الصفحة الرئيسية / الكمأ 4 أضعاف اللحم والـ"جانرك" بربع مليون.. كيف تحولت "الكوجة" إلى رمز للرفاهية؟

الكمأ 4 أضعاف اللحم والـ"جانرك" بربع مليون.. كيف تحولت "الكوجة" إلى رمز للرفاهية؟

بغداد اليوم - بغداد

من المعروف ان الجلوس في المطاعم ذات التصنيف العالي، وركوب سيارات فخمة او شراء الهواتف الباهظة عند أول نزول لها للاسواق، جميعها من علامات "الرفاهية"، فعملية الشراء احيانًا ولاسيما لدى الاغنياء لاترتبط بالحاجة إلى الشيء، بل بمدى كونه نادرًا احيانًا، او مدى القدرة على جلبه في الوقت الذي لايستطيع الكثيرون جلب هذا الشيء.

ولايتوقف هذا الامر حتى اذا كان الشيء الباهظ الثمن لايعكس كلفته وقيمته الحقيقية لإيجاده، أي لايمتلك من المواد الاولية النادرة او باهظة الثمن لتصنيعه، او لايعتبر سعره العالي ناجم من صعوبة إيجاده وكلفة تصنيعه، بل من الطبيعي جدًا ان يتم دفع اموال كبيرة مقابل شيء لاقيمة مادية له وان سعره المرتفع فقط لانه متواجد بقلة "ولفترة مؤقتة" اي انه سيتوفر بعد فترة من الزمن بكثرة وستنخفض اسعاره بسهولة.

لكن الاغنياء، يتقصدون تحديدًا شراء هذا المنتج الذي لايكلف شيئًا أبدًا، باثمان باهظة فقط لكي يكونوا هم اول من حصل عليه مقارنة بباقي الفئات او الطبقات، او حتى للتنافس مع الفئات من طبقاتهم ذاتها، فهذا التنافس والتسارع على شراء الشيء "قبل الجميع" وفور نزوله وتوفره، قادر على ان يجعل شيء يخرج من العدم او لايتم الانفاق عليه لانتاجه وتصنيعه وايجاده، يتم تسعيره باثمان مرتفعة، لتكون الثمرات الصغيرة الخضراء غير الناضجة ذات الطعم الحامض المسماة بـ"الكوجة"، يكون سعرها اكثر من 300 الف دينار عراقي للكيلوغرام الواحد، أو ان سعر كيلو الكمأ الذي يسمى عادة بأنه "لحم الفقراء" لانه ينبت بالصحراء دون اي عناء ونتيجة الامطار فقط، وطعمه يشبه طعم اللحم، الا ان سعر الكيلو غرام منه يعادل 3 او 4 اضعاف سعر كيلو اللحم، ليكون سعر كيلو الكمأ بـ60 الف دينار عراقي.

هذا ماتم تسجيله بالفعل في اسواق المحافظات التي تعد الموطن الاول لإنبات وخروج هذه النباتات، فموسم الكوجة او مايسمى في كردستان بـ"الجانرك" يبدأ في شهر اذار مع بدء الربيع، كما ان موسم الكمأ ايضا بدأ الان في الانبار وكردستان ايضا، لوجود مساحات صحراوية كبيرة وبسبب الامطار الاخيرة التي ضربت مناطق شمال وغرب العراق، لينبت الكمأ، ولكون هذه الثمار او المنتجات الغذائية بدأت بالنزول توًا وبكميات قليلة قبل ان يتم توفيرها بشكل اكبر في الايام القادمة، لذلك سجلت اسعارا مرتفعة وهائلة في اسواق المحافظات التي بدأت تخرج فيها توًا وتظهر في اسواقها.

وتأتي هذه الاسعار كما غيرها من المنتجات التي لاتعكس اسعارها قيمتها الحقيقية او لاتحمل سعر كلفة مرتفع بل هي لاتحمل اي كلفة، لكن اسعارها ناجمة من "العرض والطلب"، فالطلب الحالي هو من قبل الاغنياء الذين يريدون ان يثبتوا رفاهيتهم الان بشراء هذه الثمار والمنتجات قبل الجميع ليكونوا اول من يتذوقوها، لذلك يتم رفع اسعار هذه المنتجات التي نزلت للتو، لكنها ستنخفض اسعارها بمرور الايام وبغضون ايام قليلة فقط مع نزول المزيد من الكميات بعد نضوجها، فضلا عن انتهاء الطلب العالي للاغنياء عليها بعد ان اكتفوا من شراء "النزول الاول".

3-03-2024, 20:12
العودة للخلف