بغداد اليوم - متابعة
تعرضت بساتين النخيل في العراق على مدى العقود الثلاثة الماضية لسلسلة من النكبات بفعل الحروب والأزمات الاقتصادية خلال فترة الحصار الاقتصادي على البلاد بعد 1991، وأخيراً جماعية التغيير المناخي والجفاف وعمليات تجريف البساتين لتغيير جنس الأرض وتحويلها من زراعي إلى سكني.
الخبير الزراعي حسين الشمري، في محافظة كربلاء حمّل الحكومات المتعاقبة ما وصل إليه العراق من تراجع في نسب تصدير التمور وإنتاجه وانقراض بعض من أنواعه.
وقال الشمري: إن "قلة المبيدات الحشرية والأسمدة جعلت القطاع الزراعي في تراجع مستمر، وهذا التراجع إثر حتى في إنتاج التمور، الأمر الذي اضطر به المزارع إلى تحويل البساتين إلى مساحات سكنية".
وأشار إلى أن "هناك بعض المبادرات الشخصية من أصحاب النفوذ في تمويل هذه البساتين لتطوير إنتاج النخيل وتحسينه".
وأضاف أن "العراق بدأ يخسر حتى الأنواع باهظة الثمن التي انقرضت، ومنها (البلكة، والبرحاج، والقرنفلي، والبرحي والمكتوم)، وكانت هذه الأنواع تضاهي الأصناف العالمية".
ويثير التفاوت الكبير بين أسعار التمور المحلية والمستوردة في العراق جدلاً واسعاً بين العراقيين والمختصين في القضايا الاقتصادية، فالتنافس واضح في السوق من خلال تعدد وكثرة أنواع التمور الإيرانية والسعودية والأردنية خصوصاً، بجانب العراقية، التي تراوح أسعارها ما بين ألفي دينار للكيلو غرام الواحد، وحتى عشرين ألف دينار (نحو 15.3 دولاراً).
ويعزو المختصون هذا التنافس إلى تراجع العراق في إنتاج التمور سنوياً بعد أن كانت حصته تتجاوز 10% من حجم الإنتاج العالمي، وفق بيانات حكومية، بينما لا تتجاوز حالياً 5%، فضلاً عن التغير المناخي الذي أثر في تساقط الأمطار وضعف الاهتمام الحكومي ما بعد 2003 الذي أسهم في انخفاض عدد النخيل من 32 مليون نخلة إلى 20 مليوناً، بحسب إحصاءات رسمية.
ويحتضن العراق أكثر أصناف التمور قياساً بدول العالم، فهو وحده يضم نحو 600 صنف، لتأتي بعده إيران وليبيا بنحو 400 صنف، فيما يتصدر صنف "البرحي" تمور العراق من ناحية الطعم والإقبال الداخلي والخارجي.
من جهتها تؤكد وزارة الزراعة استمرار العراق في إنتاج وتصدير كميات كبيرة من التمور لغاية اليوم، وبحسب إحصائية رسمية صدّر العراق أكثر من 650 ألف طن إلى بعض البلدان.
المتحدث باسم وزارة الزراعة، محمد الخزاعي، قال للصحيفة، إن "زراعة النخيل في تزايد مستمر، بعدما انخفضت ووصلت إلى 8 ملايين نخلة في عامي 2008 و2009، لكن أعدادها الآن تجاوزت 22 مليون نخلة، وهذا تطور مهم في إنتاج التمور".
ويوضح الخزاعي أن "مشاريع استثمارية كبيرة، كان لها الفضل بعودة زراعة النخيل، مثل بادية السماوة التي شهدت زراعة أكثر من مليوني نخلة، وكذلك مشاريع العتبات في كربلاء والنجف وباقي المناطق مثل الأنبار وغيرها".
وأكد أن "هناك إقبالاً من المزارعين على زراعة النخلة، بعد توافر شروط نجاحها وتحولها إلى مشاريع ربحية وإيجاد أسواق داخلية وخارجية"، لافتاً إلى وجود "توسع في زراعة النخيل النسيجي، عبر إدخال أصناف جديدة من الخارج، كالمجهول المغربي والإخلاص السعودي، والتونسي، إضافة إلى أصناف ذات نوعيات فاخرة وأسعار عالية".
وأشار إلى أن "ذلك التنوع يشجع على التوسع بزراعة النخيل، في خطوة تمهد لعودة العراق إلى التربع على سوق النخيل من ناحية الأعداد والإنتاج".
المصدر: العربي الجديد