بغداد اليوم - بغداد
تكاد لاتخلو حكومة فور تسلم مهامها في العراق، وعلى امتداد الحكومات ورؤساء الوزراء للحكومات الست التي تشكلت بعد 2003، من الحديث عن "عارض مهم" ومبرر لتلكؤ أعمالها وعدم إنجاز برنامجها الحكومي بشكل تام، وبالرغم من "الغضب" وعدم الرضا المستدام للأوساط الشعبية والمختصة من أداء الحكومات، وعدم الثقة بالنظام والطبقة السياسية، لكن هذا المبرر ربما يتفق عليه الكثيرون والمتمثل "بتراكم الملفات وتوريث المشاكل" من حكومة إلى أخرى.
هذا الأمر -وفقًا لمراقبين- قد يكون السبب المنطقي لعدم انجاز جميع الحكومات المتتالية لبرنامجها الحكومي بنسبة 100%، وبينما كان رؤساء الحكومات يقدمون أرقاما عن نسب الانجاز لبرنامجهم الحكومي تصل الى 70 أو 80%، كانت اللجان المختصة بمراقبة تنفيذ البرنامج الحكومي في البرلمان، لاتتعدى النسب المشخصة من قبلها بين 15 إلى 30%.
بحسب المراقبين، يمكن وصف هذه الظاهرة بـ "لعنة وعدوى مستمرة" حيث أن الحكومة التي ترث المشاكل والملفات العالقة، لم تتمكن من انجاز برنامجها بالكامل، بالتالي ستقوم بدورها بتوريث ملفات أخرى إلى الحكومة التي ستليها، وهكذا يستمر الامر بشكل "لعنة متسلسلة".
يقول المحلل السياسي أحمد الشريفي، ان الحكومة الحالية ورثت كوارث مختلفة من الحكومات التي سبقتها. مُعدًّا أن غياب المحاسبة هو من تسبب بهذا التوارث.
وذكر الشريفي، لـ"بغداد اليوم"، ان "أية حكومة جديدة تتشكل في العراق ترث مشاكل مختلفة من أزمات إقتصادية وأمنية وحتى أزمات دولية مختلفة، وهذا الأمر يكون عائقًا كبيرًا امام أي حكومة في تنفيذ برنامجها كونها مقبلة على أزمات مختلفة". على حدّ قوله.
وبين، ان "سبب هذا الإرث هو عدم وجود من يحاسب بشكل حقيقي أي مسؤول مهما كان منصبه او مكانته السياسية عن الكوارث والأزمات التي يتسبب بها من ملفات فساد او هدر للمال العام، ولهذا نجد أن أية حكومة جديدة تأتي تجد امامها مشاكل كبيرة تعمل على حلها وتترك تنفيذ ما يجب تنفيذه من البرنامج الحكومي".
وفي أوضح مثال على ما تحدثت عنه الحكومة الحالية برئاسة السوداني عن الملفات "المورثة"، هو ملف المحاضرين المجانيين والعقود، الذين تضاعفوا بشكل كبير خلال حكومتي عادل عبد المهدي ومصطفى الكاظمي وتحويلهم الى عقود 315 وتعيين الاف العقود في وزارة الكهرباء وباقي الوزارات التي تؤكد عدم حاجتها لهذه الاعداد، حتى اضطرت حكومة السوداني إلى تعيين وتثبيت قرابة 800 ألف موظف جديد ماتسبب برفع عدد الموظفين بنسبة 20% وبفاتورة رواتب اضافية ارتفعت من 41 تريليون إلى 62 تريليون دينار، بحسب تصريح سابق للسوداني.
ولعل أبرز ملف معروف ويعد إرثًا متعديًا لجميع الحكومات المتتالية وليس لحكومة واحدة- بحسب تقارير سابقة- هو ملف المحطات الكهربائية العاملة على الغاز، التي تورطت بها الحكومات من قبل حكومة سابقة، دون توفر الغاز اساسًا لتشغيل هذه المحطات، وهكذا حتى تحول "توريث الملفات وتراكمها" إلى لعنة مستمرة تحبط أي نجاح ممكن للحكومات المتتالية.