بغداد اليوم - بغداد
يوم الثالث عشر من تشرين الأول للعام الجاري صدر قرار أمني ورسمي بإغلاق قناة البغدادية وبمحضر رسمي موقّع من خمسة ضباط بجهاز الأمن الوطني العراقيّ، الا ان القناة لا زالت تمارس بث موادها وتتعمد مخالفة قرار جهاز الأمن الوطني، فيما طالبت جهات سياسية وأكاديمية بتطبيق قرار هيئة الإعلام والإتصالات القاضي باغلاق القناة ومنصاتها على التواصل الاجتماعي إثر هجومها عبر برامجها على الشخصيات الدينية والاجتماعية وتبنيها لخطاب يثير النعرات والتشظي بين المجتمع العراقيّ
في الثالث من تشرين الأول الفائت تظاهر اتباع التيار الصدري، أمام مقار قناة البغدادية في العاصمة بغداد بعد بث برنامج "مسيء" لزعيم التيار مقتدى الصدر.
وأثارت حلقة تلفزيونية بُثت على قناة البغدادية الفضائية، الجدل والغضب في الشارع العراقي، خاصة جمهور التيار الصدري، بعدما انهال مقدم برنامج ستوديو التاسعة علي الذبحاوي بالنقد على زعيم التيار مقتدى الصدر، الأمر الذي دفع أنصاره إلى الخروج بتظاهرة أمام مكتب القناة في بغداد، ثم إغلاقه من قبل قوة أمنية.
في حلقة من برنامجه ستوديو التاسعة، تطرق الإعلامي علي الذبحاوي إلى واقع المدارس المتردي بالعراق، ثم ربطه بزعيم التيار الصدري، محمّلاً إياه مسؤولية جزئية من هذا التردي، ساخراً في الوقت نفسه من حملة تنظيف شارك فيها الصدر سابقاً بإحدى المدارس.
وقال الذبحاوي، خلال هذه الحلقة: "السيد وبعد أن خرج في حملات وادعى رعاية الإصلاح وأراد بناء ثلاثة آلاف مدرسة عبر شركات صينية أو تايلاندية قلنا سنرى على يده الزهور.. لكنه ظهر في التالي يبني مكتبه ويرتب الكتب".
وسخر من الصدر، قائلاً: "السيد كان يرش الكهرباء في الماء ويقول حتى لو اتكهرب فدوة"، وذلك تعليقاً على صور أظهرت مشاركة سابقة للصدر في تنظيف إحدى المدارس.
وعلى الصورة الأخيرة التي نشرها "مصلح محمد العراقي" التي أرفقها بعبارة "توكلنا على الله"، قال الذبحاوي: "على ماذا نتوكل.. أين سيصل بنا السيد؟".
أجندة سياسية
ويقول المحلل السياسي علي فضل الله، ان "دائما ما تكون هناك إساءة من بعض القنوات الفضائية ومنها قناة البغدادية، وهذه الإساءة اكيد تقف خلفها اجندة سياسية وبعد أيدلوجي، ويجب ان تكون هناك إجراءات قضائية بحق تلك القنوات لما تقدم عليه من إساءة".
ويرى فضل الله في حديث لـ"بغداد اليوم"، الاحد (3 كانون الاول 2023)، أن "على هيئة الاعلام والاتصالات اتخاذ قرارات وإجراءات بحق تلك القنوات التي تبث إساءة متكررة، خصوصاً ان الدستور العراقي اكد احترام الرموز الدينية والسياسية والمجتمعية، وما تبثه البغدادية من الإساءة فيه مخالفة دستورية وقانونية ويجب محاسبتها عليه من قبل الجهات القضائية المختصة".
ويكمل، ان "الإساءة لبعض الرموز السياسية والمجتمعية وغيرها، يؤكد ان هناك احترامًا من قبل الطبقة السياسية للمسار القانوني والدستوري وكذلك القضائي وبالتالي هناك فسحة للأسف تستغل من قبل بعض القنوات بأسلوب بعيد عن الذائقة العامة والآداب العامة، والطبقة السياسية لا تتعامل مع هذه الإساءة بأسلوب سياسي، بل تتعامل بأسلوب قانوني.
الخفاجي على خط الأزمة
ومع زيادة اشتعال فتيل الأزمة، دخل الشيخ أوس الخفاجي على الخط، إذ تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مكالمة هاتفية مسجلة بين الأخير والذبحاوي.
وخلال المكالمة الهاتفية، قال الذبحاوي للخفاجي، "السيد يعدل موسوعته بدل بناء المدارس.. وهو شخصية عامة من الممكن أن يتعرض لانتقاد.. ونحن أردنا أن نعرف ماذا يقصد بتوكلنا على الله"، ليجيبه الخفاجي بأن "السيد وإن كان شخصية عامة لكن له خصوصياته وترتيب الكتب في مكتبه أو منزله هو حقه.. هل يقوم بترتيبهن في الشارع؟".
وأضاف الخفاجي: "كلامك كان مغرضاً وفيه حقد ولا يحمل أي شكل من أشكال النقد البنّاء.. عندما تقول إن السيد كان يرش الكهرباء بالماء هذا استهزاء واضح.. أنت تركت الفاسدين وركضت على رجل جالس في منزله".
ليرد الذبحاوي: "ومَن ترك الفاسدين في الحكم؟"، ويجيب الخفاجي: "إذن، همك الصدر، فهو إن بقي في الحكومة فاسد وإن خرج منها فاسد، وإن صور في منزله فاسد أيضاً.. أنت مستهدف هذا الرجل!".
وقال الذبحاوي خلال المكالمة: "أنا ابن هذا البلد ولم أخرج منه كما فعل عدنان الطائي وأنور الحمداني.. وعلى السيد الصدر أن يتقبل النقد". الخفاجي: "طرحك لم يكن نقداً بل كان سخرياً واستهزاء".
وتابع الخفاجي: "أنا لم أرَ الصدر منذ 2014 والصورة التي نشرها مصلح العراقي أثارت إعجابي؛ لأنه جمع تراث والده.. لكنك أنت سخرت منها وهذا أزعج الجميع بما فيهم أنا". ليرد الذبحاوي: "لم أكن أعلم أنها موسوعة والده"، ثم يجيب الخفاجي: "أنت أولى بالاستقصاء كونك إعلامياً وتبريرك دليل عذر أقبح من فعل".
الصدريون لم يصمتوا
ولم يتخذ الصدريون موقف المتفرج، إذ خرجوا مساء أمس الثلاثاء، بتظاهرة غاضبة أمام مقر قناة البغدادية في العاصمة بغداد.
ورفع المتظاهرون، الذين كانوا يرتدون الزيّ الأسود، لافتات كُتب عليها "البغدادية قناة مأجورة" و"سنقاوم تشهيركم بالصدر" كما رددوا شعارات تطالب بإغلاق القناة.
واستجابت هيئة الإعلام والاتصالات لطلب الجماهير الصدرية، وقررت إغلاق مقرّي القناة في بغداد.
وأفاد مصدر أمني في بغداد، بأن هيئة الإعلام والاتصالات أصدرت أمراً بإغلاق مقرَّي قناة "البغدادية" الفضائية.
وقال المصدر، إن "هيئة الإعلام والاتصالات أرسلت كادراً منها ترافقه قوة أمنية لإغلاق مقرَّي قناة (البغدادية) أحدهما في منطقة الوزيرية والآخر في شارع أبو نؤاس، وسط العاصمة بغداد".
وبين، أن "أمر الغلق جاء لمخالفة القناة شروط البث وعدم امتلاكها الموافقات الأمنية".
ولم تكن تجاوزات الذبحاوي بحق زعيم التيار الصدري، الأولى من نوعها، إذ وصفه بأنه ذو "مواقف متذبذبة".
في أيار من العام الماضي 2022، قال الذبحاوي في برنامجه، إن "الصدر وبعدما كان يريد المعارضة أصبح يتوعد الثلث المعطل"، مضيفاً: "تعودنا على مواقف السيد المتذبذبة"، مردفاً: "السيد أشكل على القضاء عقب ما كان يشكره!". كما انتقد رئيس مجلس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي.
دفع ذلك، إلى إقدام قوة أمنية بلباس مدني على اعتقال الذبحاوي، واقتياده الى مقر جهاز المخابرات قرب برج بغداد، وفق ما أعلنت آنذاك قناة البغدادية.
الذبحاوي، وبعد إطلاق سراحه روى تفاصيل اعتقاله، وأكد، وفق البيان، بأن "القوة المحققة معه طالبته بعدم انتقاد الكاظمي وحميد الغزي وكذلك التيار الصدري".
كذلك لم يكن إغلاق قناة البغدادية الأول من نوعه، إذ أُغلقت القناة مرات عدة في 2010 وزعمت أن ذلك الإغلاق تم بعدما بثت مطالب مرتكبي مجزرة كنيسة السريان الكاثوليك في بغداد.
وأُغلقت أيضاً في عام 2013 تنفيذاً لتعليمات "هيئة الإعلام والاتصالات". وكذلك الحال في 2014 و 2016 و 2021.
ويكشف مقربون من مالك قناة البغدادية عون الخشلوك، عن علاقة الأخير وأخوته بالمخابرات العراقية، ويؤكدون إن الخشلوك كان يعمل لمخابرات صدام في بلغاريا، فيما عمل اخيه محمد حسين الخشلوك تحت إمرة ضابط المخابرات سعدون الكبيسي (ابو عزام)، بينما زرعت المخابرات العراقية اخيهم باقر حسين الخشلوك، في المجلس الاعلى بايران.
واستمر باقر الخشلوك بمد المخابرات العراقية باخبار ونشاطات الجماعات المعارضة في ايران لسنين طويلة، بينما الاخ الأخير يدعى احمد يعمل في تركيا في تهريب السكائر والبضائع غير الصالحة للاستخدام البشري.
وكشفت وثيقة رسمية صادرة من سفارة الجمهورية العراقية في اثينا ان عون الخشلوك منح الرمز (4 ن) ليكون الشفرة خلال المخاطبات والمحادثات لإبعاد الشبهة من انه عنصر بالمخابرات العراقية.