بغداد اليوم - كُردستان
بعد مرور ثلاثة أيام من دخول الاتفاق الأمني بين بغداد وطهران حيز التنفيذ على الحدود الشمالية الشرقية للبلاد، عاد الهدوء الى تلك المناطق التي شهدت عمليات "كر وفر" للمعارضة الكردية المتواجدة داخل حدود الدولة العراقية منذ عقود، امام هجمات قوات الجيش الإيراني والحرس الثوري، والتي من المتوقع ان يعود اليها الاهالي قريباً بعد مسك الحدود من الجانب العراقي من قبل قوات الجيش الاتحادي.
وكشف مصدر أمني لـ"بغداد اليوم"، اليوم الجمعة (22 أيلول 2023)، عن تخفيف القوات الإيرانية لتحشداتها العسكرية على الشريط الحدودي مع العراق من جهة إقليم كردستان.
واكد المصدر، إن "القوات الإيرانية وتحديدا قوات الحرس الثوري خففت من تحشداتها العسكرية على الشريط الحدودي من جهة إقليم كردستان".
وأضاف أن "تخفيف الانتشار العسكري في مناطق مريوان وهورامان المقابلة لمحافظة حلبجة جاء بعد نقل مقرات الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة".
المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني رمضان شريف اوضح بتصريحات صحفية عقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، أن المنطقة بأكملها توصلت اليوم إلى نتيجة مفادها أنه يجب تدمير الجماعات الانفصالية.
ويؤكد بناءً على الاتفاقية المبرمة مع السلطات العراقية، بعد 30 عامًا، أن "تختفي جماعة (كومله) الإجرامية"، بحسب تعبيره.
ومساء الثلاثاء الماضي، أعلنت اللجنة العليا لتنفيذ الاتفاق الأمني المشترك مع إيران، والتي شكلتها الحكومة العراقية الشهر الماضي، وتضم عدداً من الوزراء والقادة الأمنيين من بغداد وحكومة إقليم كردستان- العراق، أنه "بناءً على التزام جمهورية العراق والجمهورية الإسلامية الإيرانية ببنود الاتفاق الأمني المشترك ومن خلال الجهود المشتركة من الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم واللجنة العليا المشتركة بين الدولتين، تم إخلاء المقرات المتواجدة قرب الحدود مع إيران والتي كانت تشغلها مجاميع المعارضة الإيرانية بشكل نهائي".
وأضاف أنه "سيتم إخراجهم من هذه المنطقة، وإذا لم يفي العراق بوعده، سنقوم بتدمير هؤلاء الإرهابيين بضرباتنا كما حصل من قبل".
وتابع شريف "نأمل أن تؤدي هزيمة أعمال الشغب العام الماضي واعترافات هذه الجماعات إلى تهيئة الظروف بحيث لا نشهد بعد الآن اختلال أمن بلادنا في أي جزء من البلاد".
30 ثكنة عسكرية مع الأسلحة
بدت القرى المحيطة بالحدود خالية تماماً من أي نشاط للجماعات الكردية الإيرانية المعارضة، خصوصاً حزب "الحياة الحرة" (بيجاك)، والحزب الشيوعي الكردي الإيراني "كوملة" وجناحه المسلح، والحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني المعروف اختصار بـ"حدكا"، ومنظمة "خبات" القومية الكردية التي تتبنى الخيار المسلح ضد ما تطلق عليه في أدبياتها "تقسيم الأمة الكردية"، في إشارة إلى الأكراد بالدول الأربع المتجاورة العراق وإيران وسورية وتركيا.
وأشار الى أن "معظم الأسلحة التي وصلت إلى أيدي مثيري الشغب العام الماضي جاءت من معابر كوملة. ورغم أنه بفضل يقظة عملاء استخبارات الحرس الثوري الإيراني، تم اكتشاف وتحييد معظمهم وتعرضهم لضربات صاروخية للقوات البرية، إلا أن العالم لا يزال غير مستعد للاعتراف بأن هذه المجموعات تعمل على زعزعة النظام. وأمل إيران بعدم دعم الشعب الكردي.
في إجراء هو الأول من نوعه منذ عام 1991، وصلت القوات العراقية النظامية أواخر الأسبوع الماضي إلى الحدود الشمالية الشرقية مع إيران من جهة إقليم كردستان العراق، وحققت انتشاراً واسعاً فيها، بعد انسحابها منها عقب غزو النظام العراقي السابق لدولة الكويت عام 1990، وما ترتب عليه من خروج المحافظات الشمالية ذات الأغلبية الكردية عن سيطرة بغداد.
القوات العراقية التابعة لحرس الحدود والجيش العراقي إلى جانب ضباط من جهاز المخابرات والأمن الوطني، نصبت ما لا يقل عن 30 ثكنة عسكرية مع أسلحة متوسطة وثقيلة ودروع، بمشاركة قوات البشمركة التابعة لإقليم كردستان- العراق.
وأعلنت الحكومة العراقية في وقت سابق، إخلاء مقرات مجاميع المعارضة الإيرانية، التي كانت موجودة داخل الأراضي العراقية الحدودية مع إيران، وذلك ضمن الاتفاق الأمني الذي وقعته بغداد وطهران الشهر الماضي.
وكانت طهران قد حذرت بشن هجمات عسكرية على تلك المواقع في حال لم تف بغداد بتعهدات حول إخلاء المقرات وإبعاد تجمعات المعارضة الكردية الإيرانية عن حدودها مسافة كافية.
5 معسكرات داخل البلاد
من جانبه، أكد وزير الدفاع ثابت العباسي، الثلاثاء (19 أيلول 2023)، إن وجود المعارضة الإيرانية الكردية انحصر في 5 معسكرات داخل البلاد.
وقال العباسي في تصريحات متلفزة تابعتها "بغداد اليوم"، إن "القوات العراقية انتشرت على الحدود مع إيران"، مبينا ان "الدستور العراقي لا يسمح بوجود أي تنظيم مسلح داخل حدودنا".
وشدد على انه "لا نسمح بالتجاوز على السيادة العراقية وهي خط أحمر، ولا نسمح باستخدام أراضينا تهديداً لأي من دول الجوار".
وأضاف أنه "لدينا طرقاً دبلوماسية وسياسية لحل المشكلات مع إيران وتركيا".
نقل 9 آلاف كردي إيراني
وفي السياق قال مسؤول في مستشارية الأمن القومي العراقي، بتصريحات لوسائل اعلام عربية، إن "عمليات الإحلال والاستلام متواصلة، وهناك تجاوب كبير من قبل الجماعات الكردية الإيرانية مع بغداد في تجنيبها سيناريو عمل عسكري لا رابح فيه، نحن أو هم".
وأضاف أنه "تم لغاية الآن نقل 9 آلاف كردي إيراني وهم من عناصر الجماعات المعارضة وعائلاتهم إلى أماكن أخرى بعيدة عن الحدود الإيرانية بدرجة كافية جداً، مع سحب أسلحة مدفعية وقذائف ومدافع هاون من عيار 120 و82 ملم".
ولفت المصدر نفسه إلى أنه "حالياً أصبحت الجماعات الكردية بعيدة عن الشريط الحدودي، والذي يُمسَك لأول مرة بشكل كامل من قبل القوات العراقية من قوات حرس الحدود وقوات البشمركة، بشكل مشترك ما بين الطرفين".
وقال إن "العراق لن يعلن عن أماكن نقل الجماعات الكردية المعارضة بمن فيهم عائلاتهم، وتم إعداد تجمعات مناسبة وآمنة لهم داخل الإقليم، بمسافة لا تقل عن 80 كيلومتراً من حدود العراق الدولية مع إيران". وأضاف أن ذلك جرى "بحضور ممثلين عن بعثة الأمم المتحدة، التي شاركت بشكل مباشر بتنفيذ الاتفاق الأمني، لما يحفظ سيادة العراق ويمنع أي عمل عسكري إيراني داخل الأراضي العراقية".
وأشار إلى أن "هناك وفداً إيرانياً عسكرياً سيجري زيارة رسمية داخل الشريط الحدودي الإيراني للاطلاع على نقل كافة مقرات الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة، من أجل إكمال باقي بنود الاتفاق الأمني"، لافتاً إلى أن "نقل المقرات يُعد أحد بنود الاتفاق وليس كله".
المصدر: بغداد اليوم + وكالات