكهربائية لدى دول الخليج لبيعها أو تصديرها للعراق ولغيره من الدول في مراحل لاحقة.
غير أن عايش يشير إلى أن جهات عراقية فاعلة ومؤثرة ولها حضورها في المشهد السياسي، ربما تتأثر من تحويل “ربط الطاقة” العراقي من إيران إلى الدول الخليجية العربية، ويتوقع أن يواجه مشروع الربط تحديات في إكماله، ما يستدعي متابعة الجهات العراقية المختلفة وشرح العوائد الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية التي تترتب على هذا الربط، فضلا عن عائده الاقتصادي لصالح العراق.
المصدر: العربي الجديد