بغداد اليوم- بغداد
تشدد إيران على ضرورة تنفيذ العراق للاتفاق الأمني بين البلدين بخصوص نزع سلاح المعارضة الإيرانية التي تتخذ من إقليم كردستان العراق مقرا لها.
وكان العراق وايران وقعا في بغداد في 19 آذار 2023 محضر أمني مشترك بين البلدين، حيث وقّعه عن الجانب العراقي مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، وعن الجانب الإيراني علي شمخاني، ويتضمن المحضر التنسيق في حماية الحدود المشتركة بين البلدين، وتوطيد التعاون المشترك في مجالات أمنية عدّة.
ويتضمن المحضر "التنسيق في حماية الحدود المشتركة بين البلدين، وتوطيد التعاون المشترك في مجالات أمنية عدّة" وفقاً لمكتب رئيس الوزراء.
وشددت طهران على ضرورة تنفيذ العراق كامل الاتفاق القاضي بنزع سلاح تلك الجماعات التي وصفتها "بالإرهابية والانفصالية".
وصول لم يتحقق منذ 3 عقود
وفي إجراء هو الأول من نوعه منذ عام 1991، وصلت القوات العراقية النظامية أواخر الأسبوع الماضي إلى الحدود الشمالية الشرقية مع إيران من جهة إقليم كردستان العراق، وحققت انتشاراً واسعاً فيها، بعد انسحابها منها عقب غزو النظام العراقي السابق لدولة الكويت عام 1990، وما ترتب عليه من خروج المحافظات الشمالية ذات الأغلبية الكردية عن سيطرة بغداد.
القوات العراقية التابعة لحرس الحدود والجيش العراقي إلى جانب ضباط من جهاز المخابرات والأمن الوطني، نصبت ما لا يقل عن 30 ثكنة عسكرية مع أسلحة متوسطة وثقيلة ودروع، بمشاركة قوات البشمركة التابعة لإقليم كردستان- العراق.
وقال مراقبون إن "الاتفاق لم يُنفذ بالكامل حتى الآن، وإن ما تم تنفيذه هو الجزء المتعلق بإبعاد هذه الجماعات عن الشريط الحدودي بين البلدين".
اتفاق واضح
لكن وزارة الخارجية العراقية أكدت تأمين كامل الحدود مع إيران وإبعاد الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة عن الشريط الحدودي بين البلدين شمالي العراق.
وقال المتحدث باسم الوزارة أحمد الصحاف، في تصريح صحفي، إن "الحكومة العراقية بدأت بتنفيذ الإجراءات الخاصة بتأمين الحدود المشتركة مع إيران بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان العراق".
وأضاف الصحاف، أن ذلك تم بموجب الاتفاق المبرم بين الطرفين "واضح المعالم"، وبموجب التزام العراق بدستوره الذي يؤكد أن "لا تُستخدم الأراضي العراقية مقرا أو ممرا لإلحاق الضرر والأذى بأي من دول الجوار".
ونهاية أغسطس/آب الماضي، أعلنت كل من بغداد وطهران توقيع اتفاقية أمنية بين البلدين تقضي بتفكيك معسكرات المعارضة الكردية الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان- العراق على الحدود مع إيران، شمالي العراق. وتقضي الاتفاقية بإيقاف طهران عملياتها العسكرية داخل البلدات الحدودية العراقية، مقابل قيام بغداد بتفكيك تجمعات تلك المعارضة وإبعادها عن الحدود مع إيران، وتسليمها المطلوبين منهم.
وبموجب الاتفاق، تطالب طهران حكومة بغداد بنزع سلاح التنظيمات المعارضة والنشطة شمالي العراق حتى 19 سبتمبر/ أيلول الحالي، التي انتهت الثلاثاء الماضي.
ترحيب أممي
ووصفت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق (جينين بلاسخارت)، أن "ما تحقق من إخراج هذه المجاميع من الاتفاق والكهوف والملاجئ قرب الحدود ونقلها بعيداً عنها هي خطوة مهمة وكبيرة تتطلب منا مسؤولية حمايتها وإكمال تنفيذ المراحل الأخرى من الاتفاق".
تلويح ايراني
وفي تصريحات للتلفزيون الإيراني، الجمعة الماضي، قال قائد الأركان الإيراني محمد باقري، إن ما سمّاها بالجماعات الإرهابية والانفصالية في العراق ابتعدت عن الحدود مع بلاده، وإن الاتفاق الأمني بين البلدين، والذي تقرر إنهاء تنفيذه حتى الثلاثاء الماضي، ينص على نزع سلاح تلك الجماعات بالكامل.
وطالب باقري بتنفيذ ما جاء في الاتفاق -الذي وقّعه أمينا مجلسي الأمن القومي الإيراني والعراقي قبل نحو 6 أشهر- بشكل كامل، وشدد على ضرورة نزع أسلحتها بالكامل وطردها من العراق.
وأعلن أن القوات المسلحة الإيرانية "ستنتظر بعض الوقت وسترسل فرقا للتحقق من نزع سلاح تلك الجماعات ثم ستقرر بشأن ما ستتخذه من إجراءات".
تطمين عراقي
لكن مسؤولا عراقياً أكد ان الجماعات الكردية الإيرانية أصبحت بعيدة عن الحدود وقال وهو مسؤول في مستشارية الأمن القومي العراقي، إن "عمليات الإحلال والاستلام متواصلة، وهناك تجاوب كبير من قبل الجماعات الكردية الإيرانية مع بغداد في تجنيبها سيناريو عمل عسكري لا رابح فيه، نحن أو هم".
وأضاف أنه "تم لغاية الآن نقل 9 آلاف كردي إيراني وهم من عناصر الجماعات المعارضة وعائلاتهم إلى أماكن أخرى بعيدة عن الحدود الإيرانية بدرجة كافية جداً، مع سحب أسلحة مدفعية وقذائف ومدافع هاون من عيار 120 و82 ملم".
من جانبه، يرى الخبير الأمني العراقي فاضل أبو رغيف، أن نزع سلاح الجماعات المسلحة الإيرانية المعارضة قد يكون "جزئيا، وفي مناطق جغرافية محددة، وفق التجربة العراقية التركية فيما يتعلق بحزب العمال الكردستاني التركي، فضلا عن قيام العراق بنقل تلك الجماعات إلى مناطق أخرى وبجرد أسلحتها وإصدار أحكام مشددة حول استخدام السلاح".
ويقول أبو رغيف، إن عملية تنظيم تلك الجماعات ستكون أكثر أهمية من نزع أسلحتها، "وقد تكون هناك ردود فعل عنيفة من الجانب الإيراني في حال عدم تنفيذ الاتفاق من قِبَل تلك الجماعات خاصة حزبي "كوملة" و"الحياة الحرة الكردستاني المعارض". واعتبر أن الاتفاق "سيمر بطريقة سلسة لكن ليس بهدوء".
تفاؤل حذر
ومن المتوقع أن يبدأ سكان القرى العراقية الكردية التي هجرها أهلها بسبب مخاوف اندلاع مواجهات مع الجانب الإيراني، العودة تدريجياً إليها، وفقاً لما قاله مختار قرية ديبكة، شوان قادر، الذي اشار الى أن "التفاؤل بعودة أهالي القرى ينذر بزوال الأزمة، وعودة الحياة لأكثر من 90 قرية مهجورة أو شبه مهجورة في الشريط الحدودي الإيراني- العراقي جنوب أربيل وشمال السليمانية".
يُذكر أن الأحزاب الإيرانية المعارضة الموجودة في كردستان العراق والتي تتهمها طهران بتنفيذ عمليات مسلحة داخل أراضيها، تنتمي إلى مناطق كردستان إيران مثل محافظة كردستان، وكرمانشاه ومحافظة إيلام.
وهاجر المعارضون الكرد الإيرانيون إلى العراق لتشكيل معارضة على الحدود بين البلدين، وهم على الرغم من انتمائهم إلى قومية واحدة، يمتلكون خلفيات سياسية متعددة، وكثير من تلك الأحزاب يحمل أفكارا يسارية.
ومن أبرز تلك الأحزاب، الحزب الديمقراطي الكردستاني (حدك) والحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، وجماعة الدعوة والإصلاح، وحزب الحرية الكردستاني (باك)، فضلا عن حزب الحياة الحرة الكردستاني (بيجاك)، وحزبي "خبات" و"كوملة".
المصدر: بغداد اليوم + الجزيرة