بغداد اليوم- البصرة
تستمر "وكالة بغداد اليوم الإخبارية" في حلقاتها الاستقصائية الخاصة بكشف تفاصيل حالات الفساد التي تحاول القيام بها إحدى "الشركات" المتهمة بالفشل في المشاريع الاستثمارية من خلال محاولتها الحصول على مشروع "طريق الفاو" بطول 80 كيلومترًا تحت اسم شركة أجنبية بحيلة قانونية بعد سحب الدعوة التي وجهت لها.
غطاء جديد بحيلة قانونية
ويقول مصدر مسؤول مُطلع في حديث لـ"بغداد اليوم": إن "الشركة التي تتهم بالفشل في تنفيذ المشاريع الاستثمارية تحاولُ الآن وبعد سحب الدعوة منها بتغيير اسمها أو الاستعانة بشركات أجنبية أخرى لتنفيذ مشاريع جديدة"، مضيفًا "ان الشركة فشلت في تنفيذ طريق الصناعية الذي يبلغ طوله 11 كيلومترًا وقد استلمت ذات الطريق عام 2012 تحت اسم (ش، د)، وعام 2019 غيرت اسمها ونفذته بطريقة فاشلة أيضًا، ونفذت طريق بطول 11 كيلومترًا ثلاث مرات بطريقة فاشلة خلال سبع سنوات".
وبحسب المصدر المسؤول -الذي ترك العمل مع الشركة المذكورة لأنه رفض أن يعمل وفق مشاريع متلكئة تسبب الضرر العام- فإن الشركة تحاول الآن استلام مشروع طريق الفاو بمساعدة وتدخل جهة متنفذة تدعي إن طريق الفاو تابع لها ومن حصتها وذلك من خلال طريقتين، الأولى منها ان "تأتي بشركة أجنبية لها أعمال ومشاريع مماثلة تكون نسبتها في المشروع واحد بالمئة والشركة الفاشلة 99 بالمئة وبعد استلام المشروع تتم عملية فض الشراكة وهي حيلة قانونية لابتلاع مشروع طريق الفاو والضرر به".
وأما الطريقة الثانية- وفقًا للمصدر- تأتي "الشركة الفاشلة باسم شركة أجنبية لكنها هي من تنفذ تحت عنوان المقاول الثانوي بعد أن يتم توقيع عقد خارجي بأن يكون المشروع للشركة الفاشلة والشركة الأجنبية تحصل على عمولة فقط مقابل زج اسمها لتخطي الوثائق القياسية لوزارة التخطيط".
ما موقف السوداني؟
ويؤكد المصدر، "رفض رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ومحافظ البصرة احالة الطريق إلى الشركة الفاشلة رغم الضغوط التي تمارسها الجهة التي تدعمها لكنها تُحاول الاحتيال بطرق مختلفة للحصول على المشروع".
ويشيد المصدر بموقف رئيس الوزراء بوصفه إياه بـ"الشجاع البطل"، وذلك لتعامله مع الأمر وفق ما تقتضيه مصلحة العراق، دون الاكتراث بتصرفات "مدير الشركة الفاشلة". على حدّ وصفه.
ويضيف ان "مدير الشركة الفاشلة بعد ان يأس من تمرير شركته بعد رفضها من قبل رئيس الوزراء ومحافظ البصرة بدأ يتواصل مع شركات أجنبية بعضها رفضت وأخرى أبدت موافقة مبدئية عن ذلك".
وطالب المصدر "بغداد اليوم" الإستمرار في كشف ملفات الفساد في مشروع "طريق الفاو". محذرًا في ذات الوقت الجهات المعنية من تمرير شركة أجنبية لها عقد شراكة مع "الشركة الفاشلة" لدعم فشل طريق الفاو المؤدي لميناء الفاو لما له من أهمية اقتصادية كبيرة
السوداني يستجيب بعد ما نشرته "بغداد اليوم"
وفي 16 آب الماضي، كشف مصدر رفيع المستوى في ديوان محافظة البصرة عن صدور توجيهات من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بالغاء الدعوة المباشرة التي وجهت لشركة "فاشلة" لتنفيذ مشروع طريق الفاو.
وقال المصدر لـ"بغداد اليوم" إن "أخبار بغداد اليوم الاستقصائية التي كشفت خفايا ما يحصل بقسم العقود في ديوان محافظة البصرة أحدثت ضجة كبيرة وصلت إلى مسامع السوداني الذي بدوره وجه بإيقاف كافة الاجراءات غير القانونية".
وأوضح، أن "الدعوة المباشرة إلى الشركة التي فشلت بتنفيذ طريق طوله 11 كيلومترًا قد ألغيت وصدرت توجيهات من رئيس الوزراء لإعادة الدعوة لشركات رصينة وإبعاد الشركة الفاشلة".
المصدر أكد أيضًا، أن "التوجيهات صارمة بخصوص مشروع طريق الفاو الذي يبلغ طوله 80 كيلومترًا، كونه طريق استراتيجي وله أهمية اقتصادية كبيرة وينبغي احالته إلى شركة لها أعمال مماثلة لتنفيذ مثل تلك الطرق السريعة".
كيف بدأت "بغداد اليوم" بكشف قصة الفساد؟
فريق الاستقصاء لدى "بغداد اليوم" كان قد سلط الضوء على أسماء "حيتان الفساد" بأحد المشاريع في البصرة ودور رئيس الحكومة في إجهاض مساعي الاستحواذ على تلك المشاريع الحيوية.
وللغوص في غمار القصة الكاملة، فقد تحدّث مسؤول قسم معني في ديوان محافظة البصرة، يوم 9 آب الماضي، عن محاولات إحالة مشروع طريق الفاو، جنوبي البصرة، لشركة متلكئة وتوصف بـ"الفاشلة" والتي كشفتها "بغداد اليوم" قبل عملية الإحالة التي تحاول جهات متنفذة تمريرها خلافًا للقانون.
وقال مسؤول القسم الذي رفض الكشف عن اسمه لـ"بغداد اليوم" إن "مسؤولاً كبيرًا استحصل موافقة رئيس الحكومة محمد شياع السوداني لإحالة المشروع وفق نظام الإحالة المباشرة لثلاث شركات هي، (النرجس، ماء السماء، وسهل العراق)".
وأوضح، أن "العملية كانت عبارة عن خدعة لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، حيث تم دعوة اثنين من كبار الشركات هي (النرجس وماء السماء) لكن تمت إضافة شركة متلكئة وفاشلة وهي (سهل العراق).
وأكد، أن "المسؤول الكبير في البصرة اتصل بمديري شركة (النرجس وماء السماء) وأبلغهم أن المشروع خاص به ويجب أن يُحال لشركة (سهل العراق) وحذرهم من تقديم عطاءات حقيقية بل طلب منهم تقديم عطاءات "شكلية" حتى يتسنى لشركة (سهل العراق) الظفر بالمشروع".
تمثيلية لخداع السوداني
المصدر وصف ما حصل بـ"خدعة وتمثيلية" أحيكت لخداع رئيس الوزراء، وإيهامه أن الدعوات تمت وفق مبدأ الشفافية، لكن ذلك لم يحصل وكانت منافسة شكلية تخضع لضغط المسؤول الكبير الذي خدع السوداني، فضلاً عن ضغط جهة حزبية مسلحة معروفة".
ونوه مسؤول القسم إلى أن "شركات رصينة ولها أعمال مماثلة استُبعدت من الإحالة المباشرة وهي التي نفذت طريق ام قصر- سفوان والذي يعد من افضل الطرق وأكثرها رصانة بعد عام 2003، مؤكدا، أن "شركات رصينة نفذت مقاطع من الخط السريع بين البصرة وبغداد فضلاً عن الشركة التي نفذت طريق 150 في أربيل، والشركة التي نفذت مرحلة من طريق الفاو".
ويضيف المصدر، أن" شركة خطيب وعلمي اللبنانية" والتي يبلغ راتب المهندس اللبناني فيها أكثر من (ثلاثين مليون دينار)، هي من صممت وسعّرت وهي من ستشرف على المشروع وتأخذ دور المهندس المقيم بعد أن رفعت التسعيرات التي وضعتها الدوائر المستفيدة ورفعت الأسعار بذريعة وضع فقرات، هي بالغالب فقرات سطحية أو تُرفع لاحقا، كما حصل في مشاريع البنى التحتية في مناطق الطوبة والنخيلة والزبير والقرنة".
وحاولت "بغداد اليوم" في حينها التواصل مع الأسماء الواردة في "خبر المصدر" لكن دون جدوى، وحفِظت الوكالة "حق الرد" لكل مَن ورد اسمه.
النزاهة على الخط
وفي 4 آب الجاري، وجه لفيف من موظفي قسم العقود بديوان محافظة البصرة، نداء الى هيئة النزاهة للتحقيق بإحالة مشروع طريق الفاو الى شركة "لم تستوفِ الشروط" على حد تعبيرهم.
وناشد المواطنون عبر "بغداد اليوم"، رئيس هيئة النزاهة الاتحادية القاضي حيدر حنون لمتابعة إجراءات إحالة مشروع طريق الفاو لشركة "سهل العراق".