بغداد اليوم-بغداد
طوال الاسابيع الماضية، طغى الصمت بشكل واضح على الجهات والسلطات المعنية في العراق على المستوى الحكومي والمصرفي امام استمرار ارتفاع اسعار الصرف، وعلى العكس من الاشهر الماضية التي كانت الحكومة والبنك المركزي يصدران حزمة قرارات واجراءات سريعة فور ارتفاع اسعار الصرف، الا ان هذه المرة ومع كسر سعر الصرف ارقاما قياسية تجاوزت الـ160 ألف دينار لكل 100 دولار، يبدو أن السلطات المعنية قد "استسلمت" في معركة الدولار.
ويمكن التوصل لهذا الامر ليس من غياب الاجراءات الحكومية والبنك المركزي التي باتت تصب لمنع تهريب الدولار فقط دون اتخاذ اجراءات لمنع ارتفاعه في السوق كما كان البنك المركزي سابقا يطلق حزما مختلفة لذلك، بل حتى في التصريحات لمحافظ البنك المركزي علي العلاق ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، يظهر بشكل واضح "نبرة استسلام" وترك سعر الصرف دون تدخل، والاعتماد فقط على التجار الذين يشترون الدولار من البنك المركزي والمراهنة بأن اسعار السلع لن ترتفع اعتمادا على هؤلاء التجار.
وعلى سبيل المثال، قال محافظ البنك المركزي علي العلاق الاسبوع الماضي خلال جلسة المجلس الوزاري للاقتصاد، ان "سعر الصرف يعتمد بالاساس على المستوردات وليس على الانتاج المحلي وان سعر الصرف في العراق لديه خصوصيات لارتباطه بسعر النفط لكونه المصدر الاكبر في توفير العملة الصعبة"، مشيرا الى ان "عوامل عديدة تاثر على سعر الصرف اهمها تسرب الدولار الى الدول المجاورة والتعامل الداخلي في الاسواق المحلية بغير العملة الوطنية وكذلك عدم السيطرة الكاملة على المنافذ والتهريب".
مايعني ان سعر الصرف مستمر بهذا الارتفاع طالما هنالك استيراد، ومنافذ غير مسيطر عليها، وتسعير النفط بالدولار، حيث ان جميع هذه الشروط مستدامة ولايمكن تغييرها.
من جانبه، قال السوداني في مؤتمر صحفي يوم امس الثلاثاء: "نحن ندعم بعض المصارف التي نثق بأنها جيدة وحققت نجاحات، لأجل ان تكون جزءاً من حل ازمة الدولار"، مضيفاً "واحدة من الإشكالات التي نواجهها هي أن القانون العراقي لا يحتوي على عقوبات قوية وصارمة بحق الذين يتم إلقاء القبض عليهم من المضاربين بسعر صرف الدولار".
وهو مؤشر اخر على عدم امكانية فعل اي شيء سواء للمضاربين او لاسعار الدولار الاخذة بالارتفاع، في تصريحات واضحة ومنسجمة مع توجه السلطات العراقية لترك ملف سعر دولار السوق دون تدخل، اي اشبه مايكون بالتعويم.
ويؤكد هذا الامر الباحث في الشأن الاقتصادي حيدر الشيخ، اليوم الأربعاء (25 تشرين الاول 2023)، مشددا على صعوبة انتهاء ازمة ارتفاع الدولار في العراق.
وقال الشيخ، لـ"بغداد اليوم"، ان "أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار لا تنتهي، والبنك المركزي اصبح عاجزا عن السيطرة على السوق وتلاعب بعض المصارف والشركات الصرافة والتجار بسعر الدولار".
وأضاف ان "هذا بسبب فرض البنك المركزي أي من العقوبات المصارف والشركات الصرافة والتجار بسعر الدولار، التي تتلاعب في سعر الصرف، وبالتالي ان سعر صرف الدولار سيستقر على 165 خلال اليومين المقبلين، وسوف يواصل الارتفاع بشكل اكبر خلال الايان المقبلة".
واشار الى أن "هناك مشاكل في الإصلاح المصرفي وتحديات كبيرة تواجهها الحكومة، وسعر صرف الدولار الحالي في الأسواق وهو سعر المضاربين بالعملة".
وأضاف "هناك جهات ومصارف أهلية وتجار وأصحاب شركات صيرفة يسعون من أجل استمرار سعر صرف الدولار على السعر الحالي".