بغداد اليوم - متابعة
تُسجّل المستشفيات العراقية حوادث اعتداء متكررة للكوادر الطبية والموظفين وحتى عناصر أمنها، في مشهد يؤكد أن مؤسسات الدولة عرضة للانتهاكات والاعتداءات المستمرة.
ووسط عجز حكومي عن منعها وتوفير الحماية، يؤكد مواطنون وناشطون ضرورة اتخاذ إجراءات عقابية بحق المعتدين مهما كانت جهات ارتباطهم.
واليوم الجمعة، سجل اعتداء على كوادر طبية داخل مستشفى ابن الخطيب.
ووفق رواية وزارة الصحة، فأن ضابطاً برتبة كبيرة في وزارة الدفاع وأفراد حمايته، معتبرةً ماجرى هو تعدي سافر وتؤكد مضيها بالإجراءات القانونية بحق المعتدين".
وأوضحت ان "ماجرى هو وفاة امرأة بالحمى النزفية كانت راقدة في مستشفى ابن الخطيب ببغداد وبعد إكمال إجراءاتها الادارية والفنية من أوراق رسمية وكيس معفرات واثناء التوثيق الأصولي لغرض رفعه الى دائرة الصحة العامة من قبل احد الممرضين، فوجئ الممرض بالاعتداء عليه بالضرب من قبل ذوي المتوفية بحضور والدهم الضابط برتبة كبيرة في وزارة الدفاع ومرافقيه من دون سابق انذار او مقدمات".
وأكدت الصحة "انها ماضية بالإجراءات القانونية بحق المعتدين ولن تتهاون بالأمر بأي اعتداء يطال مؤسساتها وملاكاتها بكافة الاختصاصات وستكون السد المنيع لهم ولحقوقهم".
وكانت الاعتداءات على الأطباء قد تراجعت خلال العام الحالي قياساً بالأعوام التي سبقته، إذ سجلت مستشفيات العراق خلال العام 2022 حوادث اعتداء مستمرة، طاولت عشرات الأطباء داخل المستشفيات لأسباب عدة، منها عدم نجاح عملية، أو اتهامهم بالتقصير في أداء واجباتهم. وتعرّض كثيرون لضرب مبرح من قبل ذوي المرضى أو العشيرة، الأمر الذي أدى أحياناً إلى إصابتهم بجروح.
ويشكو الأطباء عدم وجود حماية أمنية خلال ممارستهم العمل.
وتُوجَّه انتقادات كبيرة إلى الجهات المسؤولة لعدم توفيرها الحماية اللازمة للكوادر الطبية، وعدم تأمين أجواء صحية للعمل في المستشفيات والحفاظ على كرامة الأطباء.
وأقدمت وزارة الصحة بالتعاون مع الجهات الأمنية على تشديد الحماية داخل المستشفيات، وتوعدت بالتعامل بحزم مع الاعتداءات واعتقال كل من يعتدي على طبيب وإحالته إلى القضاء.
وخلال ثلاثة أيام فقط خلال الأسبوع الجاري، سجلت مستشفيات بغداد حادثي اعتداء، وقع الأول في مستشفى البنوك الأهلي، فيما سجل اليوم الجمعة اعتداء على كوادر طبية داخل مستشفى ابن الخطيب.
والأول من أمس الأربعاء، اعتدت مجموعة "خارجة عن القانون" على أمن مستشفى البنوك الأهلي في بغداد، عندما حاول الأمن منعهم من دخول ردهة النساء، وقد تعرض العناصر الأمنيون إلى الضرب المبرح وهو ما تسبب بإصابة عدد منهم بجروح وكدمات، وكسر أنف أحدهم وتعرض آخر إلى طعنات بسكاكين، أحيلوا إثر ذلك إلى المستشفى للعلاج، فيما أكدت محطات إخبارية محلية أن "المعتدين كانوا مع نجل أحد قادة فصيل عراقي مسلح متنفذ".
ولم تعلق وزارة الصحة رسميا على الحادثين، ولم تعلن اتخاذ أي إجراءات لمحاسبتهم أو إحالتهم إلى التحقيق.
من جهته، انتقد عضو نقابة الأطباء العراقيين معد الحياني استمرار الحكومة والجهات المسؤولة بعدم توفير الحماية للمستشفيات ودوائر الدولة والكوادر الطبية والموظفين، وقال الحياني، في تصريح صحفي، إن "المشكلة تكمن في ضعف الإجراءات الأمنية في المستشفيات، وفي أن الجماعات المسلحة والمنتمين لها و للأحزاب لا يريدون الالتزام بالنظام والقانون، ويعتمدون مبدأ القوة في مؤسسات الدولة ومنها المستشفيات".
وأكد أن "أغلب تلك الاعتداءات ينفذها أشخاص مرتبطون بالأحزاب والمليشيات، ويرفضون أن يطبق القانون عليهم في أي مؤسسة من مؤسسات الدولة"، محملا الحكومة "مسؤولية هذه الفوضى، وضرورة وضع حد لهذا الانفلات والاستهتار بالأنظمة والقوانين والاعتداء على موظفي الدولة".
وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، انتقد مدونون وناشطون ما أسموه بـ"استهتار أبناء المسؤولين"، واعتداءاتهم داخل المستشفيات، وقال المدون ولاء أحمد، في تغريدة له: "استهتار أبناء المسؤولين والسياسيين..."، موجها سؤالا باللهجة العراقية إلى رئيس الوزراء "جاي تشوف؟" أي هل ترى؟".
ويفرض القانون العراقي عقوبات على كل من يعتدي على موظف حكومي في أثناء أدائه واجبه، ومنهم الأطباء.
وبحسب إحصاءات رسمية، فإن 72 ألف طبيب عراقي ما زالوا خارج البلاد، ودفعتهم الظروف الأمنية والتهديدات التي تعرضوا لها إلى الهجرة، إذ إن عدد الأطباء الاستشاريين ممن يقيمون في العاصمة البريطانية لندن وحدها يقدر بنحو 4 آلاف طبيب، وهذا عدا عن الأطباء الجدد.
أما في عموم بريطانيا، فعددهم يبلغ 60 ألف طبيب.
أما في دول أوروبية أخرى والولايات المتحدة وأستراليا ودول الخليج، فهناك ما لا يقل عن 12 ألف طبيب، في وقت يعاني فيه العراق من نقص في أعداد الأطباء الاستشاريين.