بغداد اليوم - متابعة
بعد قرابة 33 يوماً على إجراء الانتخابات البرلمانية ومجلس خبراء القيادة في إيران، دب الخلاف بين معسكر التيار الإصلاحي وحلفاؤه من التيار الأصولي المعتدل الذي يتزعمه الرئيس السابق حسن روحاني بشأن المشاركة في الانتخابات من عدمها.
وبدأت تظهر دعوات مقاطعة الانتخابات مع استبعاد طيف واسع من مرشحي التيار الإصلاحي والمعتدلين وفي مقدمتهم حسن روحاني الذي جرى منعه من المشاركة في انتخابات مجلس خبراء القيادة الذي هو أحد الأعضاء الحاليين في المجلس المذكور.
وبعد الانتخابات الرئاسية، تعتبر الانتخابات البرلمانية الحدث السياسي الأكثر أهمية وجاذبية الذي يقام في إيران، لكن على الرغم من توصيات المرشد الأعلى علي خامنئي، وتأكيده على المشاركة القصوى، إلا لم نشهد حتى الآن أي إجراء اتخذته المؤسسات التابعة في هذا الصدد.
وفي هذه الأيام، في مدينة مثل طهران، لا ترى العيون أي نوع من اللافتات التي تحث على المشاركة في الانتخابات، باستثناء الإشارة التي تريد الإشارة إلى المناظرة الانتخابية كتذكير بسيط.
وإذا كانت هناك مثل هذه العلامات، فهي قليلة جدًا بحيث لا يمكن رؤيتها وسط ضجيج المدينة، ولا يقتصر هذا الضجيج على الزحام الذي لا نهاية له في المدن الكبرى، وفي السجالات بين مختلف الأحزاب والتيارات، تظهر المعركة بشأن المشاركة من عدمه عبر الماكنات الإعلامية التابعة لفريق الإصلاحيين والأصوليين وحلفائهما.
ويرى ناشطون وخبراء من التيار الإصلاحي، أن شعار أكبر الأحزاب الإصلاحية الذي يتزعمه الرئيس الأسبق محمد خاتمي "لا نقاطع ولا ندخل الانتخابات"، خلاصة هذا الخطاب هي مقاطعة محترمة للانتخابات، مهما كان سبب هذا الخطاب.
فيما يرى التيار الإصولي الذي يمسك بالحكومة والبرلمان والسلطة القضائية أن خطاب التيار الإصلاحي هي ليست المرة الأولى التي يستخدمون هذا النوع من الخطابات في الانتخابات كوسيلة للمساومة والحصول على امتيازات خاصة.
وقد يكون من المهم معرفة أي تيار سياسي ينوي الدخول أو عدم الدخول في الانتخابات. وقد يكون من المهم معرفة أي من هذه التيارات جدي في قراره أم لا يزال متردداً.
وبالإشارة إلى البيان الأخير لجبهة الإصلاح حول عدم المشاركة في الانتخابات والذي ورد كوثيقة استراتيجية، حاورت "بغداد اليوم"، اليوم الاربعاء (31 كانون الثاني 2024)، عدداً من الخبراء التابعين للتيار الإصلاحي.
حميد رضا جلايبور عضو الشورى المركزية لـ"جبهة الشراكة الإيرانية الإسلامية"، أحد الأحزاب الإصلاحية، قال، لـ "بغداد اليوم"، إن "تزايد الاستياء الشعبي والأجواء بعد احتجاجات 2022 وانخفاض المشاركة في الانتخابات لعام 2020، من بين العوامل التي تقف وراء هذه الوثيقة الاستراتيجية، لكن محتواها، للأسف، في رأيي، لا يزيد من قدرة البلاد أو الإصلاحيين أنفسهم، كما أنه ليس له تأثير خطير على الأجواء السياسية في البلاد".
وأضاف، "لقد تكرر خطأ الجبهة الوطنية الإصلاحية في هذه الوثيقة وللأسف قد يزيد من مشاكل العمل السياسي المستقل بعد الانتخابات، ومثل عدم تقديم قائمة عام 2020، فهو لا يبني قاعدة مجتمعية".
حزب الثقة يختلف مع خاتمي
من جهته يرى "إسماعيل غرامي مقدم" عضو الشورى المركزية لحزب الثقة الوطني الإصلاحي، إن "ما قررته الجبهة الإصلاحية هو التصويت بالأغلبية، ويجب أن يحاسب الناس على موقف الوثيقة الذي وافقوا عليه لأننا قدمنا حججنا في المعارضة، وكان من المفترض أن تركز هذه الاستراتيجيات على ثلاث نقاط لاحقاً، وأن يتم نشرها بعد أن توافقت الجبهة عليها، لكن للأسف تم نشرها".
وأضاف، لـ "بغداد اليوم"، ان "الأمر المؤكد هو أنه كانت هناك ثلاث استراتيجيات، إحداها هي المشاركة في الانتخابات دون قيد أو شرط، والأخرى هي التواجد في تلك المناطق التي لدينا فيها مرشحون ودعم المرشحين الذين تمت الموافقة عليهم. إحداها كانت الحجة أنه وفقا للشروط وتماشيا مع هذه القضية فإن الشعب لا يريد المشاركة، فقد اعتبرت الجبهة أن المشاركة مرهونة بتوجيه الشعب، لكن الاحتجاجات واختلاف وجهات النظر الموجودة تركز أكثر على أن الانتخابات وأجواء الانتخابات تجعل التيارات السياسية تؤدي واجباتها".
وبين غرامي مقدم، أن "التيارات السياسية الإصلاحية، تفتقد إلى الانسجام وتواجه مشاكل تجاه حسم القرار من المشاركة في الانتخابات من عدمها، مضيفاً "نحن سوف نحسم أمرنا بالمشاركة في الانتخابات لأن المصالح الوطنية أعلى من مصالح التيارات والجماعات السياسية".
وبرر مقدم، المشاركة بأنه "بالنظر إلى القضايا التي يعاني منها الشعب والمشاكل القائمة، ومن جهة أخرى، يحاول التيار الأصولي الاستيلاء على مقاعد البرلمان، وكان بإمكان الجبهة الوطنية الإصلاحية اختيار الطريق الوسط ومع استراتيجية المشاركة المشروطة في الانتخابات، اتخاذ خطوة بين الناس واتخاذ خطوة للوصول إلى السلطة ومنع المتطرفين من الوصول إلى السلطة، ولكن للأسف لم يحدث هذا".
من جانبه، قال النائب الحالي عن التيار الإصلاحي "مسعود بزشكيان"، انه "كان بإمكان جبهة الإصلاح التي يتزعمه خاتمي أن تنتقد، لكن إذا قال المرشد الأعلى شاركوا وقالوا لا تشاركوا، فهذا نوع من المواجهة".
وحول بيان جبهة الإصلاح بعدم المشاركة في انتخابات البرلمان، أضاف بزشكيان لـ "بغداد اليوم"، ان "هذه مجموعة إصلاحات وليست كلها إصلاحات، ويمكن لجبهة الإصلاح أن تنتقد، لكن قول المرشد الأعلى للمشاركة وقولهم عدم المشاركة هو نوع من المواجهة غير الصحيحة".
نحن لا نقاطع الانتخابات ولكننا لا نعطي قوائم أيضًا
ويقول محمود ميرلوحي، الناشط السياسي الإصلاحي لـ "بغداد اليوم" بشأن المشاركة في الانتخابات من عدمه، "جبهة الإصلاح تقول أننا لن نقاطع الانتخابات، لكن لا نستطيع تقديم قائمة أيضاً؛ من أين تأتي القائمة؟ انها لا تأتي من السماء".
حزب نداي إيرانيان: لن نقدم قائمة
من جانبه، رأى سعيد نور محمدي المتحدث باسم حزب نداي إيرانيان الإصلاحي الذي يحمل توجهات ديمقراطية، لـ "بغداد اليوم"، انه "في طهران، بعد استبعاد روحاني عن انتخابات مجلس خبراء القيادة، وصل الإصلاحيون إلى درجة من الارتباك، لذلك عمليا ليس لدى الأحزاب الإصلاحية في طهران أي إمكانية لإعطاء القائمة الانتخابية".
وأوضح "تمت الموافقة على 6 مرشحين من إجمالي عدد المقربين والمتحالفين مع أحزاب الإصلاح المعتدلة مثل حزب البناء والثقة الوطنية ونداي إيرانيان والاعتدال والتنمية في طهران، وبلغ عدد المرشحين في جميع أنحاء البلاد 30 شخصاً".
وتابع: في طهران، بعد استبعاد روحاني للخبراء، وصل الإصلاحيون إلى حيرة وارتباك، فعمليا هذه الأحزاب الأربعة في طهران غير قادرة على إعطاء قوائم انتخابية".
وقال: "رغم ذلك، هناك عدد من الإصلاحيين في المدن، ومن الطبيعي أن تحاول هذه الأحزاب الأربعة مساعدة الإصلاحيين على دخول البرلمان في المناطق المتبقية".
ويقول: بالطبع سيستحوذ الأصوليون بالتأكيد على 80% من مقاعد البرلمان وسنحاول أن ندخل عدداً محدوداً من الإصلاحيين إلى البرلمان حتى يكون هناك صوت معارض في البرلمان ويمكنهم أيضاً أن يقوموا بعمل ما في البرلمان".
الجهات الحكومة تعقب
وفي سياق متصل، أعلن المتحدث باسم لجنة الانتخابات الإيرانية، محسن إسلامي، أن عدد المرشحين لانتخابات البرلمان بلغ 12 ألف و711 مرشحاً وذلك بعدما أيد مجلس صيانة الدستور أهلية 678 مرشحاً جرى استبعادهم في الأيام الماضية وقدموا اعتراضاً.
وتوقع إسلامي بحسب ما نقلته الوكالة الرسمية الإيرانية "إيرنا"، أن يرتفع عدد المرشحين مع مواصلة مجلس صيانة الدستور مراجعة اعتراض المرشحين.
وفي الاسبوع الماضي قال إسلامي أن عدد المرشحين الإصلاحيين الذين جرى تأييدهم صلاحيتهم بلغ 1560 مرشحاً فيما بلغ عدد المرشحين الإصوليين 2725 والمستقلين 4073، يتنافسون على 290 مقعداً.
أما بالنسبة إلى انتخابات مجلس خبراء القيادة فقد أيد مجلس صيانة الدستور أهلية 136 مرشحاً يتنافسون على 88 مقعداً.